يبدو أن الفول سيفقد دوره ويتخلى عن كونه العنصر الرئيسي على موائد المصريين بعد الارتفاع الكبير فى سعره. فقد قفز سعر الفول إلى الضعف، تقريبا، مرة واحدة، ليصل إلى أكثر من 1150 جنيها للأردب بعد أن كان ثمنه فى الجملة 580 جنيها .، ويصبح سعره فى التجزئة 8 جنيهات للكيلو بعد أن كان سعر الكيلو منه لا يتجاوز ال 5 جنيهات . الإرتفاع الكبير فى سعر الفول يرجعه الباشا إدريس، رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بالغرفة التجارية، إلى نقص إنتاجية الفدان نتيجة عزوف الفلاحين عن الزراعة بسبب عدم صلاحية التقاوي الزراعية المستخدمة، مما أدى إلى تراجع الإنتاج المحلي خلال السنوات الأخيرة إلى 295 ألف طن سنويا فقط، وأصبحت مصر دولة مستوردة للفول بعد أن كانت واحدة من أكبر الدول المصدرة له. يقول إدريس " :إن الشعب المصرى مستهلك للفول بدرجة كبيرة، حيث يستهلك سنويا أكثر من 800 ألف طن، ونستورد من أستراليا و فرنسا وإنجلترا وكندا 80% من الإستهلاك أي أكثر من 600 ألف طن، وبالتالي لايوجد أي فائض مما نزرعه للتصدير" . الواقع إن عدم صلاحية التقاوي المستخدمة فى الزراعة ليست السبب الوحيد لتراجع المساحة المزروعة، لكن إنشغال الفلاحين بزراعة المحاصيل الأخرى التى تحقق ربحا أعلى ساهم بشكل أو بآخر فى نقص الإنتاج المحلي كما يؤكد الدكتور تامر عسران، رئيس البحوث بمعهد بحوث الإقتصاد الزراعي، قائلا :" المزارع يبحث عن المحصول الذي يحقق له ربحا أكبر، ويقارن بين تكلفة الفول والمحصول الآخر, والمعروف أن ربح الفول أقل وتكلفته فى الزراعة أعلى، وبالتالي يفضل المزارع المحصول الذي يعطيه ربحا أكبر" . ويضيف عسران "هناك سبب آخر لإرتفاع سعر الفول، فالكمية الأكبر التى يستهلكها المصريون منه تكون مستوردة من الخارج رغم أن الفول المصري أجود من الأنواع الأخرى سواء كان فولا أستراليا أو إنجليزىا أو صينيا "، ويتابع "ومع موجة إرتفاع الأسعار فى العالم كله أثر ذلك على السوق الداخلى، فأصبحنا نستورد بسعر أعلى من ذي قبل، بالإضافة إلى أن قيمة الجنيه المصري تتراجع أمام الدولار والعملات الأخرى فأصبح الضغط علينا مضاعفا " . أكد مصدر بحثي مسئول، أن مصر وصلت إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي من الفول عام 1992، إذ وصلت مساحة الأراضي المزروعة فول، وقتها، إلى 425 ألف فدان، بينما تقلصت المساحة المزروعة ووصلت عام 2009 إلى 206 ألف فدان فقط. