شهر رمضان.. شهرُ القرآن (ربيع القرآن) عندما نقول بأنّ شهر رمضان هو شهر القرآن، فإنّنا نعنى به المعانى الآتية: أنّ القرآن نزل فيه لقوله تعالي: :شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ»البقرة/ 185. وأنّ ليلة عظيمة من لياليه هى التى أُنزل فيه القرآن وهى (ليلة القدر) التى قال الحقّ فيها وفى القرآن: «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ» القدر/ 1. وهى ليلة وترية مميزة تتكرر كل عام هجرى فى العشر أيام الأخيرة من شهر رمضان، حيث إن الرسول وصانا أن نلتمسها فى هذه الأيام الوترية، وقد ذكر فى صحيح البخارى أنّ النبيّ - عليه الصلاة والسلام- قال «فَالْتَمِسُوهَا فى العَشْرِ الأوَاخِرِ» و أنّ أجواء الشهر الكريم مناسبة ومساعدة على قراءة القرآن وختمه والتدبُّر فيه، سواءً فى نهاره إنْ كان ثمة متسعٌ من نهار، أو فى لياليه التى هى أفضلُ الليالى . ولاستقبال شهر رمضان، و فضل مَن قرأ آية فيه عن غيره من الشهور. وقد تكون فرصة الشهر مواتية للقراءة الواعية بالتدبُّر والمدارسة واستلهام المعانى والدروس فتزداد علاقة المسلم بكتاب الله تعالي. وربّما يكون شهر رمضان بداية عهدٍ وعقد جديدين بين القرآن وبين الإنسان المسلم الذى يتلو آياته، «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» نفهم أنّ للشهر الفضيل بالقرآن علاقة (تاريخ الميلاد) ب(المولود). ثم إن فى شهر الصيام مدرسة للقرآن لمن التفت إلى الله فيه وأكثر من قراءته، فإنه مع ما يجنيه من الثواب العظيم بمضاعفة الحسنات يحصل له التدريب على مواصلة قراءة القرآن خارج رمضان، ويحفزه ذلك على تدبر الآيات وتعقلها ومحاسبة النفس عليها، ليكون من التالين كتاب الله حق تلاوته بمعرفة معانيه، والوقوف عند حدوده بفعل ما أمر الله. وقد يكون ذلك سبباً لسعادته وراحة لقلبه إذا انشغل به عما سواه. – الصيام يجعل هناك صلةً بين العبد والقرآن الكريم، من خلال استحضار الإنسان أنّ القرآن الكريم أنزله الله -تعالي- فى شهر رمضان المبارك. والقرآن يشفع لك يوم القيامة يقول النبى صلى الله عليه وسلم : « الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام: أى ربى إنى منعته الطعام والشهوة ، فشفعنى فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل ، فشفعنى فيه ، قال: فيشفعان « رواه أحمد». قال الألبانى رحمه الله : ( أى يشفعهما الله فيه ويدخله الجنة) . ولقد أدرك سلفنا الصالح عظمة هذا القرآن ؛ فعاشوا معه ليلاً ونهاراً. قيل: لرجل ألا تنام ؟ قال : إن عجائب القرآن أطرن نومى، وقال آخر: إنى لأقرأ القرآن، وانظر فى آية ، فيحير عقلى بها وأعجب من حفاظ القرآن، كيف يهنئهم النوم، ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما إنهم لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه ، وتلذذوا به ، واستحلوا المناجاة به، لذهب عنهم النوم فرحاً بما رزقو.