هل كان من الممكن أن يلعب الكتاب والصحفيون المثقفون دورًا أكثر أهمية في تقدم مصر الصناعي والاقتصادي خلال فترات الستينيات والسبعينيات من القرن ال 20، وهي الفترة التي شهدت صعود اليابان الاقتصادي والصناعي ثم النمور الآسيوية الاخرى؟ أم أن مثل هذا الدور غالبًا ما يكون مرهونًا بمدى حرية التعبير التي تسمح بها السلطة أو الحاكم. الواقع أن غالبية المثقفين فى مصر - وربما العالم العربى - لم يبرهنوا منذ الاستقلال على أهميتهم وأهمية المعلومات التى لديهم لصانع القرار، وما إذا كان بإمكانهم المساهمة بما لديهم من علوم أو معلومات في القرارات المهمة التى تعد نقاط تحول فى تاريخ الدولة. وربما كان بمقدور بعضهم المساهمة حتى ولو بنذر قليل ولكن لم يسمح لهم. من أساتذة الجامعات الذين كان إسهامهم أكثر عمقًا وتأثيرًا بالرغم من أنه لم تتح لهم فرص سفر للخارج مثل كثير من المثقفين والصحفيين الذين أتاحت لهم الظروف فرص سفر كثيرة للخارج أهدرها أغلبهم فى اللهو والعبث، وكأن بلدهم ليس فقيرًا ولا متخلفًا يتلمس أى معلومة من أجل تحقيق التطور الصناعى والاقتصادى، والتحضر الإنسانى، والوقت كان عليهم أن ينتهزوا كل فرصة سفر للخارج ويكتبوا لصناع القرار وللجمهور كيف تقدمت الدول الاوروبية او الآسيوية بدلا من ان يكتبوا لنا عن جمال النساء والمطاعم والمتاحف والفنون والثقافة وغيرها. فى الوقت الذى كانت فيه مصر وصانع القرار فى حاجة ملحة لمن يكشف بعضا من أسرار التقدم الاقتصادى والصناعى فى العالم، ولكن هل كان مسموحا لهم ان يكتبوا عن التقدم فى آسيا واوروبا بما يمكن تفسيره من جانب السلطة باننا دولة متخلفة !! . ولذلك غلب على كتاب تلك الفترة طابع الثقافة العربية التى تميل الى الخطابة والشعارات وقصائد مدح الحكام، بدلا من التركيز على قيم العمل الجاد الدءوب والخلاق الذى وحده يقود لتقدم الأمم ! ولو كان المثقفون والكتاب الصحفيون فى ستينيات او سبعينيات القرن ال 20 ركزوا جهدهم الفكرى واستغلوا أسفارهم للخارج فى نقل تجارب الدول المتقدمة او حتى بعضا من أسرار تقدمهم كما فعل الآسيويون، لكانت مصر الآن أكثر تقدما من كوريا الجنوبية أو سنغافورة أو الصين، وهى الدول التى نحاول حاليا أن نستلهم تجاربهم فى التقدم حتى تتطور مصر .