لواء دكتور محسن الفحام كنت حريصًا ألا أتناول مسلسل الاختيار 2 الذي يتحدث عن بطولات رجال الظل وهم رجال الأمن الوطني - أمن الدولة سابقًا - وهو تعبير من وجهة نظري جانبه الصواب؛ لأنهم رجال النور والعطاء الذين ضحوا بحياتهم فداء لوطنهم، وكانت جنازاتهم العسكرية عبارة عن عرس واحتفالية تزف هذا الشهيد إلى الجنة فلم يكونوا أبدًا من رجال الظل.
المهم أننى راجعت العديد من قياداتي الذين تشرفت بالعمل معهم خلال مرحلة من مراحل تلك العمليات البطولية التى قام بها هؤلاء الأبطال واتفقنا أن يكون تناولنا لما دار فى هذا المسلسل ينصب على أمور محددة ومحدودة من منطلق التزامنا بمبدأ "المعرفة على قدر الحاجة" وهو مبدأ يلتزم به كل من يلتحق بالعمل في الأجهزة الأمنية المعلوماتية حتى لا تتسرب أي معلومة عن طبيعة إحدى العمليات المهمة التى يتم تكليف مجموعة معينة بها دون أن تعرف ذلك باقى المجموعات الأخرى حتى عوائلنا وأهلنا لم يكن يعلموا طبيعة معظم العمليات التي كان يتم تكليفنا بها.
وقد فضلت أن أتناول هذا المسلسل التاريخي بعد عرض نصف حلقاته تقريبًا على أن استكمله بعد الانتهاء منه بإذن الله، وذلك حتى يمكن للقارئ العزيز أن يستوعب ما سوف أعرضه عليه.
في البداية لابد أن أوجه الشكر لجميع الذين شاركوا في إخراج هذا العمل البطولى الرائع سواء من الفنيين أو الفنانين، وكذلك على تلك التسهيلات التى تم تقديمها لهم من قبل وزارة الداخلية والقوات المسلحة حتى يخرج العمل بمثل هذه الروعة والدقة والمصداقية.. لقد نجح هذا المسلسل في أن ينقل صورة حقيقية لطبيعة عمل جهاز الأمن الوطنى الذى حاولت جماعة الإخوان الإرهابية وأبواقها الممجوجة الكاذبة، وكذلك منظمات حقوق الإنسان المأجورة أن تنقل صورة سلبية وحشية عما يقوم به رجال هذا الجهاز المنوط إليهم حماية الجبهة الداخلية من أعمالهم الإرهابية والتخريبية التى تهدف إلى ترويع الآمنين ونشر الفتن والأكاذيب لتدمير الدولة من الداخل والسيطرة على مقدراتها وتقسيمها وتقديمها لقمة سائغة لأعداء الوطن الذين يمولون الأعمال الإرهابية التى تقوم بها تلك الجماعة والتنظيمات التى تدور فى فلكها.
فى البداية يجب أن نؤكد أن جميع الأسماء الواردة فى المسلسل للضباط الذين استشهدوا هى أسماؤهم الحقيقية بالفعل، وأعتقد أن ذلك أكبر تكريم لهم يجب أن نفخر ويفاخر به عائلاتهم وأبنائهم وهم يرونهم يعملون بكل الجد والفداء لحماية وطنهم فهنيئًا لكم شهادة هؤلاء الأبطال وهنيئًا لكم نظرة الفخر والاحترام التى ينظر بها شباب الوطن حاليًا لهؤلاء الأبطال؛ حيث ينتظرون بكل شغف موعد تلك الحلقات؛ بل وإن العديد منهم يراها أكثر من مرة فى اليوم الواحد.
يأتي مسلسل الأختيار 2 ليوثق مرحلة هامة من تاريخ الوطن جميعنا عايشها.. فتاريخها ليس ببعيد؛ ولذلك فإن جميع ما جاء فيه غير قابل لتزييف أو تحريف تلك الأحداث التي لا يفصلنا عنها سوى سنوات قليلة.. إنه تاريخ نحن جميعًا شهود له وشهداء عليه.. تاريخ عايشناه وتجرعنا مرارته؛ حيث حاول أعداء الوطن سرقته وتدميره وتخريبه.. تجرعنا المرارة ونحن نرى الأم الثكلى والزوجة التى ترملت والابنة التي تيتمت وأوجاع أخرى كثيرة كان أكثرها إيلامًا ذلك الشعور بأن هذا الوطن قد ضاع ولن يعود..
ولكن شاءت إرادة الله أن يخيب قصد الخائنين بفضل هؤلاء الرجال الشرفاء الذين ضحوا بأرواحهم لإحباط هذا المخطط.. ولاشك أن تلك الحلقات التي تم عرضها حتى الآن أثبتت للعالم مدى خسة وخيانة هؤلاء المتأسلمين، ومن المؤكد أن نظرة العالم لهم سوف تتغير كلما تم عرض جزء من مخططاتهم لتدمير المنطقة بأسرها وتأكيد أكاذيبهم مثلما حدث إبان فض اعتصام رابعة.. وهنا أيضًا يجب أن أشير إلى ذكاء فكرة الترجمة الفورية للحلقات للوقوف على تلك الحوارات الإجرامية والخيانية التى كانت تتم بين هؤلاء المجرمين وبعضهم.
يبقى أن أشير إلى أنه إذا كان هذا العرض المتميز الذى نراه يوميًا بكل الشغف والاهتمام قد ألقى الضوء على خيانة الضابط محمد عويس للشهيد البطل محمد مبروك والإرشاد عنه مقابل حفنة من الأموال أودت به إلى القبض عليه وإيداعه فى غيابات السجون انتظارًا لعدالة السماء والقصاص منه وتطبيق شرع الله....إلا أنه ايضًا نقل صورة ذهنية حقيقية لطبيعة شخصية وعمل ضباط جهاز الأمن الوطني "أمن الدولة" والضغوط والمخاطر التى يتعرضون ويتصدون لها يوميًا وأنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فهم أبناؤنا وأخواتنا وأقاربنا حياتهم هى ذات الحياة الإنسانية الطبيعية التى نعيشها جميعًا وليسوا مثلما يحاول أعداء الله والوطن من الإخوان والخونة والتكفيريين أن يطلقوا عليهم مصطلح "الطواغيت" زورًا وكذبًا وافتراء وبهتانًا. وللحديث بقية بإذن الله.