«الشيخ سعيد» تتذوق طعم الخدمات.. و«العونة» تترقب تبدلت الأحوال داخل قرى أسيوط من حرمان وتهميش إلى اهتمام كبير من خلال خلية نحل تعمل بشكل متواصل على مدار الساعة تنفيذا للمشروع القومى لتنمية الريف تحت مظلة مبادرة «حياة كريمة»، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث تحولت القرى الفقيرة التى شملتها المرحلة السابقة من المبادرة إلى نموذجية بعد إعادة تأهيل منازلها وتوصيل الخدمات إليها، وإنشاء المدارس والوحدات الصحية والبيطرية. فيما يتطلع أهالى قرى المرحلة الجديدة إلى تحقيق أحلامهم وانتهاء متاعبهم مع مشكلات مزمنة. وشهدت عزبة الشيخ سعيد التابعة لمجلس قروى المعابدة بمركز أبنوب والتى تم إدراجها ضمن المبادرة خلال مرحلتها السابقةطفرة فى الخدمات؛ حيث كانت واحدة من توابع القرى الأكثر فقرا واحتياجا والتى ظلت لسنوات فى طى النسيان ومع غروب الشمس تتحول العزبة لما يشبه المقابر، ومن يصاب من أبنائها بمكروه ينتظر حتى الصباح مستسلما لقدره تماما حتى وإن كان الموت مصيره وقد ساعد فى هذه العزلة وجودها فى حضن الجبل كما أن الطريق الرئيسى لها غير صالح لسير الدواب ناهيك عن المركبات وهو ما فطنت له أجهزة المحافظة وبادرت بتوفير سبل الحياة الكريمة للقرية المحرومة. يقول محمود عامر سويفى عامل إن القرية تقع فى حضن الجبل وحينما جاءت السيول منذ عامين جرفت المنازل ودمرت الحياة تماما داخل القرية وفوجئنا عقب ذلك بمسئولى المحافظة يعيدون لنا الأمل بضم القرية لمبادرة «حياة كريمة» والتى تم بفضلها إعادة تأهيل المنازل وتوصيل الخدمات لنا، فضلا عن تمهيد الشوارع لتتحسن حالة الطرق تدريجيا لحين الانتهاء من مشروع الصرف الصحى والمياه ومن ثم رصفها. ويضيف سيد محفوظ عبد الله خريج جامعى إن ما حدث بالقرية هو درب من الخيال، حيث كانت تعتمد على مياه الطلمبات الحبشية لضعف وصول مياه الشرب إليها وتهالك الخط القديم وعدم قدرته على الوفاء باحتياجات الأهالى لذا قامت على الفور شركة مياه الشرب بإنشاء شبكة جديدة للمياه وربطها بمحطة المياه المرشحة بالمعابدة لنتذوق طعم المياه النظيفة لأول مرة داخل القرية وهو ما كان بمثابة الحلم لنا، لذا نتوجه بالشكر للرئيس السيسى. ويشير مصطفى محمود أحد الأهالى إن عزبة الشيخ سعيد تعد واحدة من أشد القرى فقرا واحتياجا، حيث يعيش أغلب سكانها تحت خط الفقر ويشتغلون بالزراعة وهو ما انعكس على حياتهم المعيشية، فكثير من منازل القرية بدائية ومبنية من الطوب الأبيض البلوك ونظرا لوجود القرية فى حضن الجبل فكان من الطبيعى أن تكون حياتهم أشبه بالبدائية لذا ظلوا طوال السنوات الماضية فى عزلة حقيقية وحرمان من الخدمات حتى تنبهت الحكومة وقامت مؤخرا برفع المعاناة عنها ونتمنى مزيدا من الخدمات لتنميتها خصوصا أن أهالى العزبة بدأوا يشعرون أنهم لا يزالون على قيد الحياة، ونشكر الرئيس السيسى على اهتمامه بنا وتوجيه المسئولين نحو انتشالنا من الفقر. ويرى عصام أحمد جابر مزارع أن ما حدث من تطوير هو أمر يفوق توقعات الأهالي، ويطالب بإقامة مجمعات صناعية وتجارية داخل القرى لتحويلها إلى منتجة، حيث إن المشكلة