يعتبر الخليجيون اليوم الثلاثاء يوما تاريخيا ، حيث تنعقد في مدينة العلا بالسعودية القمة الأربعين لدول مجلس التعاون الخليجي ، وهو ما يراه متابعون من منطقة الخليج قمة للعلا! باعتبار أن فتح المجال الجوي بين الرياضوالدوحة هو أحد أشكال ذلك المشهد. وحتى الأن لم تصدر من دول خليجية - ضمن إشكالية الأزمة "البحرين ، الإمارات ومعهما عمان"- أية بيانات أو تصريحات على المستوى الرسمي تؤكد هذا المعنى الذي طالما روج له الإعلام السعودي والقطري ، وهو أن تلك القمة هي قمة للعلا! وعودة العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإعادة اللحمة الخليجية وغيرها من الأوصاف والعبارات التي تبناها محللون بالدوحة أو الرياض . صحيح أن موقف الدولتين "الرياضوالدوحة" يمكن استيعابه بميزان الخسارة والمكسب ، وهو مايحتم على الطرفين تهدئة الأوضاع بينهما - ولاسيما بعد أن نجحت إدارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع انتهاء إدارة دونالد ترامب ومجئ الساكن الجديد إلى البيت الأبيض جو بايدن بسياسة مختلفة خصوصا في قضايا منطقة الشرق الأوسط – في التوصل إلى تهدئة مع نظام الدوحة ودفعه إلى تلجيم اللوبي القطري في الخارج ، الذي استطاع أن يلعب على صورة النظام السعودي في الخارج واستغلال بعض الأزمات لدعم فكرة تشويه النظام ، وهو ما سبب قلقا بالغا للمسئولين السعوديين، ولامانع من أن تتخل الدوحة عن مسار الملاحقة القضائية للنظام السعودية تحت شماعة الحصار وتداعياته الإنسانية! متخصصون يرون أن فتح المجال الجوي بين الرياضوالدوحة لايمثل تلك الاستدارة القوية في العلاقات الخليجية – كما يظن البعض- وأن هذه الانفراجة لن تغير شيئا في ثوابت العلاقات بين الدولتين أو بالأحري بين أنظمة الخليج عموما ، فالخلاف –حسب متخصصين- ممتد إلى جذور العلاقة ، فالإمارات على سبيل المثال لاتنسى موقف النظام القطري الذي حاول الإطاحة بنظام بن زايد بعد وصول الإخوان المسلمين للحكم في مصر عام 2013 ، ولذلك فهي أكثر الدول في المنطقة العربية ترفض التقارب مع نظام الحمدين . السؤال الأهم الذي يطرح نفسه في الشارع المصري الآن.. ماهو مستقبل علاقة مصر بدول مجلس التعاون وخصوصا قطر، وهل يمكن أن تشهد هذه القمة "تبديلا للمواقف" بالنسبة لعلاقة مصر مع باقي دول الرباعي العربي "السعودية – الامارات- البحرين" وهي الدول التي بدأت مسار المقاطعة مع مصر وتحملت عبء ترويض نظام الحمدين ومحاولة استرجاعه مرة أخرى إلى الصف العربي بعد أن جعل المنطقة العربية وخصوصا الخليج مرتعا لإيران وتركيا وإسرائيل . د.طارف فهمي- ليس مجرد أكاديمي في العلوم السياسية، لكنه قريب من دوائر رسمية- أكد أن مصر لاتنزعج من أي تقارب طالما أن هذا التقارب لن يمس أمنا القومي ولن يأتي على حساب مصالحنا بأي شكل من الأشكال ، مشيرا إلى بيانات الخارجية المصرية قبل انعقاد القمة الخليجة والتي أكدت خلالها أن مصر تدعم وحدة الصف العربي والعمل العربي المشترك وتعزيز أواصر التعاون العربي ، وهو نفس المعنى الذي أعلنته مصر عندما زار وزير خارجية الكويتالقاهرة. وقال الرئيس السيسي خلال استقباله وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح، حيث سلمه رسالة من أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، تضمنت استعراض آخر التطورات المتعلقة بالمساعي الكويتية لتحقيق وحدة الصف، على أهمية الالتزام بالنوايا الصادقة لتحقيق المصلحة المشتركة، وكذلك التكاتف لدرء المخاطر عن سائر الأمة العربية وصون أمنها القومي. إذا فموقف مصر واضح وثابت من الأزمة الخليجية منذ اليوم الأول للمقاطعة ، وهو تطبيق الشروط التي اتفقت عليها الدول الأربع ، ولخصها وزير الخارجية المصري سامح شكري في أن الاتفاق يجب أن يضمن لمصر ودول الرباعية أن يكون هناك تقدير لأهمية وتكريس المبادئ الخاصة بالعلاقات حتى ما بين الإخوة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية، والعمل على مراعاة مصالح الشعوب، وعدم محاولة زعزعة استقرارها، وأن يكون المبدأ قائمًا على العلاقات الأخوية التي تربط بين الدول العربية من حيث الرعاية لمصالحها بشكل مشترك، وعدم المساس بمستقبل واستقرار الشعوب". وقطعت مصر والسعودية والإماراتوالبحرين في 2017 العلاقات الدبلوماسية والتجارية والسفر مع قطر، متهمة إياها بتمويل الجماعات المتشددة . ملفات عديدة لا يمكن أن تحسمها القمة الخليجية ال41 ، لأن هناك معوقات بين دول المجلس ، فالقضية ليست السعودية وقطر فقط، فالبحرين على سبيل المثال كانت قد اتهمت في أكثر من بيان نظام الدوحة بمحاولة زعزعة استقرار المنامة واختراق حدودها البحرية ، وتقدمت بشكوى إلى مجلس الأمن ، وهو نفس الشىء الذي فعلته الدوحة ، كما أن مسألة تمويل التنظيمات الإرهابية والتيار الديني المتشدد هو ملف خطير لم تبد فيه الدوحة أي نوايا لإغلاقه ، وهو الأمر الذي تعتبره معظم دول المنطقة السبب في خروج قطر عن الصف العربي وارتمائها في أحضان إيران وتركيا. على الجانب الآخر هناك من يرى أن ثمة تطمينات وضمانات لباقي دول الرباعي العربي "البحرين-الإمارات-مصر" أن قطر مستعدة لتنفيذ الشروط التي وضعتها دول المقاطعة من بينها وقف دعم الجماعات المتشددة ، رأي تبناه الدكتور جهاد الحرازين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس ، خصوصا أن هناك لاعبا رئيسيا دخل على الخط في قضايا المنطقة بعد اتفاق التطبيع مع بعض الدول العربية وهو إسرائيل ، وهذا يفسر حضور جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقمة الخليجية ، واشنطن حريصة على إتمام عملية التطبيع الشامل بين إسرائيل ودول المنطقة العربية ، وهذا لن يتأتى إلا بالتوصل إلى تفاهمات في الملفات العالقة