أحمد عبدالتواب التقدير للسياسة الجديدة للنيابة العامة بالسماح بتداول بعض التحقيقات فى قضايا تهمّ الرأى العام، والتى لا يُخلّ إعلانُها بسير العدالة. ومن هذا ما نُشِر الأسبوع الماضى فى القضية المعروفة ب «طفل المرور»، بما صار يترتب عليه أن يقوم المجتمع بواجباته، بأن يتحرك المتخصصون والمهتمون بالشأن العام لدراسة الأخطاء الخطيرة التى تكشّفت، وتقديم مقترحات بالحل، بعد أن تبين أن لدينا اختلالات مخيفة تُفرِّخ هذه النوعية من الأطفال، الذين تتفاقم حالاتهم مع مرور الزمن بسبب التهاون فى إصلاح المناخ الذى نشأوا فيه، والذى جعلهم يستهينون بأهم مبدأ لايمكن أن يتطور مجتمع بدونه، وهو أنهم متساوون مع غيرهم. وكان نادى القضاة موفقاً عندما أصدر بياناً أصرّ فيه على عدم استثناء أى أحد من تطبيق القانون، وأكدّ أن وظيفة والد الطفل كقاضٍ ليس لها تأثير على سير العدالة. المشكلة أعقد من أن تُحصَر فى جنوح طفل، أو فى فشل الوالدين عن تربيته، وإنما الأخطر أن هناك ظروفاً سلبية قائمة قد تغوى الأطفال الأسوياء، كما أنها قد تنسف مساعى الوالدين فى حسن التربية! ومن هذا أن ينشأ الطفل فى بيئة تُرضِعه أنه فوق القانون، وتُصدر له جهة رسمية بطاقة هوية ليس لها سوى معنى إخافة من يسعى لتطبيق مبدأ المساواة عليه، وأن سيارة والده تتمتع بحصانة تعفيها ومن يسوقها من المساءلة فى مخالفات المرور، بل إنها تحمى مالكها وهو يستمر فى عدم تجديد رخصتها منذ 2015، وأن يتأكد الطفل أنه لن يردعه أحد من أن يهين شرطياً أثناء تأدية عمله، بل إن هذه الملابسات تُكبِّل الشرطى عن اتخاذ الإجراءات القانونية! فالطفل وأصدقاؤه بعد أن سخروا من الشرطى وأوقعوه أرضاً وعرّضوه للإصابة، عادوا إليه وأهانوه مجدّداً، ثم فى المرة الثالثة أكدّوا له أن فى يدهم أن يعتذروا إذا أرادوا! وإذا به يقول لهم، وفق أقواله فى التحقيقات: «خلاص، حصل خير!!». فهل يمكن تسمية هذا «ضبط للنفس»؟ أم أنه رعب صريح من أن يُفكِّر فى تطبيق القانون عليهم؟