يخطئ من يتصور إننا لسنا فى حاجة إلى أوروبا ويخطئ أكثر أن يطالب البعض بعدم الاهتمام بقرار البرلمان الأوروبى حول قضية حقوق الإنسان فى مصر.. لا ينبغى أن يتعامل البعض مع مثل هذه الأحداث بقدر من التجاهل أو التعالى والاستخفاف.. لأننا أمام مؤسسات كبرى ودول هى الأهم فى رسم سياسة هذا العالم.. من الخطأ أن نتعامل مع قرار البرلمان الأوروبى دون أن نناقش كل ما جاء فيه ونرد عليه.. وهنا تأتى أدوار مؤسسات كثيرة فى الدولة ابتداءً بوزارة الخارجية والسفارات المصرية فى الخارج وهيئة الاستعلامات والإعلام المصرى بكل مؤسساته.. لا ينبغى أن نتجاهل موقف الدول الأوروبية مع مصر بعد ثورة يونيه.. فى السنوات الأخيرة قامت جسور كثيرة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى وربطت علاقات وثيقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى وزعماء أوروبا بعد سنوات من الإهمال والتجاهل وهذه العلاقات كانت لها نتائج ايجابية على المستوى السياسى والاقتصادى ولا ينبغى أن نفرط فيها.. إن ألمانيا كانت وراء مواجهة أزمة الكهرباء فى مصر من خلال كبريات شركاتها وكانت هناك صفقات لتوريد أسلحة حديثة لمصر، رغم أن ألمانيا تتردد كثيراً فى بيع السلاح.. وكان التعاون بين مصر وشركات البترول الايطالية من أهم انجازات حقول الغاز فى البحر المتوسط واكتشاف الغاز فى حقل ظهر.. وكانت صفقات السلاح مع فرنسا خاصة الطائرات المقاتلة «رافال» إضافة كبيرة لقواتنا المسلحة.. كما أن أوروبا شاركت فى تمويل مشروعات كبيرة فى مصر فى كل المجالات: مشروعات المترو والتنقيب عن الذهب والخدمات الإنسانية.. ولا ينبغى أن نتجاهل علاقات مميزة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ومستشارة ألمانيا ميركل أو رئيس فرنسا ماكرون أو رئيس وزراء إيطاليا أو اليونان. من الخطأ الشديد أن يقلل البعض من أهمية الدعم الأوروبى لمصر فى السنوات الماضية وأننا مازلنا فى حاجة لهذا الدعم خاصة فى مجالات التكنولوجيا المتقدمة والمشروعات الكبري.. لابد أن نعترف بأننا فى أوقات كثيرة لم نتجاوب مع رسائل كثيرة كانت تأتينا من الخارج.... وأن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت أكثر الوسائل أهمية فى طرح القضايا والأزمات. ، مما فتح الأبواب لجهات كثيرة أن تملأ الفراغ الذى تركناه.. إن الدعم السياسى لمصر من دول أوروبا كان شيئا على درجة كبيرة من الأهمية فى السنوات الأخيرة ولا ينبغى أن نخلط الأوراق بين مواقف رسمية كانت معنا ومؤسسات شعبية لابد أن نسمعها.. لابد أن تكون لنا وقفة مع بيان البرلمان الأوروبي، لأنه ليس مجرد مؤسسة شعبية.. فهو صاحب سلطة وصاحب قرار ولابد أن نناقش ما جاء فى البيان.. وأن تكون لدينا القدرة والمواقف أن نرد بحسم وشجاعة ولن يعيبنا أن نعترف بالأخطاء.. نحن لا نعيش فى هذا العالم وحدنا ونحن شركاء فى كل شيء ابتداء بمياه البحار وانتهاء بمحنة كورونا.. ونحن نعلم أن قضايا حقوق الإنسان لها أهمية ومكانة خاصة فى الفكر الأوروبى حتى لو كان ذلك على مستوى الشعوب والمؤسسات الأهلية والمدنية.. لا ينبغى أبداً أن نسمع ولا نرد أو أن نتجاهل ما يدور حولنا من الأحداث والعواصف.. وإذا كان البعض منا يتصور أن الصمت الذى تمارسه بعض المؤسسات فى الداخل يمكن أن يسرى على الخارج فهذا خطأ فادح.. إن بيان مجلسى النواب والشيوخ فى الرد على البرلمان الأوروبى كان سريعا وحاسماً ولكنه لا يكفى ولابد أن نسأل أنفسنا أين مؤسسات الدولة المصرية.؟ لقد غاب الإعلام المصرى تماما عن مناقشة علاقات مصر الخارجية.. أين نحن من كل ما يدور حولنا؟ أين ما يجرى فى ليبيا وقواتنا على حدودنا الغربية؟ أين ما يحدث فى السودان ؟ وما هى أخر التطورات حول سد النهضة والمعارك التى تدور بين السودان وإثيوبيا وماذا يحدث فى المناورات العسكرية فى البحر الأسود مع روسيا ومع فرنسا واليونان فى البحر المتوسط، بل إننا لا نتابع ما يحدث من مواجهات بين جيش مصر والإرهاب فى سيناء.. هناك حالة انفصال وتقوقع بيننا وبين ما يجرى حولنا هذا بخلاف مناطق أخرى مشتعلة فى سوريا والعراق واليمن.. إن هناك إهمالا شديدا لإنجازات تحدث فى مصر الآن لا يعلم العالم عنها شيئا.. إن الكهرباء والطرق والعقارات والمدن الجديدة وبناء القوات المسلحة كلها انجازات تحققت فى السنوات الماضية وهناك دول أجنبية وقفت معنا فيها وينبغى أن نقدر ذلك ونعلنه للعالم كله.. لابد أن نعترف أن هناك بعض المواقف التى كان ينبغى أن نتعامل معها بجدية أكثر.. لابد من قراءة تتسم بالشفافية والتقدير السليم لما جاء فى بيان البرلمان الأوربى ،خاصة أنه لم يكن بياناً إنشائياً ساذجاً .. ولكنه بيان فيه الكثير من الحقائق التى ينبغى مناقشتها، خاصة أننا نتحدث عن دول تربطنا بها علاقات تاريخية ومصالح وروابط تاريخية وجغرافية ولا نترك تلك الأبواق التى لا تضع الحقائق فى نصابها .. إن رسالة البرلمان الأوروبى ليست حدثاً عادياً يمكن أن نستهين به.. ويجب أن نسمع بعضنا قبل أن تأتينا النصائح من أحد ومن هنا يجب أن نطرح للحوار كل قضايانا مهما كانت درجة الحساسية فيها ولاشك أن قضية حقوق الإنسان لابد أن تكون لها أولوية خاصة.. لأن مصر دولة كبيرة تحكمها ثوابت كثيرة وتاريخ عريق، كان ينبغى أن يكون للنخبة المصرية دور كبير فى الرد على البرلمان الأوروبى ولكن أين هذه النخبة وقد انسحبت تماماً بكل رموزها ومسئوليتها؟! لا ينبغى أن ننسى أن أوروبا وقفت مع مصر بعد ثورة يونيه وقدمت الدعم فى كل المجالات وإذا كانت هناك تجاوزات يراها البعض فى بيان البرلمان الأوروبى فإن الرد عليها أفضل كثيراً من الرفض الكامل أو تجاهل الحوار معها، نحن لا نعيش وحدنا فى هذا العالم ولانستطيع وليس من المنطقى أن يتصور البعض أننا يمكن أن نعادى العالم كله ويبقى الشعر أنا فِى عُيُونِكِ .. نُقْطة ُ الضَّوءِ التِى عَادَتْ .. وَأضْنَاهَا الحنينْ أنَا ذلِكَ الْعُصْفوُرُ سَافَرَ حَيْثُ سَافَرَ كَمْ تَغنَّى .. كَمْ تَمنَّى .. ثُمَّ أرَّقَهُ الأنِينْ أنَا قَطْرة ُ المَاءِ التِى طافتْ عَلى الأنْهَار تُلْقى نَفْسَهَا للمَوْج حِينًا .. ثُمَّ تْدفَعُهَا الشَّوَاطِئ للسَّفِينْ أنَا غُنْوة العُشَّاق ِفِى كُلِّ الّمواسِم ِ.. تشْتَهى صَوْتًا يُغَنِّيهَا لكُلِّ الْعَاشِقِينْ أنَا بَسْمَة ُ الفَجْر الغَريبِ عَلى ضِفَافِكِ .. جَاءَ يَسْتَجدِيكِ .. كَيْفَ سَتْرحَلِينْ ؟ أنَا عَاشِقٌ وَالعِشْقُ إعْصَارٌ يُطَاردُنَا . تُراكِ سَتهرَبينْ ؟ صَلِّى لأجْلِى .. إننِى سَأمُوتُ مُشْتاقًا وأنْتِ تُكَابرينْ هَذِى دِمَائِى فِى يَدَيْكِ .. تَطَهَّرى منْهَا وَأنْتِ أمَامَ رَبِّكِ تسْجُدِينْ إنِّى أحِبُّكِ .. قدْ أكُونُ ضَللتُ قبْلكِ .. إنَّمَا الغُفْرَانُ حَقُّ التَّائِبينْ إنِّى أحِبُّكِ .. قدْ أكُونُ قضَيْتُ عُمرى فى التُّرابِ .. وَأنْتِ فِى قَلْبِ النُّجُوم تُحَلِّقِينْ إنِّى أحِبُّكِ .. قدْ يكُونُ الحبُّ فِى زَمَن الخَريفِ .. كَغَنْوةِ النَّاى الحَزينْ قدْ كُنْتِ أنْتِ نهَايَة َ التَّرْحَال مِجْدَافِى تَكسَّرَ مِنْ سِنِينْ وَإليْكِ جِئْتُ بتَوْبَتِي وذنُوب عُمْرى .. هَلْ بِرَبِّكِ تَقْبَلينْ ؟ إنَّى غَريبٌ هَلْ لدَيْكِ الآنَ بَعْضُ الخُبْز بَعْضُ الأمْن ِ بَعْضُ اليَاسِمِينْ ؟ هَيَّا لنَضْحَكَ .. هَاهُوَ الصُّبْحُ المُسَافِرُ فِى عُيونِكِ .. عَادَ يُشْرقُ بالنَّدَى فَوْقَ الجَبينْ هَيَّا لنَرْقُصَ .. آهِ مَا أحْلاكِ .. فِى ثَوْبِ البَرَاءَةِ تَرْقُصِينْ الْعَامُ يَرْحَلُ فَاحْمِلِى قَلْبى عَلى كَفَّيكِ حِينَ تُسافِرينْ وَإذا ظَمِئْتِ .. فَفِى الحَقَائِبِ كُلُّ أشْوَاقِي وَفِى الأعْمَاق نَهْرٌ مِنْ حَنِينْ قصيدة « قبل أن يرحل » سنة 1989