طالب رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد الدبيبة، برحيل نحو 20 ألفا من المقاتلين الأجانب من ليبيا، مناشدا النواب العمل على وضع حد لحرب طاحنة تعصف بالبلد الواقع في شمال إفريقيا. غرقت ليبيا الغنية بالنفط في الفوضى منذ الاطاحة بالزعيم معمر القذافي ومقتله في 2011 في انتفاضة مدعومة من حلف شمال الأطلسي، ما أدى إلى صراع على النفوذ بين قوى عدة. وقال الدبيبة، في كلمته خلال الجلسة التي انعقدت في سرت (شرق)، الثلاثاء، «المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولا بد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم»، موضحا أنه سيتواصل مع الأممالمتحدة والدول التي أرسلت المرتزقة للمطالبة برحيلهم. وأضاف «الأمر ليس بالهين، ويحتاج إلى الحكمة، وليس بالأبواق والحديث الإعلامي، واليوم سيادتنا منتهكة ولدينا 20 ألف مرتزق في البلاد كما كشفت التقارير الأممية». وتتنازع سلطتا الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني المنتهية ولايتها التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتعترف بها الأممالمتحدة وتدعمها تركيا، وسلطة موازية في شرق البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر. وكان الدبيبة يتحدث في اليوم الثاني من نقاشات برلمانية حول مقترحه لحكومة انتقالية، ندد خلالها بما وصفها «حملة شرسة» تهدف إلى تدمير البلاد. وتقضي أهم بنود الاتفاق برحيل القوات الأجنبية والمرتزقة في مهلة 90 يوما، انتهت دون تفكيك هذه القوات ومغادرتها الأراضي الليبية. وكشفت الأممالمتحدة مطلع ديسمبر الماضي، عن وجود 20 ألف عنصر من القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا، كما أشارت إلى وجود 10 قواعد عسكرية في ليبيا، تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية ومرتزقة. ووصل نحو 10 مراقبين دوليين إلى طرابلس قبل أسبوع للإعداد لمهمة الإشراف على وقف إطلاق النار المطبق في ليبيا منذ أشهر والتحقق من مغادرة المرتزقة والجنود الأجانب المنتشرين في البلاد. من أجل جميع الليبيين قدم الدبيبة، تشكيلته الحكومية للبرلمان الأسبوع الماضي ودعا النواب إلى التصويت لمنحها الثقة. وقال "ليس أمامنا من خيار سوى أن نتفق ... من أجل مستقبل أطفالنا"، وسط تصفيق الحضور. وقام ملتقى الحوار الليبي الذي يضم 75 ممثلا عن كل مدن البلاد وانطلق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في سويسرا برعاية الأممالمتحدة، بانتخاب الدبيبة (61 عاما) في 5 شباط/فبراير رئيسا للوزراء لقيادة المرحلة الانتقالية حتى الانتخابات المقرر تنظيمها في 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل. وشابت تلك العملية اتهامات بشراء أصوات، لكن رئيس الوزراء المكلف دافع عن تشكيلته الحكومية المقترحة. وقال «هدفي الأول اختيار الأشخاص الذين يمكنني العمل معهم، بغض النظر عن المكان الذي يأتون منه». وأكد أن على أعضاء حكومته أن يكونوا قادرين على العمل من أجل الليبيين في جميع أنحاء ليبيا، وليس من أجل مناطق أو مدن بعينها، وأي وزير في الحكومة سيعمل ويخدم جميع الليبيين وليس فقط لمدينته ومنطقته. وبدأ مجلس النواب الليبي الإثنين في مدينة سرت (شرق)، جلسة بحضور 132 نائبا من 188، للتصويت على منح الثقة لحكومة الدبيبة. أزمة اقتصادية تقع هذه المدينة الساحلية المطلة على البحر المتوسط، في منتصف الطريق بين طرابلس مقر حكومة الغرب، والشرق مقر البرلمان في السنوات الماضية والذي يضم إدارة موازية. ووصفت بعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا اجتماع البرلمان بأنه تاريخي، وأشادت بانعقاد «جلسة موحدة بعد سنوات عدة من الانقسامات والشلل». والدبيبة البالغ 61 عاما، رجل أعمال مليونير من بلدة مصراتة (غرب)، وانتخب إلى جانب مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء لقيادة الإدارة الجديدة. وفي حال نيلها ثقة النواب، ستكون أمام الحكومة مهمة التصدي لمصاعب عدة من أزمة اقتصادية خانقة إلى ارتفاع حاد في نسبة البطالة وتضخم وخدمات عامة مزرية. وسيواصل النواب نقاشاتهم الأربعاء لليوم الثالث على التوالي لاستكمال باقي المداولات قبل عملية التصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة، حسبما قال النائب إسماعيل الشريف لوكالة فرانس برس. وتتضمن تشكيلة الدبيبة الحكومية نائبين لرئيس الوزراء و26 وزيرا وستة وزراء دولة، مع إسناد حقيبتي الخارجية والعدل لامرأتين في سابقة في ليبيا. وفي حال فشل جلسة منح الثقة، ستكون لدى رئيس الوزراء المكلف فرصة ثانية لينظر البرلمان في حكومته في 19 مارس الحالي وفقا لخارطة الطريق التي اتفقت عليها الأطراف الليبية في جنيف الشهر الماضي. وإذا فشلت جلسة التصويت الثانية، سيؤول التصويت إلى الأعضاء ال75 الممثلين لملتقى الحوار السياسي الليبي.