تابعت في الأيام الماضية عدة مشاهد خاصة ب فيروس كورونا في مصر وتعامل الدولة والمواطن معه، وتأملت دلالاتها بهدوء؛ لأنها توحي بالكثير، ف الرئيس عبدالفتاح السيسي وهو يشدد على ضرورة عدم التهاون مع الإجراءات الاحترازية .. أشار كذلك إلى أن أعداد المصابين انخفضت خلال الفترة الماضية بفضل الجهود التي بذلتها الأجهزة المختصة في الدولة. أما الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء ، فكان عمليًا جدًا وهو يؤكد أن الاقتصاد المصري متماسك وقوي.. مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من التعافي من آثار كورونا هو الاستمرار في الإجراءات الاحترازية ، وكان واضحًا وهو يتابع بقلق عودة ارتفاع أرقام إصابات كورونا مرة أخرى فى بعض الدول، وقال إنه متوقع فى فصل الشتاء زيادة أعداد الإصابات بكورونا، ووجه رسالة واضحة وهي أن الحكومة لا تريد العودة لاتخاذ إجراءات صارمة مرة أخرى.. والكرة بالتالي في ملعب المواطن ومدى التزامه ب الإجراءات الاحترازية . بينما الدكتور محمد معيط وزير المالية أكد أن مصر الدولة الوحيدة التى تشهد نموًا اقتصاديًا في ظل أزمة فيروس كورونا ، وفي الوقت نفسه أشار إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال عرض الموازنة عليه في مارس الماضي قبل زيادة إصابات كورونا في مصر طلب منه مضاعفة الأموال المرصودة لمواجهة الجائحة، بمعنى أن الحكومة جاهزة اقتصاديًا في حال حدوث موجة ثانية من كورونا. أما الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، فكانت له تصريحات واضحة بأن وضع كورونا فى مصر مختلف تمامًا عما تشهده كل من دول أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية؛ بسبب وعي المواطنين ب الإجراءات الاحترازية ، كما أن الأدوية المتاحة حتى الآن ضمن بروتوكول العلاج متاحة في مصر، بل وأشار إلى أن الأدوية نفسها التي تم بها علاج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستخدمة بالفعل في مصر في الحالات الشديدة أو الحرجة، كما أن 20 % من المصريين سيحصلون على اللقاح ضد فيروس كورونا بمجرد إقراره بشكل نهائي، والأولوية ستكون للطواقم الطبية وأصحاب الأمراض المزمنة وأمراض الصدر والقلب ونقص المناعة. والدولة قامت باستيراد 5 أضعاف النسبة التي تستوردها مصر سنويا من لقاح الإنفلونزا الموسمية، وقد أعجبني أن وزيرة الصحة هالة زايد بدأت بنفسها في التجارب السريرية الخاصة بلقاح فيروس كورونا ، فهي من أوائل الذين حصلوا علي اللقاح ضمن مبادرة "من أجل الإنسانية" بالتعاون مع الحكومة الصينية وشركة G42 الإماراتية للرعاية الصحية. ولا ننسى كذلك الجهود التي قام بها الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، خاصة في تنظيم وحماية الطلاب، والرسالة التي توجهها القيادة السياسية والحكومة من إجراءات كثيرة تشير بوضوح إلى أننا أمام دولة قوية تعرف جيدًا أهدافها، فمحاربة كورونا وآثارها لم تمنع من افتتاح عشرات المشروعات في كل المجالات، وعجلة العمل والإنتاج لم تتوقف لحظة واحدة، علمًا بأننا هنا لا نواجه مشكلة صحية محدودة.. ولكننا أمام كارثة عالمية، وأصبح مؤكدًا أننا نعيش على أبواب عالم جديد تتغير فيه الأحداث بسرعة. و فيروس كورونا لم يعد مجرد جائحة صحية ووباء يهدد العالم، ولكنه يحمل معه تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية، حتى المعلومات الطبية التي كنا نعرفها عن الفيروس نفسه وكيفية العدوى به وانتشاره تتغير كل يوم، الكلام عن اللقاحات والأدوية المتوقعة أحيانًا يطير بنا لعنان السماء تفاؤلًا.. وبعدها يهوي بنا لواقع غامض بلا ملامح واضحة. الأنظمة الطبية في أكبر دول العالم المتقدمة خلال بداية الوباء لم تتحمل.. فما بالنا -لا قدر- لو هبت علينا رياح موجة ثانية عاتية أشد قسوة، ولذلك نشاهد جميعًا هذه الأيام قرارات حاسمة لدول كثيرة استفادت من تجربة الموجة الأولى وعادت لقرارات بالإغلاق التام وحظر التجوال والتشديد على إجراءات التباعد ومكافحة العدوى بكل صرامة، ورغم أن فكرة الإغلاق التام لم تعد هي الحل الأفضل لأضراره الاقتصادية والاجتماعية، لكن يبدو في رأي دول عديدة أنه لا بديل عنه في حالات صعبة، ولهذا مهما اشتدت الأزمة مازال رهان الدولة المصرية على وعي المواطن والذي بإمكانه - بمزيد من الحرص - أن يحمي نفسه وأسرته ووطنه، عافانا الله جميعًا وحمى مصرنا من كل سوء. * نقلًا عن "مجلة الشباب"