وفقا لأحدث التقارير الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ؛ وهي مؤسسة دولية معنية بالدراسات الاقتصادية حول العالم، فإن الدول النامية تواجه فجوة تقدر ب 1.7 تريليون دولار في التمويل المطلوب لتحقيق أجنداتها للتنمية المستدامة حتى 2030، بسبب جائحة كورونا التي لا يزال المستثمرون والحكومات على حد سواء تعاني من تداعياتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية. واعتبرالتقرير، الفجوة الهائلة امتدادًا للفجوة التي تعاني منها هذه الدول بالأساس في تمويل أجنداتها للتنمية المستدامة، والتي قدرت - قبل الجائحة - ب 2.5 تريليون دولار، كما أن 90 دولة من أصل 122 دولة نامية تعاني حاليًا من كساد اقتصادي، نتيجة تأثر قطاعات حيوية بانتشار الجائحة وعلى رأسها السياحة والتصنيع وقطاع السلع الأساسية. كما كشف التقرير، أن الدول النامية من المتوقع أن تواجه تراجعًا في التمويل الخارجي الموجه من القطاع الخاص يقدر ب 700 مليار دولار في 2020، وهو ما عزاه التقرير إلى التراجع في الحوافظ المالية والاستثمار الأجنبي المباشر، وكذلك التراجع الكبير الذي شهدته هذه الدول في التحويلات النقدية من العاملين والمقيمين بالخارج، نظرًا للجائحة وما تبعها من تطبيق إجراءات الحد منها. وتوقع التقرير أيضًا أن تعاني الدول النامية فجوة تقدر بتريليون دولار في الإنفاق العام على تطبيق معايير مرحلة التعافي من الجائحة، إذا ما قورن هذا الإنفاق بالإنفاق في الدول المتقدمة التي تتمنع بقدرات أكبر فيما يتعلق بالاقتراض وقدرتها على تدبير ما تحتاجه من موارد. وإضافة إلى ذلك، فإن تبعات الجائحة قد تتضمن تأثر المساعدات التنموية التي تحصل عليها الدول النامية من الدول المتقدمة بما سوف يؤثر بلا شك على مسار أجندات التنمية المستدامة ب الدول النامية خلال السنوات المقبلة وفقًا للتقرير. كذلك فإن تقرير تمويل التنمية المستدامة المعد من قبل 60 منظمة من المنظمات الدولية المعنية بهذا الملف، وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة - صدر مع بداية انتشار الجائحة في الدول النامية والأسواق الناشئة في أبريل - قد كشف العديد من التبعات للجائحة في هذا الإطار مقترحًا عددًا من السياسات التي يجب على متخذي القرار الإسراع فيها، للحفاظ من ناحية على مكتسبات التنمية المستدامة حتى الآن، ومن ناحية أخرى للحفاظ على مسار أجندات التنمية المستدامة والمضي قدمًا في تحقيق أهدافها خلال السنوات العشرة المقبلة. ووفقا للتقرير فان الكساد الاقتصادي والأزمة المالية والكساد الاقتصادي الذي تولد من الجائحة، قد تسببت في تداعي التجارة والاستثمار بالتزامن مع خروج استثمارات تقدر ب 90 مليار دولار من الأسواق الناشئة بدءًا من مارس 2020، وهو أعلى معدل تراجع شهدته الاستثمارات الأجنبية في هذه الأسواق في تاريخها. ووفقًا للتقرير- فإن معدل المساعدات التنموية الرسمية (ODA)؛ وهي المساعدات الحكومية التي توجه لتحقيق التنمية الاقتصادية وحياة أفضل لسكان الدول النامية ، والتي لا تشتمل بطبيعتها على المساعدات أو القروض أو التسهيلات الائتمانية العسكرية، كان قد شهد تراجعًا قبل الجائحة بمعدل 4.3٪، كما أن 20٪ من البلدان النامية كانت على وشك أن تشهد تراجعًا في معدل دخل الفرد إلى الناتج القومي الإجمالي في 2020 قبل انتشار الجائحة، وهو ما يعكس كيف أن ظهور الجائحة لم يسبب أضرارًا بالغة للاقتصاد وغيرها من نواح، ولكن أيضًا عمق من مشكلات وتراجعات كانت متوقعة بالأساس. وكشف التقرير أيضًا، أن 44٪ من الدول الأقل تقدمًا - وهي قائمة منظمة الأممالمتحدة التي تضم 47 دولة - والدول الأقل دخلًا، كانت تعاني بالفعل من تنامي خطر تراكم الدين الداخلي والخارجي. ووفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فإن معدل الدين العالمي إلى الناتج الإجمالي المحلي من المتوقع، أن يسجل في 2020 أكثر من 90٪، وهو رقم قياسي جديد تمكنت الجائحة من تسجيله، وهو ما قدره معهد التمويل الدولي - في نوفمبر- بحوالي 277 تريليون دولار بنهاية 2020، تزامنًا مع قيام الحكومات بضخ مزيد من الإنفاق، لمواجهة واحتواء تداعيات كورونا، وهو ما يتزامن أيضًا مع استحقاق حوالي 7 تريليون دولار من سندات الأسواق الناشئة وقروضها المجمعة ستستحق السداد بنهاية 2021، حوالي 15٪ منها مستحقة بالدولار الأمريكي.. وكان السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس قد أكد أن العالم يحتاج إلى أن ينظر إلى مرحلة التعافي من أزمة الجائحة على أنها فرصة حقيقية؛ لإتمام كافة سياساتها وبرامجها وأهدافها بالشكل الأمثل والصحيح من أجل مستقبل أفضل في خضم جائحة زادت من معاناة البشر، وزعزعت استقرار الاقتصاد العالمي بكامله، وحصدت أرواح الملايين حول العالم. وأكد أيضًا أن الأزمة كانت بمثابة إنذار صحوة غير مسبوقة، كشفت بوضوح عمق نقاط الضعف والإخفاقات بالعديد من الدول وخاصة الدول النامية والأشد فقرًا، التي تعرضت لها أجندة الأممالمتحدة للتنمية المستدامة 2030، وهو العام الذي من المفترض أن تكون الدول قد أتمت بنجاح تحقيق الأهداف السبعة عشرة وإعلان باريس للتغير المناخي.