الشاب بمجرد تخرجه وحصوله على مؤهله الدراسي يبدأ رحلة البحث عن عمل، ويحشد كل قواته من معارف وأصدقاء ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد يلجأ البعض إلى قبول وظيفة تتطلب مؤهلا أقل من مؤهله فالمهم هو الفوز بهذا الكنز الثمين. بعد حصوله على الوظيفة يعيش أيامًا قليلة لا تزيد على شهر فرحًا بها، خاصة بعد حصوله على أول راتب الذي يمثل أول خطوة على طريق الاستقلال من سلطة الأسرة والتحكمات التي لا يرى لها أي مبرر أو سماع أسطوانة: اشتغل واصرف على نفسك، يبدأ الموظف يشعر بأعراض غريبة أهمها أن هذه الوظيفة أقل من إمكاناته، فهو يرى أنه أكفأ من الزملاء الأقدم منه؛ بل أحيانا يشعر أنه أفضل من رئيسه، لتبدأ بعدها مرحلة التمرد الداخلي مع التطلع لوظيفة أفضل تليق بخبراته الوهمية. ومع أول صدام مع الواقع يبدأ البحث عن حلول لهذه المشكلة، أهمها تقليل الجهد في العمل رافعًا شعار: على أد فلوسهم، أو البحث عن وظيفة إضافية تناسب طموحه وإمكاناته، أو التفرغ لتعذيب أخيه المواطن الذي يبحث عن حل مشكلة أو إنهاء مصلحة وتعقيدها له، ويسعى للحصول على الإجازات المرضية والعارضة أو إذن للزوغان مبكرًا، فهو لا يخاف أن يفقد راتبه الحكومي فهو مضمون بكل حوافزه وعلاواته. يجب غربلة الجهاز الإدارى للدولة وتصنيف الموظفين لفرز أول مخلص في أداء عمله، وفرز ثان وثالث وهكذا، ليتم توزيع الرواتب والترقيات حسب جهد كل موظف، فالدنيا كلها تقوم على الثواب والعقاب، ومن لا يخلص في عمله لا يستحق ثوابه.