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر إسمه، أن "الفدان يعطي 1,43 طن، وبالتالي فإن الإنتاج الكلي لايتعدى ال295 ألف طن"، مشيرا إلى أهم المناطق التى تتم فيها زراعة الفول هي:البحيرة 42 ألف فدان،كفر الشيخ 27 ألف فدان،الدقهلية 25ألف فدان،الشرقية22 ألف فدان،النوبارية 22ألف فدان،الأسكندرية 14 ألف فدان أسيوط 12 ألف فدان والوادي الجديد 9 آلاف فدان، ويضيف المصدر " وبالرغم من الإنتاج الضعيف منذ عام 1992 ،إلى أنه يتزايد سنويا بشكل تدريجي، وهو ما ظهر فى السنوات الأخيرة، حيث وصل الإنتاج عام 2009 إلى 295 ألف طن، بينما لم يتعد الإنتاج في العام الذى يسبقه ال 247 ألف طن، وإستوردنا وقتها 655 ألف طن وصدرنا 50 ألف طن". وأرجع نقص مساحة الفول المزروعة إلى وجود محاصيل أخرى منافسة أقل تكلفة منه وأكثر ربحا، مضيفا أن تكلفة إنتاج البرسيم حوالي 1933 جنيها للفدان، وصافى الربح 6333 جنيها، بينما تصل تكلفة إنتاج الفول إلى 3524 جنيها وصافى ربحه لايتعدى ال2179 جنيها، مشيراً إلي أن هناك محاصيل أخرى أيضا تكلفة إنتاجها أقل وربحها أعلى من عائد الفول مثل البصل والثوم والسكر، وهو مايغري المزارعين بزراعتها بدلا عن الفول". وقال المصدر: إن زيادة الإستهلاك من الفول أحد العوامل الرئيسية لإرتفاع أسعاره، موضحاً أن نصيب الفرد من الفول فى السنوات الماضية كان يصل إلى 6 كيلو، لكن مع غلاء اللحوم والدواجن، قام الأفراد بسد إحتياجهم من البروتين بالفول، فزاد الإستهلاك ووصل نصيب الفرد منه هذا العام إلى 8,7 كيلو جرام "، نافيا أن يكون التجار هم سبب الغلاء " السنين إللى فاتت كان المزارع بيبيع الكيلو ب3,70 جنيه، وكان سعر الفول فى السوق 4,50 جنيه، يعنى الزيادة أقل من 1 جنيه وهو بيعدى على تجار جملة وتجزئة". ورغم أن الفول من المحاصيل الشتوية، إلا أن مائدة المصريين لاتخلو منه صيفا أو شتاء، وفى بعض الأحيان صباحا ومساء، ومن المتعارف عليه أن إرتفاع الأسعار قد يطول كل شىء إلا رغيف الخبز وطبق الفول، لكن من الواضح أن تلك القاعدة بدأت فى التفكك ولن تنجو حتى السلع الأساسية من موجة إرتفاع الأسعار، مما يؤدي إلى عزوف المستهلكين عن طبقهم الرئيسى الذى إنضم مؤخرا إلى قائمة طعام الأغنياء، وهو ما يؤثر أيضا على عربات الفول المنتشرة على أغلب أرصفة الشوارع وعلى محلات التجزئة. يقول رمضان سعيد صاحب عربة فول بوسط البلد :" طبعا، الغلاء بتاع الفول هيأثر على شغلنا "، ويضيف " أنا بأبيع الطبق ب3 جنيه وعندي زبائني، دلوقتي لما سعر الفول إرتفع إضطريت أقلل كمية الطبق لإني ما أقدرش أزود تمنه "، مفسرا " أصل، لامؤاخذة، أنا بأبيع على الرصيف رغم إن جودة الفول بتاعي أحسن من أي مطعم، بس فى الآخر إسمي بأبيع فى شارع، ومينفعش الزبون يدفع 5 جنيه عشان طبق فول على الرصيف هيروح يأكله فى مطعم، فأنا إللى عرفت أعمله أقلل كمية الفول فى الطبق، وربنا يسهل ونشوف إللى هيحصل الأيام الجاية ممكن أضطر أرفع سعر الطبق، وساعتها فى المطاعم هيبقى سعره أغلى " . ويقول عبد الحميد حسن صاحب أحد محلات البقوليات " بأبيع كيلو الفول ب 7,50 جنيه، وقبل كده كان ب5 جنيه، وإشتريته من التاجر الأساسي ب7,30 جنيه، بس من ساعة ما السعر إرتفع عدد الزبائن بقى قليل جدا مش زي الأول".