تتسلم كامالا هاريس منصبها الجديد يوم 20 يناير لتدخل فى التاريخ كأول نائبة للرئيس الأمريكى من أصول هندية وجمايكية... عندما نراجع مشوار كاملا كيف لا نستطيع أن نقارنه بمسيرة باراك أوباما، ذلك لأنهما يأتيان من نفس العالم، صداقتهما تعود إلى 2004 عندما انتخب أوباما نائبا لولاية «الينوى» ولتصبح هى أول موظفة بكاليفورنيا تساند ترشيحه، ولكن عندما أصبح رئيسا لم تنضم لفريقه، وفضلت أن تصبح مدعيا عاما لكاليفورنيا... هاجمها أوباما فى مذكراته ثم اعتذر، وفى أعقاب النصر صرح لقد وجد بايدن الشريكة المثالية لتساعده على مواجهة التحديات التى تتعرض لها أمريكا!. لم تكن الأمور سهلة فى البداية، حيث كان هناك تصادم لطموحتهما خلال المواجهة الديمقراطية حول انهاء التفرقة العنصرية بالمدارس وأعربت عن رغبتها فى التغيير، وتعا طف الأمريكان بأصولها... ومواقفها... فوالدها «الجمايكى» أستاذ اقتصاد بجامعة «ستانفورد» ووالدتها الهندية كانت باحثة مرموقة فى مجال السرطان.. وقالت لها «إن الثقافة التى تحتفى بالآلهة تنتج نساء اقوياء!» اسم كامالا يشير إلى «اللوتس» الزهرة التى تتفتح فى المياه وتضرب بجذورها فى عمق الأرض... ولأنها كانت من أسرة مقتدرة وعلمية كانت تركب اوتوبيس المدرسة فى عصر كانت ولايات عديدة تنفر من انضمام التلاميذ «الملونين» من الافارقة أو الهنود فى مدارسهم برغم قرارات المحكمة العليا... وحتى اليوم تناهض كامالا من أجل حقوق النساء والأقليات، وقامت بتغيير القانون الخاص بدعارة القاصرات، واعتبرتهم ضحايا المجتمع، وقامت بالتشهير ضد عنف البوليس. والسؤال المطروح الآن فى أمريكا هل ستستطيع أن تعيد اصلاح النظام من الداخل ومعالجة ظاهرة البؤساء والمشردين والعاجزين فى أمريكا... هل ستنجح فى القضاء على العنف، وتحقيق مطالب المتظاهرين منذ مأساة جورج فلويد؟! كان خبراء حملة بايدن يبحثون عن مرشح أسود قادر على تعبئة الناخبين من الأفارقة الأمريكان أو مرشح لاتينى أمريكى.... ومن خلال مزيج أصولها الهندية الجمايكية كانت المرشحة الأفضل للاستجابة على ضرورة إرساء التعددية... ولكن ميزتها الخاصة كانت انها تعرف عن قرب بايدن، حيث كانت صديقة لنجله المتوفى عام 2015، ومن هنا جاء تصريحها: جو بايدن يستطيع أن يوحد الشعب الأمريكى، لأنه أمضى حياته فى النضال من أجل بلاده التى نريدها موائمة لمبادئنا... وخلال الأسابيع التى امضاها دونالد ترامب ومايك بنس فى إدارة كارثية لأزمة كورونا أثبت الثنائى بايدن وهاريس فاعليته وأعادا الابتسامة للأمريكان من وراء الأقنعة... أما الفريق الذى غادر الحكم لم يستشف أن الامريكان زهدوا تصرفات ترامب التائهة والعدوانية... والمضحكة أحيانا... لاشك أن اختيار بايدن كامالا كنائبه له اسهم فى فوزه... كامالا لن تكون نائبة رئيس عادية.. وطبيعتها تؤهلها أن تصبح من أقوى نساء العالم، والشعب الأمريكى المنكسر والمتعدد الاوجه يرى أنه فى حاجة إلى خبرة بايدن وشباب كامالا... وإنما لا ينسى أن ترامب حصل على مزيد من الأصوات مقارنة بالانتخابات السابقة... المهمة سوف تكون فى غاية الصعوبة لتضميد الجراح.. ومن المرتقب أن تلعب كاملا دورا مهما... حيث يعيد بايدن توزيع الأدوار من خلال تعيين فريق إعلامى نسائى بالبيت الأبيض، كما أن النائبة التنفيذية تقف دائما إلى جانبه، وهو فى حاجة إليها... ومن الواضح أنه لم يعين أحدا فى حكومته يستطيع أن يحجب عنه الضوء، أما داخل الحزب الديمقراطى فإن الوجوه الشعبية مثل بيرنى ساندرز واليكساندريا كورتيز أو اليزابيت وارين لن تقلقه، لانهم ينتمون لليسار التقدمى البعيد كل البعد عن قناعات ورؤى الأمريكى المتوسط.. لقد أعلن جو بايدن خلال حملته أنه مرشح الفترة الانتقالية و «كوبرى» نحو جيل جديد من الديمقراطيين... ولد فى عام 1942 وسوف يبلغ بايدن من العمر 82 عاما عام 2024، كامالا لديها كل الفرص أن تكون المرشحة الطبيعية للديمقراطيين بعد أربع سنوات.. أما الطريقة التى أسدل بها الرئيس دونالد ترامب الستار على أربع سنوات من حكمه لأقوى دولة فى العالم وحادثة الكونجريس ذكرتنى بما قاله «أوسكار وايلد» أمريكا انتقلت من البربارية إلى التكنولوجية بدون أن تمر بالحضارة!!.