د. وحيد عبدالمجيد كعادته يُضيف السيد عمرو موسى إلى المعرفة العربية فى الجزء الثانى من مذكراته كتابيه، الذى صدر قبل أيام تحت عنوان: سنوات الجامعة العربية. يتضمن هذا الجزء توثيقًا منظَّمًا لأحداث وتحولات كبرى كانت سمة العقد الماضى، الذى تولى فيه موقع الأمين العام جامعة الدول العربية. محدودية التوثيق إحدى الآفات التى يزداد انتشارها فى مراحل التخلف المعرفى. ولذلك يستحق كل شاهد على أحداث مهمة يقوم بتوثيقها التحية، خاصةً حين يسعى إلى توخى الدقة بمقدار ما يستطيع، وعندما يكون هذا التوثيق مصحوبًا برؤية واضحة. لا نجد مثل هذه الرؤية فى مذكرات الأمين العام الأسبق للجامعة د.عصمت عبد المجيد، التى صدرت فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، تحت عنوان: زمن الانكسار والانتصار – مذكرات دبلوماسى عن أحداث مصرية وعربية ودولية – نصف قرن من التحولات الكبرى. عنوان طويل لمذكرات لا تضيف جديدًا يُذكر إلى المعرفة العامة. ورغم أن مذكرات السيد محمود رياض، الذى تولى أمانة الجامعة من يونيو 1972 إلى مارس 1979 تنطوى على رؤية واضحة، فإن الجديد فيها محدود لأنها أقرب إلى كتاب يتناول تاريخ الصراع العربى – الإسرائيلى منذ بدايته إلى كامب ديفيد. ولم يترك الأمناء السابقون الآخرون مذكرات. وعندما سُئل السيد الشاذلى القليبى، فى حوار أُجرى معه ونشرته مجلة المستقبل العربى فى مارس 2016، عن سبب عدم كتابة مذكراته، قال نصًا (أعتقد أن الذاكرة خائنة فى أغلب الأحوال). ولكن ما قصده يتعلق بالذكريات التى تُكتب من الذاكرة، وليست السير الذاتية التى تنطوى على تأريخ، وتستند إلى أوراق مكتوبة ووثائق ورؤية، فضلاً عن ذاكرة قوية. وهذا أحد ما يميز سيرة عمرو موسى، الذى ربما يكون الأمين العام الوحيد للجامعة العربية الذى آمن بأن للأمانة العامة دورًا لا يُقتصر على أن تكون صدى صوت الدول ذات النفوذ الأكبر فى هذه المرحلة أو تلك، وساحة لاجتماعات روتينية، وأن أداء هذا الدور يتطلب المبادرة بطرح أفكار ومقترحات. سيرة ليست كغيرها لأنها تُضيف جديداً عن مرحلة دقيقة، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف على طريقة توثيق أو أسلوب رواية حدث أو آخر.