أثارت تصريحات وزير الاستثمار أسامة صالح، حول حسم الحكومة قرار إلغاء الدعم عن بعض السلع خلال الأيام القليلة المقبلة، حالة من الجدل والتكهنات حول نوعية المنتجات التي سيشملها الإلغاء، وردود أفعاله وتأثيراته على الاقتصاد المصري سواءً إيجابيًا أم سلبيًا. كان صالح، قد أكد خلال حديثه لبرنامج "ممكن" على قناة "سى بى سى" مساء أمس الجمعة، أن الحكومة ستحسم قرار الغاء الدعم عن بعض السلع قريبًا، وقد يكون خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرًا إلى أن قرار إلغاء الدعم ليس شرطا لموافقة صندوق النقد الدولى على إقراض مصر، وإنما يرجع القرار للحكومة المصرية بحيث يحصل على الدعم من يستحقه. وكشف مصدر حكومي مسئول, أن المنتجات البترولية ستأتي فى مقدمة السلع التى تنوي الحكومة رفع الدعم عنها فى إطار خطتها لدعم الموازنة العامة للدولة، ورفع معدلات النمو على المدى القصير. وقال إن منظومة دعم المنتجات البترولية تحتاج إلى تعديل وضبط معادلة توزيع الدعم بحيث يستفيد من المستحقون، خصوصًا بهذا التوقيت الذى يحاول فيه الاقتصاد المصرى البحث عن شتى الطرق لترشيد سياسة الدعم من جانب الدولة لمختلف السلع، مشيرًا إلى أن إلغاء الدعم المخصص ل "بنزين 95" هو الأقرب فى ظل إرتفاع مخصصات الدعم الموجه له ولا يستخدمه سوى الفئات الفارهة وتصل نسبة الدعم له 100%. وأوضح أن الحكومة ستضطر إلى إلغاء دعم "بنزين 95" ، لأن نسبة الدعم الموجه له تقدر بنحو 300 مليون جنية من موازنة دعم البنزين، ولا تستخدمه إلا السيارات الفارهة، بالتالى فإن الحاجة لدعمه لا تعد ضرورية بقدر ماستكون تخفيفاً من العبء المقدم لمنظومة دعم المنتجات البترولية. يأتي ذلك، بينما كشف مصدر مطلع بوزارة المالية أن الحكومة تعتزم رفع الدعم عن بنزين "95" و"92"، وذلك بهدف تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة، نافيًا أن يكون لذلك علاقة أيضًا بقرض صندوق النقد الدولي الذي يزور وفد منه القاهرة قريًبا. ومن المتوقع أن تزور بعثة صندوق النقد القاهرة قبل نهاية الشهر الجارى لمناقشة طلب مصر الحصول على قرض ب 4.8 مليار جنيه، وفقًا لتصريحات صحفية سابقة لجيري رايس المتحدث باسم الصندوق مؤخرًا وأضاف المصدر، في تصريح خاص ل"بوابة الأهرام"، أن ذلك يتماشى مع خطة وزارة البترول لترشيد إستخدام المواد البترولية وضمان وصولها لمستحقيها الحقيقيين. ويصل دعم المواد البترولية في الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2012/2013 إلى 70 مليار جنيه مقابل 95.5 مليار جنيه خلال العام المالي السابق 2011/2012، بتراجع تبلغ قيمته 25 مليار جنيه. وقال حسام عرفات، رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية باتحاد الغرف التجارية، إن تخفيض الدعم عن البنزين عمومًا لن يكون له صدى كبير في الشارع، لأن الذي تستخدمه هي السيارات الملاكي، إلا أنه حذر من إمتداد التخفيض للسولار الذي تعتمد عليه حركة النقل بشكل أساسي. وتشير بيانات منظمة "أوبك" لعام 2011 إلى أن مصر تصدر 87 ألف برميل من البترول الخام يوميًا و29 ألف برميل يوميًا من المشتقات البترولية، بينما تستورد في الوقت ذاته، 140 ألف برميل يوميًا من المشتقات البترولية، أبرزها السولار والبوتاجاز. وأضاف عرفات، ل"بوابة الأهرام"، أن أي تخفيض للسولار سيكون خطأ فادح، موضحًا أن هناك انتشار "نغمة" تتحدث عن إساءة استغلال السولار المدعوم من قبل أتوبيسات الشركات والمدارس والجامعات الخاصة، إلا أنه رفعه سيسبب أزمة وتضرر قطاعات كبيرة من الشعب المصري. وبيّن أن السولار يمثل 15% من تكلفة النقل، ولكن هناك عناصر أخرى للتكلفة كالكاوتش وأجرة السائق، وبالتالي سيؤدي إلى رفع قيمة النقل لمعدلات قد تصل ل 100%، وإذا تم تطبيقه على قطاعات بعينها سيدخل في دائرة عدم الدستورية كما سيفتح المجال أمام ازدهار السوق السوداء. أعتبر الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول ورئيس اللجنة الشعبية لمقاضاة إسرائيل على الثروات البترولية التى نهبتها خلال فترة احتلالها شبه جزيرة سيناء وخليج السويس، القرار الذي تدرسه الحكومة لإلغاء الدعم عن بنزين 92 و95 مجرد "مسكنات" شبه مستنسخة من النظام السابق، وسيزيد الأزمة، كما أن مردوده الإقتصادي ضعيف للغاية ولن يتجاوز مليار جنيه. وطالب بالتحقيق في كميات البترول التي تم إستيرادها مصر خلال الفترة الأخيرة، موضحًا أن مصر استهلكت 13.5 مليون طن سولار وأنتجت نحو 8.5 مليون طن، واستوردت نحو 5 ملايين طن قيمتها تقدر ب 6 مليارات دولار "لم تتم استخدامها في مصر"، على حد قوله. وأوضح أن معدل استهلاك الطاقة مرتبط بمعدل النمو الاقتصادي الذي كان غائبًا خلال الفترة الماضية حيث توقفت المصانع ومعدلات ضخ الاستثمار وبالتالي لم توجد مصارف للاستهلاك، بما يدعو للتساؤل: أين ذهبت الكميات التي تم استيرادها، مضيفًا: أدعو للتحقيق حتى لو كانت تلك الكميات توجهت لدولة شقيقة، فمافيا التهريب مهما بلغت قوتها لن تهرب ذلك الرقم"، على حد تعبيره.