مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    حي شرق بمحافظة الإسكندرية يحث المواطنين على بدء إجراءات التصالح    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    بعد انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 4 مايو 2024 في البورصة والأسواق    الاحتلال الإسرائيلي يقصف ويحاصر ويجرف بمحيط منزل في دير الغصون بالضفة الغربية    حسين هريدى: الهدف الإسرائيلى من حرب غزة السيطرة على الحدود المصرية الفلسطينية    تعرف على حكم مباراة الأهلي والجونة فى الدوري الممتاز    "أفشة يقترب من الرحيل".. سيد عبد الحفيظ يكشف مفاجأة عن مصير نجم الأهلي    «توخوا الحذر».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم وموعد عودة الأمطار في مصر    التموين تتحفظ على 2 طن أسماك فاسدة    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    شيرين عبد الوهاب تبكي أثناء غناء «كدة يا قلبي» بحفل الكويت    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. السبت 4 مايو 2024    هيثم نبيل يكشف علاقته بالمخرج محمد سامي: أصدقاء منذ الطفولة    المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: أفلام المسافة صفر مهمتها حفظ حكاية غزة    المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الإذاعى أحمد أبو السعود    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    مصرع 37 شخصاً جراء الفيضانات في البرازيل    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    "ارتفع 140جنيه".. سعر الذهب بختام تعاملات الأمس    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    الخطيب يهنئ «سيدات سلة الأهلي» ببطولة الكأس    ملف يلا كورة.. اكتمال مجموعة مصر في باريس.. غيابات القطبين.. وتأزم موقف شيكابالا    سيدات سلة الأهلي| فريدة وائل: حققنا كأس مصر عن جدارة    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    تصريح دخول وأبشر .. تحذير من السعودية قبل موسم الحج 2024 | تفاصيل    سيول وفيضانات تغمر ولاية أمريكية، ومسؤولون: الوضع "مهدد للحياة" (فيديو)    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفاهيم التى سقطت فى عام 2020


د. سليمان عبدالمنعم
يمكن للمتأمل فى أحداث عام 2020 أن يضعها تحت أكثر من عنوان بحسب زاوية اهتمامه أو تخصصه. ويمكن أيضاً أن يتناولها بحسب درجة خطورتها، ومعايير أخرى كثيرة تصلح أساساً للكتابة عن هذا العام المنصرم بما شهده من جائحة فيروس كورونا المستجد التى قلبت العالم رأساً على عقب. فى كل الأحداث والقلاقل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيولوجية التى شهدها العام 2020 ثمة حكايات وتفصيلات وتفسيرات كثيرة لكنى سأتوقف لكى أُطل عليها من مدخل محدّد هو ما أسقطته هذه الأحداث من مفاهيم أو تصورات، أو على الأقل وضعتها موضع شك كبير.
كان أول تصوّر سقط هو اعتبار الخطر النووى الخطر الوحيد الأشد تهديداً للبشرية، فقد جاء فيروس كورونا المستجد كقنبلة بيولوجية تسللت فى كتمان لتجتاح العالم كله وتخلّف أعداداً من الضحايا بلغت لحظة كتابة هذه السطور مليونا و812 ألف حالة وفاة.
هذا العدد يزيد ثمانى مرات على عدد القتلى اليابانيين فى الحرب العالمية الثانية ضحايا قنبلتى هيروشيما ونجازاكى النوويتين والذى بلغ وفق التقديرات المتداولة 220 ألف قتيل (140 ألفا فى هيروشيما و80 ألفا فى نجازاكي) بالطبع عرف العالم أيضاً مخاطر لأنواع شتى من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية التى استخدمت فى بعض الحروب والصراعات الأهلية لكنها كانت فى النهاية أسلحة حرب محظورة بموجب بروتوكول دولى مبرم فى عام 1925 ثم توسع الحظر والتقييد بمقتضى اتفاقية دولية أوسع نطاقاً أُبرمت عام 1971 ودخلت حيز النفاذ فى عام 1975، وهى أسلحة تُستخدم فى نطاق جغرافى محدّد، أما الفيروسات البيولوجية الجديدة الواسعة الانتشار فهى أشبه بأحصنة طروادة، وما زالت أقل خضوعاً للتقنين والتقييد خصوصاً فى إطار التجارب والأبحاث البيولوجية التى تتم لأغراض سلمية وعلمية. إذا استبعدنا نظرية المؤامرة لدى من يعتبرون أن فيروس كورونا كان نتيجة لتجارب بيولوجية ما خرجت عن السيطرة لخطأ أو تقصير، فإنه ما زال مطلوباً تنظيم الأنشطة المتعلقة ببيئة بعض الكائنات الحية أو تداولها التجارى الغذائى سواء بتشريعات محلية أو باتفاقيات دولية عند الاقتضاء.
التصوّر الثانى الذى سقط فى عام 2020 يتعلق بفكرة الجغرافيا وما رسمته من حدود أو حواجز أو موانع بين الدول. لم تعد الجغرافيا تعصم أحداً من مخاطر وربما كوارث عديدة. فالجرائم المنظمة أصبحت عابرة للحدود، والإرهاب أصبح عابراً للحدود، وها هى الفيروسات والأوبئة تعبر الحدود رغم كل محاولات إغلاق المطارات وتعليق الرحلات الجوية.
