تكتب هل أمريكا جادة فعلا فى التعامل مع الدول على أساس احترامها للديمقراطية وحقوق الإنسان كما قال رئيسها بايدن، هل مازالت أمريكا لديها مصداقية لتتحدث عن هذا الأمر، هل مازال لديها وجه تقف به أمام العالم لتحدثه عن حقوق الإنسان وتعطيه دروسا فى الحفاظ عليها. قبل أن تستضيف أمريكا قمة الديمقراطية لحشد العالم للدفاع عنها والتصدى لصعود السلطوية، وقبل أن يتصور البعض أن هذا مؤشر خير على اهتمامها بحقوق الإنسان كما تدعى، عليها أن تفسر للعالم أجمع كيف توافق الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة فى العاشر من ديسمبر الماضى على6 قرارات لمصلحة القضية الفلسطينية رفضتها بالكامل كل من أمريكا وإسرائيل وكل القرارات تخص حقوق الإنسان بالمعنى الحقيقى للكلمة من تقديم مساعدات للاجئين الفلسطينيين وعمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا وممتلكاتهم وحقوقهم المالية فى أراضيهم والممارسات الإسرائيلية التى تمس حقوق الإنسان الفلسطينى واللجنة الخاصة التى تحقق فى ممارسات إسرائيل ضد حقوق الإنسان هناك، ويا لسخرية القدر أن يوافق اليوم الذى تمتنع فيه أمريكا عن إعطاء الحقوق لأصحابها اليوم العالمى لحقوق الإنسان الذى يدَعى بايدن أن إدارته تبنى التعامل مع الدول على أساس احترامها لحقوق الإنسان. قال بايدن إن أمريكا عادت للعالم، هى فعلا عادت بلعبة وخدعة وتمثيلية واختراع وابتكار وسيناريو وحوار ما يسمى حقوق الإنسان فبدأت تنشط بفزاعة الإفراج عن النشطاء والمعتقلين، السؤال هنا أين تبخرت هذه الفزاعة عندما غزت بنما واعتقلت رئيسها مانويل نرويجا، وعندما شنت حربها على العراق فى 91 لتقصفه دون هوادة طوال 40 يوما وليلة ، وللصومال قصة طويلة مع الأمريكيين فى 93، وقبل نهاية 99 أجهزت على ما تبقى من يوجوسلافيا لوضع نهاية لآخر كيان شيوعى فى أوروبا، ولا ننسى بالطبع تدخلها السافر للتأثير على نتائج الانتخابات فى روسيا ومنغوليا والبوسنة وبلغاريا بنفس أسلوب الحرب الباردة. فى دليل التخطيط الدفاعى لهم فى أواخر التسعينيات جاء أن هدفهم الأول منع ظهور أى منافسين جدد سواء فى أراضى الاتحاد السوفيتى السابق أو أى مكان آخر، وأن عليهم أن يأخذوا فى اعتبارهم مصالح الدول المتقدمة ولكن دون أن يسمحوا لهم بمنافستهم على زعامة العالم أو تغيير النظام السياسى والاقتصادى العالمى، وأنه لابد من ردع المنافسين المحتملين الذين يسعون إلى أن يصبحوا قوى إقليمية أو عالمية. هل صحيح فعلا أن أمريكا التى أمرت بإسقاط آلاف القنابل العنقودية على مدن وقرى عديدة التقطها الأطفال قبل أن تنفجر فقتلتهم أو عوقتهم هل صحيح أنها تدافع عن الحرية والديمقراطية وصون حقوق الإنسان، هل أمريكا التى حاربت أفغانستانوالعراق من أجل تأمين البترول ومحطات التنصت وتوسيع الرقعة العسكرية كانت تسعى إلى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان؟!. 68 دولة فى العالم داست فيها أمريكا بجيوشها ومخابراتها وعملياتها بأشكال مختلفة دون أن يكون ذلك بدافع تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان كما زعمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة. فى 2010 انتقد الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما الحظر الذى تفرضه الصين على الإنترنت تحت مسمى الجدار النارى العظيم ويومها قال إنه يدعم عدم الرقابة وبعد عشر سنوات صنع الديمقراطيون الجدار النارى بأيديهم لمواطنيهم ورئيسهم الجمهورى ترامب، كان المسئولون فى إدارة أوباما يتهامسون فى مجالسهم الخاصة بأنهم تعمدوا تخفيف اللهجة الحادة بشأن حقوق الإنسان بسبب الرفض العالمى لزعم بوش أنه حارب العراق من أجل الترويج لقضية الحقوق الديمقراطية، إنهم يتلاعبون بحقوق الإنسان كما يحلو لهم واليوم تريد أمريكا أن تعود للعالم وأن تصغى له من جديد فمرحبا ولكن فليفتح العالم لها فى المقابل دفاتر الحسابات.