لم يكن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب أول من حرض أنصاره على إشعال الفوضي والقيام باحتجاجات للمطالبة بالتمسك به لولاية ثانية ، إذ سبقه الكثير من الرؤساء الذين انتهجوا تلك الاستراتيجية طمعا في البقاء علي سدة الحكم ، وهو ما ألمح إليه ترامب حينما قال لأنصاره المحتشدين في الشوارع أنه لن يقر بالهزيمة حتي بعد تصديق الكونجرس الأمريكي اليوم على فوز الرئيس الديمقراطي جو بايدن. ومن جانبها أكدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن ما يحدث في أمريكا يذكرنا بسيناريو الانتخابات في الدول النامية كأفغانستانوكينيا وبنجلاديش وغامبيا حيث يرفض الرؤساء هناك تسليم السلطة ويشككون في نزاهة الانتخابات ويرفضون الالتزام بقبول نتائجها، وهو ما يؤكد أن الديمقراطية في أمريكا أصبحت هشة ومتعثرة . وأكدت المجلة أن السيناريو الذي نشهده في أمريكا الآن سبق وأن عاصرناه في بنجلادش عام 1991 ، فرغم أنها تتميز بالكثير من سمات الديمقراطية ، إلا أنها عانت في تلك الفترة من اتهامات من الحزب الخاسر للحزب الفائز بتزوير التصويت. وتكرر هذا السيناريو مرتين في أفغانستان خلال الانتخابات الرئاسية في 2014 و2019، إذ رفض المرشح عبد الله عبد الله التنازل للفائز المعلن، الرئيس أشرف غني، مما أقحم البلاد في أزمة سياسية ، نتج عنها أحداث عنف وشغب. كما تعرضت كينيا في 2007 لأعمال عنف قتل فيها ما يقرب من 1500 شخص ، وذلك بعد الاتهامات التي أطلقتها الأحزاب الخاسرة حول تزوير الانتخابات . كما رفض رئيس غامبيا يحي جامع تسليم السلطة لأداما بارو رغم التهديد بتدخل عسكري، ويعد القاسم المشترك بين كل تلك الدول هو عنصر الحرب الأهلية التي آلت اليها الأوضاع فضلا عن الانقسامات التي أهلكت البلاد. ورغم تصديق الكونجرس الأمريكي على فوز بايدن ، إلا أن حالة من الغليان تسود الشارع الأمريكي تتجسد في احتجاجات توسعت رقعتها اليوم لتصل اوريجون وأتلانتا وغيرها من الولايات ، ومع الاقتحام غير المسبوق للمتظاهرين الأمريكيين للكونجرس ، ونزول عشرات الآلاف للتنديد بنتائج الانتخابات ومطالبتهم بولاية ثانية لترامب ، أكدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن تسليم السلطة لن يتم بهدوء وأن البلاد مقبلة على فوضي عارمة ، وهو ما أكده جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب، والذي أشار إلى أن ترامب قد يسبب ضررا كبيرا للأمن القومي الأمريكي، لأنه لن يرحل بهدوء. ومن جانبها أكدت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن تحريض ترامب للمتظاهرين ورفضه الإقرار بالهزيمة وتسليم السلطة يعد خرقا للدستور الأمريكي وسيخلق حالة من الفوضي العارمة في البلاد ، مؤكدة أنه لابد من محاسبة ترامب لأنه يقود البلاد نحو مستنقع الفوضى والخراب .