بالطبع لم يكن تغير مفهوم الجغرافيا عميقاً إلا بقدر ما أحدثه مفهوم العولمة من تغيرات موازية وانقلابات فى مفاهيم وثوابت عديدة تتعلق بالسيادة والأمن والحدود وحرية السفر وغير ذلك. تجاوز العالم تراث الطوق الحديدى الجغرافى الذى فرضه الاتحاد السوفيتى على نفسه وعلى دول الكتلة الشرقية حتى ثمانينيات القرن الماضى. وحدها كوريا الشمالية هى الدولة الوحيدة المتبقية التى تعتصم بالجغرافيا وتستعصى على العولمة فتحطّم غزو وباء كورونا على حدودها المغلقة، على الأقل فى حدود ما نعرفه.
سقطت أيضاً تصوّرات عامة حول قدرة الاقتصادات الوطنية على مواجهة الكوارث الكبرى وحدها. وباستثناء الصين التى تبدو وكأنها مصنع العالم فإن دولاً عظمى عانت فى بداية اندلاع وباء كورونا نقصا فى الإمكانات والمعدات الطبية مثل أجهزة التنفس الاصطناعى بل وفى أقنعة الوجه البسيطة (الكمامات). لم يكن أحد يتصوّر أن فكرة الاعتماد السلعى والتجارى المتبادل بين الدول يمكن أن تضع اقتصادات دول كبرى أعطت الأولوية للصناعات المتقدمة والتكنولوجيات الفائقة فى مأزق التكالب على شراء معدات ومستلزمات صحية بسيطة من الصين بل والمزايدة على أسعارها كما حدث من جانب بعض الولايات الأمريكية. ولهذا ربما تكون إحدى الخبرات المستفادة من جائحة كورونا هى مراجعة الاقتصادات الوطنية لمسألة اكتفائها الذاتى ولو بالحد الأدنى من الإمكانات والمتطلبات الصحية الخاصة بطب الكوارث وحالات الطوارئ.
مفهوم آخر سقط في2020 أو على الأقل أصبح مشكوكاً فيه إلى حد بعيد هو دور الدولة الذى كان قد استقر فى معظم دول العالم على مفهوم الدولة الحارسة التى تكتفى بالاضطلاع بالوظائف الأساسية للدفاع والأمن والسياسة الخارجية تاركةً لقوى السوق والقطاع الخاص المهام والوظائف الأخرى بدءاً من انتاج السلع وتقديم الخدمات وحتى التعليم والصحة. فى البدايات الأولى للجائحة بدا القطاع الخاص الصحى متراجعاً مترنحاً وعاجزاً عن التصدى تارة لعدم قدرته وتارةً أخرى لعدم رغبته، لكن كانت النتيجة فى النهاية واحدة وهى أن الدولة وقفت وحدها تقريباً كحائط الصد الأول والمسئول عن مواجهة الجائحة. كانت أنجح الدول الرأسمالية فى خوض المواجهة هى تلك التى تمتلك نظاماً للرعاية الصحية الحكومية يكاد يغطى أفراد الشعب كله تقريباً مثل فرنسا. وبصرف النظر عن أن مثل هذه الدول الرأسمالية قد عانت وتأذت كثيراً بسبب الأعداد الكبيرة لإصابات كورونا إلا أن امتلاكها لنظام تأمين صحى فعّال وشامل قد حدّ كثيراً من تداعيات الوباء، بحيث أصبحت معاناة الناس الوحيدة هى فى مواجهة الفيروس نفسه، أما متطلبات هذه المواجهة من خدمات صحية ومستشفيات عزل ومساعدات مالية ولوجستية لمن فقدوا أعمالهم أو أُغلقت محالهم فقد تكفلت بها الدولة الرأسمالية التى سرعان ما تحوّلت فى زمن المحنة إلى دولة تكافلية ومسئولة وضامنة.
فى الحالة المصرية حيث الموارد المحدودة لدولة المائة مليون نسمة لم نعرف كثيراً عن دور إيجابى قام به القطاع الخاص الصحي، لكن سمعنا عن مستشفيات خاصة دفع فيها بعض المصابين بالفيروس نصف مليون جنيه لقاء عدة أيام! ربما ستحتاج السياسات الصحية فى دول العالم التى لا توجد بها أنظمة قوية لرعاية صحية حكومية لمراجعة نفسها لتفكير وتخطيط جديدين، لكن ما تأكد لنا حتى الآن هو أن ترك مهمة الرعاية الصحية سداحاً مداحاً للقطاع الخاص أمر يحتاج إلى قدر كبير من التنظيم والضوابط والمعايير بشكل عادل ومنصف (ورحيم) يكفل حقوق ومصالح الجميع.
يرتبط بالتصوّر السابق عن دور الدولة تصوّر آخر كان قد استقر فى الوعى السياسى والديمقراطى بشأن مفهوم الحرية. لم يكن متصوّراً عشية الوباء تقييد حرية التنقل أو الإقامة أو الاحتفال. بعد أسابيع قليلة من ظهور الوباء سرعان ما سقط هذا التصوّر بفعل تدخل سلطة الضبط وفرض النظام والقيود من جانب الدولة.
المجتمعات التى تمردت على هذه القيود كانت النتائج فيها مأساوية فى حالتى إيطاليا وإسبانيا وبدرجة ما الولايات المتحدة الأمريكية حيث رفض الناس فى البداية الانصياع للقيود الخاصة بالحجر والتباعد الاجتماعي.
ولهذا كانت أعداد ضحايا الوباء فيها أكبر بكثير من الدول الأخرى التى تدخلت بقوة وحزم لفرض هذه القيود، وتحقّق النجاح الأكبر فى تطويق الوباء فى الصين واليابان وكوريا الجنوبية التى كشفت تجربتها أن سلطة حزم الدولة وانضباط السلوك الفردى قيمتان عزيزتان فى أزمنة المحن والكوارث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.