التى تواجهنا هى العمالة الموسمية المرتبطة بموسم الحصاد وجنى ثمار الفاكهة وباقى أيام السنة يجلس الشباب على المقاهى بحثا عن عمل. مشروعات متنوعة أكد تاج أبو سداح رئيس مركز ومدينة أبنوب أن عزبة الشيخ سعيد تعد نموذجا من ضمن عشرات القرى والعزب والنجوع التى تمت إعادة تأهيلها ضمن مبادرة « حياة كريمة »؛ حيث تم تركيب خط مواسير مياه 4 بوصة بطول 220 مترا بدلا من الخط القديم المتهالك ومعالجة ضعف المياه بالعزبة من خلال ربط العزبة بمحطة المعابدة المرشحة والتى تبلغ طاقتها الإنتاجية 117 لتر كوثانية، حيث تم تركيب بوستر مياه بطلمبة 6 بوصة، وموتور مياه قوة 30 حصانا من المحطة إلى شبكة مياه العزبة لزيادة كمية المياه التى تضخ للعزبة لارتفاعها عن المنسوب الطبيعى لوقوعها بالقرب من سفح الجبل ويبلغ التعداد السكانى لأهالى العزبة والمستفيدين من هذا العمل نحو 5 آلاف مواطن، كما تم إجراء صيانة وإحلال وتجديد لمدرسة عزبة سعيد. وأشار إلى أنه فى مجال الكهرباء تم تركيب موصلات (أسلاك) بطول2 كيلو متر، كما تم رفع قدرة محولين من200 إلى 300 كيلو وات، فيما تم تركيب 30 كشاف إنارة لإنارة شوارع القرية والقضاء على الظلام، كما تم تنظيم عدد من القوافل الطبية والبيطرية التى أسهمت فى تشخيص وعلاج حالات كثيرة من المرضى وكذلك الحيوانات والماشية..وجارى استكمال عدد من المشروعات. «العونة» تطلب العون وفيما سادت فرحة غامرة على أهالى قرية العونة التابعة لمركز ساحل سليم الذى اختير كأول مراكز المحافظة لتنفيذ مبادرة تطوير الريف المصري، عبر الأهالى عن مطالبهم واحتياجاتهم خلال الجلسات التشاورية التى أجراها مسئولو المبادرة تمهيدا لبدء العمل بالقرية وانتشالها من الفقر المدقع الذى تعيشه. ويقول مصطفى خليفة موظف إن قرية العونة كانت تبحث عن عون حقيقى حيث إن القرية مهملة تماما ويعشش بها الفقر، خاصة بعد انتشار البطالة بين شبابها ورجالها الذين يعملون عمالة موسمية تعتمد على الزراعة وهو ما دفع العديد من الشباب إلى هجر القرية والسفر إلى الخارج أو القاهرة أملا فى تحسين الأحوال المعيشية التى تتدهور يوما بعد يوم. ويضيف جمال سيد أحد الأهالى أن انتشار القمامة من أخطر المشكلات التى يواجهها أهالى القرية حيث باتت تحاصر منازلنا عقب تراكم تلالها واختفاء عمال النظافة وتخمر هذه التراكمات المخيفة وانبعاث روائح كريهة منها تسبب أزمة تنفسية للمواطنين المقيمين حولها ويضطر هؤلاء المواطنون إلى إشعال النيران بها للتخلص منها وهو ما يؤدى إلى انبعاث أدخنة كثيفة أصابت الأهالى بالأمراض الصدرية. ويشير أحمد محمود من أهالى القرية إلى أن الموت يتربص بسكان القرية من خلال مشكلة المياه التى لا نجد لها حلا خاصة ان طعمها غير مطابق للمواصفات القياسية من حيث ارتفاع نسبة الحديد والمنجنيز وهو ما يظهر واضحا فى لونها الداكن ورائحتها الكريهة وترتب على ذلك إصابة العديد من الأهالى بأمراض الفشل الكلوى والكبد. وشاركه فى الرأى حمدى سيد عطية طالب جامعى مؤكدا أن مشكلة الصرف الصحى أيضا تؤرق أهالى القرية بأكملها؛ حيث يقوم الأهالى بحفر «أيسونات» أسفل منازلهم لتصريف