توجيه الرئيس بتأجيل تطبيق تعديلات قانون التسجيل العقارى لمدة لا تقل عن عامين، قرار صائب لاقى ترحيبًا كبيرًا من الجميع وأثلج صدور المصريين، لقد جاء التأجيل كطوق نجاة لمشكلة تسببت فى أرق وقلق واضح دون مبرر، نزع التأجيل فتيل أزمة عن غير قصد، كثير من النوايا الحسنة مفروش بالأشواك، لاشك أن تطبيق التسجيل العقارى أمر مطلوب ومهم.. مردوده كبير اقتصاديًا واجتماعيًا، لا نقل للملكية إلا بالتسجيل وهذا أمر قانوني راسخ.. التسجيل يرفع من قيمة الوحدات السكنية بعد أن يتم تقنين أوضاعها.. العائد الاقتصادى كبير على مستوى تعظيم قيمة الثروة العقارية التى تقدر بنحو 200 تريليون جنيه –5% فقط منها تم تسجيله– كما أن المردود الاجتماعي لا يقل أهمية؛ إذ ينهى التسجيل أى منازعات حولها فى المجتمع. إذا كان الأمر كذلك فما أسباب اللغط؟! ولماذا الغضب؟! تعديلات القانون رقم 186 لسنة 2018 تمت بسرعة من جانب الحكومة، وأقرها مجلس النواب على عجل دون حوار مجتمعى حولها، فجاءت غير مدروسة من جميع جوانبها وتوقيت تطبيقها، الذى يتزامن مع أوضاع غير مناسبة فرضتها تداعيات أزمة عالمية ناتجة خلفت أوضاعا اقتصادية صعبة وأعباء استثنائية دفعت كثيرا من حكومات دول العالم إلى تخفيف الأعباء وخفض الرسوم أو تأجيلها عن مواطنيها، وكانت مصر فى مقدمة تلك الدول التى اتخذت حزمة إجراءات لدعم ومساندة المتضررين من تبعات تلك الجائحة، ولكن يبدو أنه لم يكن يتوقع المشرع عند إقرار وصدور تلك التعديلات أن يمتد أجل الأزمة إلى مارس 2021. التوقيت لم يكن وحده هو السبب، بل ثمة بعض أمور أخرى لا تقل أهمية، وفى مقدمتها ربط توصيل المرافق بتسجيل العقار أو الوحدة السكنية، مع ربط ضريبة التصرفات العقارية بالتسجيل، وإذا كانت ضريبة التصرفات العقارية لم يطرأ عليها تغير بنسبة 2.5% من ثمن الوحدة، فإن المبالغة جاءت فى الرسوم الأخرى الخاصة بنقابة المحامين والمكتب الهندسى وغيرها ما ترتب عليه أيضا إلى كثير من الإرهاق فى الوقت والجهد، وليس ماليا فقط. لقد أنقذ قرار التأجيل السوق العقارى من أزمة ركود كان على موعد معها حال تطبيق تلك التعديلات، ومن ثم أحدث انفراجة كبيرة على المستويات كافة، لكى يتم إعداد التعديلات أو القانون الجديد بدراسة متأنية وأن تخضع لحوار مجتمعى، بحيث يحقق أهدافه كاملة فى الحفاظ على الثروة العقارية للمجتمع، وأن يجنى المواطن مردوده فى تعظيم قيمة الوحدة أو العقار الذى يملكه، وبما يمكنه من الاقتراض بضمانة ويؤدى دوره فى حركة قيمة تلك الثروة فى السوق بما يعظم من قيمتها وأثرها الاقتصادى. وإذا كان هناك درس مهم يمكن أن نستفيد منه أو نخرج به من هذا الأمر، فلاشك يتمثل فى أهمية التأنى فى إعداد وصياغة القوانين الاقتصادية، ولاسيما تلك التى تتعلق بجميع فئات المجتمع، وضرورة إجراء حوار مجتمعى بشأنها والتدقيق فى توقيت صدورها وتطبيقها بحيث تحقق أهدافها.. والمهم أن يصدر القانون الجديد بحيث يلبى جميع الاحتياجات والمطالب على مستوى الدولة والمواطن، ولاسيما أن هناك رأيًا لدى كثير من الخبراء والمطورين العقاريين يرى ضرورة إعادة النظر فى نسبة ضريبة التصرفات العقارية بحيث لا تتجاوز 1.5% من قيمة الوحدة السكنية، وفقا للمهندس طارق شكرى نائب رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب ورئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، بحيث تشجع المواطنين، وتحقق الهدف منها على المستوى القومى فى تعظيم قيمة الثروة العقارية. بين السطور وداعا شيخ المعماريين رحل المهندس حسين صبور، شيخ المطورين العقاريين، وأحد رواد صناعة الاستثمار العقارى بكل مفرداتها ومكوناتها، فى مصر والعالم العربى، الأسبوع الماضى، بعد مشوار حافل بالنجاحات والعمران الذي ذكره الله -سبحانه وتعالى. كثيرة هى المشروعات العمرانية الكبرى التى كان له دور فى تخطيطها من خلال مكتبه الاستشارى الأشهر، وفى مقدمتها الجيل الأول من المدن الصناعية والعمرانية فى مصر منذ سبعينيات القرن الماضى، أو على مستوى المشروعات العمرانية والعقارية الكبرى التى قامت بها شركاته وفى مقدمتها شركة الأهلى صبور للتنمية العقارية التى أسسها مع البنك الأهلى وولدت عملاقة بفضل اسمه وسمعته. لم يكن تميز المهندس حسين صبور فى مجال التنمية العمرانية فقط، بل فى كل المناصب التى تولاها فمنحها أهمية إلى أهميتها، حتى أطلق عليه الكثيرون أنه الرجل الذى يحول التراب إلى ذهب، وهو ما لم يأت من فراغ، بل جاء بعد سلسلة من النجاحات التى حققها الرجل بكثير من الجهد، وبكل التواضع، بفضل خبرته وكفاءته الإدارية وإخلاصه فى عمله، فقد تولى رئاسة بنك المهندس وهو غارق فى الخسائر وتركه بعد أن تحول إلى الربحية دون أن يتقاضى أجرًا عن ذلك، وبعد أن تم انتخابه لرئاسة أحد الأندية الاجتماعية الكبرى فجعله فى صدارة الأندية الاجتماعية بمصر، بعد أن خلصه من المشكلات المالية والإهمال الكبير، وقاد حركة بناء فروعه فى المدن الجديدة.. رحمة الله على روح المهندس حسين صبور.