قادتني الصدفة للمرور من أمام الإدراة المركزية للمعامل بوزارة الصحة ، صبيحة يوم الإثنين الماضي، لأشاهد عددًا كبيرًا جدًا جدًا من الناس تقف في طابور طويل انتظارًا للدخول، صدمني الشكل فالتزاحم مرعب وعدد مرتادي الكمامة قليل للغاية، بما يعني أن احتمالية نقل العدوى بين هذا الجمع الغفير كبيرة، لاسيما لو بينهم مصاب لا قدر الله، وقتها تذكرت تصريحًا مهمًا لل دكتورة هالة زايد ، وزيرة الصحة، تطالب بتخفيف العمالة تحسبًا للموجة الثانية لفيروس كورونا . واسمح لي عزيزي القارئ - مواطنًا أو مسئولًا - بسرد الآتي: صرح د. مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، ب تطبيق الغرامة على غير مرتادي الكمامة ، لاسيما في الأماكن المزدحمة، وتلك الأماكن بالطبع هي نقاط أو أقل بؤر ل نقل العدوى . فعلى سبيل المثال، كل ركاب مترو الأنفاق تقريبًا، كل الخطوط بجميع محطاتها، تسمع تنبيه إذاعتها الداخلية بضرورة ارتداء كمامة الوجه، مع بعض النصائح، والأغرب هو تنبيه الشرطي المسئول عن الكشف على الحقائب عند بوابات الدخول، بضرورة وضع الحقائب على جهاز الكشف مع ارتداء الكمامة، والناس تدخل بكل درجات اللامبالاة، غير مرتادي الكمامة ، بصلف غريب، أما الأكثر غرابة، فدخولهم للمحطات وركوب المترو المزدحم غالبًا، دون ارتدائها، حتى بات من يرتديها كالعملة النادرة، أو كالقابض على الجمر. وبانتقالنا لنقاط أخرى، مثل وحدات المرور، قد تجد إحداها، يطلب منك مسئول البوابة الدخول بالكمامة، وفور دخولك يمكن خلعها بكل أريحية، ووحدات أخرى، لا تهتم، وكذلك البنوك، ومراكز البريد، والشهر العقاري، والسجل المدني، وغيرها الكثير، مثل الأندية والمطاعم، أمسى الدخول لها بدون ارتداء كمامة الوجه، وقد تتساءل، كيف أرتدي كمامة الوجه وأنا ذاهب إلى أحد المطاعم؟! - خاصة أنه لابد من خلعها - وهذا هو التضاد، الذي يبرز المعنى ويوضحه، كما درسنا في اللغة العربية ونحن صغارًا!! حتى بيوت العبادة سواء المساجد في صلوات الجمع، أو الكنائس في صلوات الأحد، قلما أن تجد من يرتدي الكمامة، وكذلك الأمر، في المواصلات العامة بكل أنواعها، ثم نبدأ في إلقاء اللوم على المواطن، فهو غير الحريص على صحته وصحة أسرته، ونتغافل عن إلقاء اللوم على الجهات المعنية بتنفيذ الإجراءات الاحترازية. القراء الأعزاء، الموجة الثانية تدق الأبواب، وبرغم علمنا بتلك المعلومة، ومتابعتنا لدول عظمى، تمتلك من الإمكانات أكثر مما نمتلك بكثير، ومع مشاهدتنا تزايد أعداد الإصابات التي ترتفع بشكل جنوني، كما بتنا نشاهد ارتفاع أعداد الوفيات الناجمة عن تلك الإصابات، والتي وصلت لأرقام مخيفة، كل ذلك يحدث ونحن في فلك آخر تمامًا. أما البؤر الأكثر خطورة فهي المدارس والجامعات، فلا تحدثني عن قياس درجات الحرارة عند باب الدخول، ولا عن ارتداء كمامات الوجه، كل ذلك بات "فعل ماض"، حتى أساتذة الجامعات، عدد قليل من يلتزم بارتداء الكمامة، وكذلك المدرسون. كل تلك المقدمات، من المنطقي أن تؤدي إلى نتائج مؤلمة، من المؤكد أننا في غنى عنها، فمتى تتحرك كل الأجهزة التنفيذية للقيام بدورها، قبل مطالبة الناس باتخاذ الإجراءات الاحترازية، وهل نملك رفاهية الوقت والإمكانات؟! بكل تأكيد لا، لاسيما بعد تزايد أعداد الإصابات في مصر بشكل بدا تصاعديًا، ويتحدث المسئولون في بلدنا عن قسوة الموجة الثانية، فماذا ننتظر؟ هل ننتظر حدوث ما لا تحمد عقباه فنصل لمرحلة الغلق الكامل، وما يسببه ذلك من خسائر لا طاقة لنا بها، أم نتحرك بشكل فاعل ويتم تطبيق الإجراءات الاحترزاية بكل صرامة، حتى يشعر المواطن بصدقها، فيتحمل مسئوليته، كما تتحملها الدولة؟ كل ما ذكرته ليس سرًا خفيًا علينًا جميعًا، بل واقع مرير نعايشه على مدار الساعة، نطلق الشعارات، ولا يتم تنفيذها، فأتمنى - قبل أن تقع الفأس في الرأس، ويفلت زمام كورونا، ثم نبحث عن كبش فداء، ونلقي بكل التبعات على المواطن - أن تعي كافة الأجهزة المعنية حجم الأزمة المقبلين عليها، لتداركها والتعامل معها وفق متطلباتها، حرصًا على الوطن والمواطنين؛ لأن طريقة التعامل مع كورونا، وبهذا الشكل، هي طريقة مصرية جدًا، لا مثيل لها. ،،، والله من وراء القصد. [email protected]