جاءت مباحثات الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم الخميس، مع عبدالحميد الدبيبة رئيس وزراء الحكومة الليبية الجديدة الذي يزور القاهرة حاليًا لتؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات التى تربط مصر وليبيا الشقيقة وهي علاقات ممتدة عبر التاريخ وتحرص مصر دائمًا على دعم الشعب الليبيى واستقراره، وهو ما تجلى خلال المرحلة الماضية التى شهدت فيه ليبيا حالة من عدم الاستقرار، مما أدى إلى تدخلات أجنبية في الشأن الداخلي الليبى، الأمر الذي دفع مصر إلى تأكيد ثوابت العلاقة المصرية الليبية إذ إن القضية الليبية بالنسبة لمصر هي قضية أمن قومى لا يمكن التهاون فيها، ولذلك تعاملت مصر على مدار السنوات العشر الأخيرة على كل المستويات مع أزمة الفوضى الواقعة على دولة الجوار بكل حكمة احتراما للشعب الليبى، وحرصا على عدم تفتيت الدولة وتقسيمها، رغم مخططات بعض الدول الهادفة إلى ذلك بينها تركيا الطامعة فى ثروات هذا البلد. ولم تترد مصر بقيادة الرئيس السيسى فى أن تعلن أمام العالم أنها لن تسمح بتقسيم ليبيا ونهب ثرواتها أو نشر الفوضى فيها عن طريق الاقتتال الداخلى أو قوات المرتزقة الأجانب الذين أرسلتهم أنقرة لليبيا لتحقيق مصالحها وطموحها الاستعمارى، ولذلك عملت القاهرة طوال السنوات الأخيرة على لم شمل الليبيين واستضافت العديد من المؤتمرات التى تهدف لوضع أطر محددة لإعادة الدولة الليبية الى قوامها والحفاظ على ثرواتها وبعيدا عن استراتيجيات إعادة الاستعمار. وبدأت القاهرة باستضافة شيوخ وزعماء القبائل فى عام 2015 الذين أعلنوها صراحة أنهم سيدافعون عن ليبيا بمساعدة مصر إلى الرمق الأخير، وتوالت اجتماعاتهم حتى استضافت القاهرة اجتماعات اللجنة الدستورية، المشكلة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بحضور رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، ورعاية البعثة الأممية للدعم لدى ليبيا، والتى ألقى فيها مبعوث الأممالمتحدة الجديد يان كوبيتش كلمة فى أول ظهور رسمى له عقب توليه المنصب خلفا لستيفانى ويليامز عبر فيها عن شكره للحكومة المصرية لدعمها للحلول السياسية واستضافتها للمسار الدستورى مشيرا إلى أهمية هذا الاجتماع كونه يمس المواطن بشكل مباشر عبر اتفاق الليبيين حول مسار المستقبل. وعلى مدار 3 جولات، مضي المسار الدستوري نحو التوصل إلى المرجعية التي على أساسها ستجرى الانتخابات بعد عام. كما كانت الغردقة شاهدة على محادثات اللجنة العسكرية المشتركة "5+5"، خلال اجتماعات دارت رحاها في نهاية العام الماضي، وخرجت بتوصيات كانت نواة اتفاق وقف إطلاق الذي وقعته اللجنة في جنيف بسبتمبر الماضي، وهو أبرز إنجاز حدث خلال الشهور الماضية في الساحة الليبية. وجهود القاهرة، أثمرت في عقد اجتماعات مختلفة بين جميع الأطراف الليبية المعنية ، بينها اجتماعات متعددة لشيوخ القبائل، كما تم إرسال وفود مصرية رفيعة المستوى إلى شرق وغرب وجنوب ليبيا، لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبين، وهو ما تكلل بالنجاح بالتعاون مع الدول المعنية بالملف الليبي في اعلان تشكيل مجلس رئاسي وحكومة جديدة في ليبيا "مؤقتة" تمهد لانتخابات شاملة في نهاية العام. وإلى جانب ذلك، ترأست مصر مجموعة العمل الاقتصادية المعنية بليبيا إلى جانب الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وتجرى خلالها مناقشات مهمة، تتعلق بتوحيد الميزانية العامة، وأيضا التوزيع "العادل" لإيرادات النفط، وغيرها من الملفات. ومع الإصرار المصرى على جلب الدعم الدولى للاستقرار الليبى، جاءت النتائج مبشرة باتفاق الأطراف الليبية على الحفاظ على دولتهم، وجاءت زيارة عبدالحميد الدبيبة، رئيس الحكومة الجديدة الى مصر للقاء الرئيس السيسى وإعلانه أن ليبيا حكومةً وشعبًا تتطلع إلى إقامة شراكة شاملة مع مصر بهدف استنساخ نماذج ناجحة من تجربتها التنموية الملهمة التي تحققت خلال السنوات الماضية بقيادة ورؤية الرئيس السيسى، خاصةً فيما يتعلق باستعادة الأمن والاستقرار وانطلاق عملية التنمية والإصلاح، لتدلل على مدى قدرة مصر السياسية والدبلوماسية فى التاثير على مجريات الأحداث فى أى مكان، حفاظا على أمنها القومى وأمن دول الجوار. وفى تصريحات خاصة ل«بوابة الأهرام»، قال ناصر سعيد المتحدث الرسمى باسم الحركة الوطنية الليبية الشعبية إن هناك تفاؤلا كبيرا بالتطورات على الأرض ونتمنى أن يكون لدى الحكومة الجديدة القوة الكافية لمكافحة المرتزقة الأجانب واستعادة الدولة من جديد. وأكد سعيد، أن مصر دولة شقيقة وحليف استراتيجى لليبيا وشعبها منذ القدم، وأن الأمن القومى المصرى – الليبى واحد، ولذلك لذاما يجب التنسيق مع مصر فى كل الخطوات المستقبلية لأن الليبيين آمنون باستقرار مصر التى تلعب دورا محوريا فى المنطقة.