يُطل مسجد الديرى القابع وسط أقدم أحياء بنى سويف على المدينة القديمة كدرة تاج فى بستان تزيده بهاء، ويبدو كتحفة فنية للمعمار الإسلامى الذى زاده روعة وجمالا.. «الأهرام المسائي» تجولت داخل جدران المسجد التاريخى لتصف لكم نسق اللوحة الربانية فى حى الديرى العتيق وتوسط المسجد للبيوت التى تنافسه فى القدم ذات المشربيات التى تغزل أشعة الشمس لتخرج منها الأضواء كخيوط الحرير الملونة وتعكسها على ما تشاء من جدران وأفنية حولها.. بالحى الأصيل الشهير فى «لؤلؤة الصعيد». يتوسط المسجد صانعو الفوانيس اليدوية وعشرات من الحرف التراثية القديمة، بحيث لا تستطع أن تفرق إن كنت فى شارع المعز بالقاهرة أم بجوار بيوت الجمالية ومنطقة سيدنا الحسين أم أنك داخل مسجد الديرى ببنى سويف، فالطرز موحدة والفن الإسلامى جمع الأصالة والتفوق والإبهار الهندسي، ولم يقف الحى عند هذا الجمال بل زاده بهاء وجود مسجد الدهشورى الشهير بمآذنه «أبراج الحمام»، ومن حسن الطالع أن المنطقة العتيقة لم ترضخ أمام محاولات زحف السيارات والصخب فى الوصول إليها بعد أن ضاقت بممراتها وأبت إلا أن يدخل الأهالى إلى المكان مترجلين فقط ليكتمل شعورك الخالص بعبق التاريخ فى حضرة الفن الإسلامى ونغماته الموسيقية الفريدة. ويعد مسجد الديرى من الآثار الإسلامية الشهيرة، حيث كُتب على شاهد المسجد أعلى البوابة الرئيسية له:" أنشأ هذا المسجد الشريف بالمساعى الخيرية الهمام درويش بيك الديرى عام 1327 ه". والمسجد عبارة عن مساحة مستطيلة تزيد على ال 600 متر مربع تحتوى على أعمدة رخامية، ومحرابه عبارة عن حنية دائرية يكتنفها عمودان مدمجان من الرخام، وتجمل المحراب الزخارف النباتية والهندسية المذهبة، والمسجد له سقف خشبى تتوسطه زينة مغشاة بالزجاج الملون، وهو مزين بزخارف نباتية، ومئذنة المسجد التى تتوسط الواجهة الشمالية الغربية تعد تحفة معمارية، فهى عبارة عن قاعدة مربعة، يليها جسم مثمن، ثم دورة المؤذن، يعلوها جسم اسطواني، تعقبه دورة أخري، تليها قمة المئذنة وهى بصلية الشكل وتنتهى بهلال من النحاس. وتتميز المئذنة بزخارفها الهندسية والنباتية، بالإضافة إلى »المقرنصات« والعقود والأعمدة المدمجة. ويقول عماد عبد الخالق الديرى أحد أحفاد درويش بك الديرى الذى بنى المسجد إنه تم بناء هذا المسجد منذ أكثر من 125 عاما، وكان له أبعدية بقرية النويرة مركز إهناسيا تقدر ب 250 فدانا، حيث أوقف مساحة 25 فدانا منها لله تعالى و لهذا المسجد، وأنجب هذا الرجل أربعة أبناء هم أحمد، عبد الجواد، محمد، وعزيزة ». ويضيف الشيخ سيد زايد إمام وخطيب المسجد، إن المسجد يمتاز بالأعمدة الرخامية النادرة، فضلا عن دكة المؤذن التى كان يصعدها المؤذن قبل اختراع مكبرات الصوت (الميكروفونات ) ليبلغ تكبيرات الإمام للمأمومين. ويؤكد محمد جابر بدر من خادمى المسجد أن أجواء المسجد تأسر قلب أى زائر ، مشيرا إلى الطريقة الهندسية العظيمة التى بنى بها المسجد.. قائلا : إنه يعد من المساجد النادرة التى تخلو من تكييفات الهواء، خاصة وأن الشباك الواحد طوله يصل إلى 3 أمتار طولا، ومحاط بمنور تم بناؤه بشكل يجعل الهواء يتدفق على مرتادى المسجد، مشيرا إلى أن المسجد لا يزال يحتفظ بأبوابه القديمة خاصة فى دورات المياه.