عن غير قصد، تحولت منصة نتفليكس الرقمية إلى رمز للتغيير فى عالم الترفيه و التليفزيون والفيديو الذى شهده القرن ال21 . فعلى الرغم من أن بدايتها كانت فى عام 1997 كموقع لتأجير الأفلام على أقراص ال«دى فى دي» و«البلو راي»، ولكنها سرعان ما تطورت واحتلت مكانة رئيسية فى عالم الترفيه، حتى أنها أصبحت بديلا لشاشة السينما على مدار الشهور الماضية، مع تفشى جائحة كورونا وإغلاق دور العرض أبوابها أمام مريديها. ومع انتشارها السريع، بدأت فى توسعة عملها فى عام 2007، حيث بدأت فى بث الأفلام على منصتها الرقمية، لتصبح أشبه ما يكون بمكتبة متوفرة للجميع مع الاحتفاظ بخدمة تأجير الأفلام على أقراص «دى فى دي» و«بلو راي»، وسرعان ما بدأت فى التمدد عالميا، وامتدت خدماتها لتشمل كندا وأمريكا اللاتينية بحلول عام 2010. وفى 2013، اقتحمت عالم الإنتاج وبدأت بفيلم «منزل من ورق» لتحدث ضجة فى عالم السينما وتثير الكثير والكثير من الجدل مع مرور الوقت. اليوم، نتفليكس توفر خدماتها ل195 مليون مشترك فى مختلف أنحاء العالم باستثناءات بسيطة. واقترب صافى دخلها من 1،2 مليار دولار. ونجحت فى أن تكون، خلال الأشهر الماضية، الأكثر ربحية على مستوى العالم. ولكن ما فعله ريد هاستينجز، مهندس الكمبيوتر الأمريكى وشريكه مارك راندولف، كان أكثر بكثير من إنشاء شركة ناجحة تدر عليهم المليارات حيث نجحا فى تغيير مفهوم الترفيه حول العالم، وكانا نقطة بداية للكثير من المنصات الرقمية المشابهة على مستوى العالم. فى 2019، تحولت نتفليكس إلى منافس حقيقى وخطير لصناعة السينما التقليدية فى هوليوود. ففيلمها «روما» حصد العديد من جوائز الأوسكار. وتحول إلى إشكالية كبرى بالنسبة للجنة التحكيم، خاصة وأن عرضه الأول لم يكن فى دار سينما، بل منصة رقمية، وهو ما لم تعتده الأكاديمية الأمريكية فى توزيع جوائزها الشهيرة. ناهيك، عن أنه أول فيلم ناطق بلغة غير الإنجليزية يحصل على الجائزة الأولى فى المسابقة. ولكن كانت هذه هى البداية فقط، فبدأ القائمون على نتفليكس فى الاستعانة بأساطير هوليوود فى إنتاج أفلامهم من أمثال المخرج مارتن سكورسيزى وآل باتشينو وروبرت دينيرو وأنتونى هوبكنز، لتتزايد نسب الاشتراكات يوما بعد الآخر. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فهذه المنصة الشابة التى نجحت فى دخول ملايين المنازل حول العالم تحولت إلى إشكالية أخلاقية أثارت كثيرا من الجدل، فلم تلتزم المنصة يوما بالمعايير الأخلاقية التى سيتم بثها عبر منصتها. على النقيض تماما، فقد فضلت اختيار أكثر الأعمال المثيرة للجدل ليتم بثها، لتكتشف الدول أن هذه المنصة لا تخضع لرقابة، وإيقاف بثها سيثير كثيرا من الأزمات، فهو ليس إجراء سهلا بالنسبة لمحطة تبث على الإنترنت. نتفليكس هى علامة وتحد يصعب مواجهته فى عالم الترفيه، فهى مكتبتك المعبأة بأحدث الأفلام والمسلسلات من كل دول العالم، تشاهدها متى تريد. وتوفر لك كل نوعيات الأفلام الوثائقية والدرامية الثقيلة، بل والتافهة أيضا.