المياه بها ونظرا لارتفاع منسوب المياه الجوفية تمتلئ هذه البيارات بشكل سريع وتطفح داخل المنازل ويتسبب ذلك فى انبعاث روائح كريهة فى المنزل وكذلك انتشار الحشرات التى تنقل الأمراض والعدوى بين المواطنين، ويطالب بإنجاز مشروع الصرف الصحى المعطل منذ سنوات. وانتقد على عامر موظف التكدس الكبير للتلاميذ داخل المدرسة الابتدائية والإعدادية بالقرية، مشيرا إلى أن كثافة التلاميذ تتجاوز ال 70 تلميذا داخل الفصل وهو ما يصعب من العملية التعليمية ودفع العديد من التلاميذ للتسرب من التعليم، وطالب بضرورة إنشاء فصول جديدة تستوعب أعداد التلاميذ المتزايد بشكل مستمر لوقف عمليات التسرب من التعليم. مشكلات المواطنين تجد حلا وأوضح للمهندس نبيل الطيبى سكرتير عام مساعد محافظة أسيوط والمشرف على مبادرة تطوير الريف المصرى بالمحافظة أنه تم الاستماع إلى أوجاع المواطنين ونعمل على حل تلك المشكلات تباعا، حيث بدأنا بمشكلات الصرف الصحى والمياه، كما تم رصد المشكلات الصحية بقرى المركز من حيث إعادة تأهيل وإحلال بعض الوحدات الصحية وبناء أخرى جديدة بالقرى المحرومة، كما سيتم بناء مدارس جديدة وتوسعة المتاح منها بإنشاء فصول جديدة. وفيما يخص مشكلات الكهرباء قال الطيبى إنه يجرى حاليا رفع قدرات محولات الكهرباء وستتم إعادة رصف الطرق الرئيسية والفرعية عقب الانتهاء من خطوط الصرف الصحى والمياه، كما يجرى حاليا التخطيط لإنشاء مجمعات صناعية وتجارية داخل تلك القرى لتوفير فرص عمل للشباب. وأضاف المهندس عمرو عبد العال نائب محافظ أسيوط والمشرف على المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» أن المرحلة الأولى استهدفت تطوير 60 قرية وشملت كل القطاعات وتم الانتهاء منها نهاية ديسمبر الماضي، حيث تم تزويدها بالعديد من الخدمات فى قطاع التعليم، تضمنت إنشاء 37 مدرسة بالقرى الأكثر احتياجًا بتكلفة بلغت 183 مليونا و620 ألف جنيه، كما تم تطوير وبناء 26 وحدة صحية بتكلفة 180 مليون جنيه، فضلا عن تنفيذ مشروعات للصرف الصحى والمياه تجاوزت ال 200 مليون جنيه، كما تم تجديد 27 محولا كهربائيا، بالإضافة إلى بناء مركزى شباب، بخلاف مشروعات الرصف. وأشار إلى أن المرحلة الثانية التى بدأت أعمالها بالفعل تستهدف تطوير 90 قرية جديدة من الأكثر احتياجا بتكلفة 2.4 مليار جنيه بهدف تحسين نوعية الحياة التى يعيشها سكان تلك القرى الذين تجرعوا لسنوات مرارة الحرمان من الخدمات، حيث سيتم البدء فى توصيل البنية التحتية من مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي، وكذلك حصر الأراضى أملاك الدولة تمهيدا لإنشاء مدارس جديدة تستوعب الكثافة الكبيرة للطلاب لإنهاء معاناتهم فى التوجه للقرى المجاورة لعدم توافر مدارس بقراهم. وأضاف أن سيتم تطوير الوحدات الصحية وإنشاء أخرى جديدة بالقرى المحرومة، كما سيتم إنشاء وتطوير مراكز الشباب ورصف الطرق سواء الرئيسية بين القرى أو الفرعية، فضلا عن تحسين مشروعات الرى والزراعة من خلال استكمال مشروع تبطين الترع والمصارف، بجانب توفير فرص عمل جديدة ضمن مشروعات الشباب والمرأة المعيلة وقروض الجمعيات الميسرة.
