عبدالله عبدالسلام فى فيلم «السوق السوداء» «1945»، من إخراج كامل التلمسانى وبطولة عماد حمدى وزكى رستم، يستغل التجار النقص الشديد بالإنتاج خلال الحرب العالمية الثانية، ويخزنون السلع سرا للاتجار بقوت الناس. يصفهم الفيلم بأنهم: حيوانات بلا ضمير. فى العالم الراهن تحدث أمور مشابهة لكن من يقوم بذلك دول كبرى. مع بدء إنتاج لقاحات كورونا، تسابقت الدول على شراء أكبر كميات ممكنة. يقدر الخبراء حجم الانتاج خلال العام المقبل بنحو 12 تريليون جرعة «التريليون ألف مليار». حاليا الإنتاج محدود، وقد شفطت الدول الغنية الكميات المنتجة تقريبا. كندا حجزت 200 مليون جرعة، بما يكفى لتغطية سكانها«38 مليون نسمة» 5 مرات. أمريكا وبريطانيا ودول كبرى أخرى تفعل الشىء نفسه. تشترى ليس فقط ما تحتاجه، ولكن كميات أكبر بكثير للتخرين. الكبار حجزوا حتى الآن 9 مليارات جرعة. أين الدول الفقيرة؟ عليها الانتظار حتى امتلاء مخازن الأغنياء. لم تنجح مبادرة تقاسم اللقاحات التى دعت إليها منظمة الصحة العالمية. كميات ضئيلة حصلت عليها المنظمة بسبب نقص التمويل. على الفقراء الانتظار أطول فترة ممكنة أو البحث عن لقاحات أقل فعالية. فى أوقات الأوبئة والحروب، الكل يحاول النجاة بنفسه. وحدهم الأغنياء لديهم الوسائل والإمكانات للنجاة دون أضرار كثيرة. ضاعت دعوات التضامن العالمى.. هكذا تحسرت كاثرين أوبراين رئيسة قسم اللقاحات بمنظمة الصحة. خبير صحة إفريقى وصف أنانية الدول الكبرى بأنها غير أخلاقية محذرا من أن الفشل فى حماية الدول النامية من شأنه ترك «خزان» من الفيروس قد يتسبب فى موجات جديدة. لا يمكن الجدل فى أن دور أى حكومة حماية شعبها من الوباء وبذل ما تستطيع لتوفير اللقاح لكن شراء كميات أكبر بكثير من الحاجة وتخرينها لا يختلف فى شىء عما يفعله التجار الجشعون خصوصا أن زيادة الإنتاج مسألة وقت، وبالتالى، فإن ملء المخازن عن آخرها بالجرعات بينما هناك بشر بأمس الحاجة لها تصرف غير أخلاقى ينزع ورقة التوت الحضارية التى طالما تشدق الغرب بها. كشف كورونا خواء العالم الفكرى والأخلاقى، وجاء اللقاح ليؤكد المؤكد.