موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    «المالية»: نصف مليار جنيه تمويلًا إضافيًا لدعم سداد أجورالعاملين بالصناديق والحسابات الخاصة بالمحافظات    رئيس الوزراء: برامج التعاون مع البنك الدولي تستهدف دعم القطاع الخاص    انطلاق «عمومية المنشآت الفندقية» بحضور رئيس إتحاد الغرف السياحية    كيفية الحفاظ على كفاءة التكييف في فصل الصيف    تطهير شبكات ومواسير المياه بقرية الأبطال في الإسماعيلية    السعودية ترحّب باعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين    يديعوت أحرونوت: وزارة الخارجية الإسرائيلية تدرس سلسلة من الإجراءات العقابية ضد أيرلندا وإسبانيا والنرويج    بعد الفشل في سداد الديون.. شركة أمريكية تستحوذ على ملكية إنتر ميلان    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    "الرجل الأول والعقد".. كواليس رحيل بوتشيتينو عن تشيلسي    هاني شكري: الكاف المسؤول عن تنظيم نهائي الكونفدرالية ونتمنى فوز الأهلي بدوري الأبطال    "معيط" يوجه بإتاحة نصف مليار جنيه لدعم سداد أجور العاملين بالصناديق والحسابات الخاصة بالمحافظات    تأجيل محاكمة طبيب نساء شهير وآخرين بتهمة إجراء عملية إجهاض بالجيزة    المشدد 7 سنوات للمتهم بقتل ابن زوجته بالقليوبية    ترقب المصريين لموعد إجازة عيد الأضحى 2024: أهمية العيد في الحياة الثقافية والاجتماعية    انتقاما من والده.. حبس المتهمين بإجبار شاب على توقيع إيصالات أمانة بالمقطم    تطورات الحالة الصحية للفنان عباس أبو الحسن.. عملية جراحية في القدم قريبا    المتحف القومي للحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    غادة عبد الرازق تعود للسينما بعد 6 سنوات غياب، ما القصة؟    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    تراجع جديد.. سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 22-5-2024 مقابل الجنيه المصري بمنتصف التعاملات    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    لمواليد برج القوس.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    « وتر حساس » يعيد صبا مبارك للتليفزيون    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    لمدة يومين.. انطلاق قافلة طبية إلى منطقة أبوغليلة بمطروح    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    قمة عربية فى ظروف استثنائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    حفظ التحقيقات حول وفاة طفلة إثر سقوطها من علو بأوسيم    صدمه القطار.. مصرع تلميذ أثناء عبوره «السكة الحديد» بسوهاج    جامعة حلوان الأهلية تنظم ندوة حول "تطوير الذات"    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    سيدة «المغربلين»    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    الرئيس الصيني: السياحة جسر مهم بين الشعبين الصيني والأمريكي للتواصل والتفاهم    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    الحكومة العراقية تطالب بإنهاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «يونامي»    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب أكتوبر .. بدأت فى سبتمبر!
نشر في بوابة الأهرام يوم 25 - 09 - 2020

فى تاريخنا وحاضرنا.. أيام وأسماء وأحداث وإيجابيات وإنجازات وأبطال و بطولات لا تُنسى ويجب ألا تُنسى.. ومسئولية الإعلام أن يبعدها عن النسيان ويبقيها فى دائرة الضوء.. يقينًا لنا.. بأن الأبناء من نفس جينات الآباء.. قادرون على صناعة الإعجازات .. ويستحيل أن يفرطوا فى حق الوطن.. مهما تكن التضحيات.
المعلن المعروف للعالم كله.. أن حرب أكتوبر بدأت يوم 6 أكتوبر 1973.. إلا أن الحرب فى الواقع بدأها جيش مصر العظيم من منتصف شهر سبتمبر 1973!. كيف؟
أول خطوات حشد القوات على خط النار.. وأقصد جبهة القتال على امتداد الشاطئ الغربى لقناة السويس من السويس حتى بورسعيد.. أول خطوات تحرك القوات إلى الجبهة بدأت فى 15 سبتمبر.. تحت ستار المناورات المعلن مسبقًا عن إجرائها.. والمخطط لها ببراعة لخداع العدو.. الذى تخلى عن حذره للمرة الأولى فى مناورات سبتمبر هذه!. لماذا؟ لأن خطط الخداع المصرية البارعة.. المتوالية لمرات عديدة على مدى سنوات.. آخرها خداع 30 مايو 1973 الذى أعلنت القيادة المصرية فيه.. عن إجراء « مناورة الربيع ».. التى أخذها العدو على محمل الجد وأعلن عن تعبئة جزئية لجيشه كلفته 20 مليون دولار والمبلغ وقتها هائل وفى النهاية اكتشفوا أن المصريين ضحكوا عليهم.. ولذلك عندما أعلنت القيادة المصرية عن مناورات الخريف أو مناورات سبتمبر.. لم يأخذ العدو الأمر على أنه استعداد لحرب.. وتعامل مع التحركات العسكرية التى تمت فى سبتمبر على أنها استدراج لإعلان تعبئة وتكبد خسارة ملايين أخرى!.
الحقيقة أن معركة الخداع التى قامت بها مصر على كل الاتجاهات.. كان مستحيلاً على كل مخابرات الدنيا اكتشافها.. وكان طبيعيًا أن تبتلعها كل مخابرات الغرب المعنية بحماية الصهاينة!. إزاى؟.
خطة الخداع طويلة الأمد.. لم تعتمد فقط على الخداع بالمناورات العسكرية العديدة التى إعلانها فى خريف 1971 وخريف 1972 وربيع 1973.. والتى انتهت إلى لا شيء.. فيما جعل العدو.. فى مواجهة مناورات سبتمبر 1973.. يضع فى بطنه «شادر» بطيخ وليس بطيخة واحدة!. لأن القيادة المصرية فى هذه المرة.. كانت جاهزة بحرب خداعية للعدو على كل الاتجاهات!. خبر صغير فى «الأهرام» عن السماح للضباط بأداء العمرة!. خبر عن تسريح دفعات مجندين!.
وأشياء كثيرة فى هذا الاتجاه.. تجعل أى مخلوق على يقين باستحالة قيام هذا الجيش بحرب!. أما قمة الخداع.. أن القيادة المصرية جعلت من سبتمبر.. شهر تحركات شمل كل الوحدات وطال كل الأماكن.. بما يجعل أى محاولة رصد وتحليل لما يحدث.. تنتهى إلى فراغ لا يحمل أى دلالات وليس إجابات.. وأستشهد هنا بمثال واحد!.
لواء المظلات التى شرفت بالخدمة فيه.. فى يوم وليلة.. صدرت التعليمات له بالتحرك بكامل عتاد اللواء إلى مكان فى الصعيد!. التعليمات.. التحرك خلال 24 ساعة.. واللواء بأكمله لم ير النوم ليس فقط 24 ساعة إنما لثلاثة أيام!.
تحرك اللواء على متن أربعة قطارات.. تجر خلفها عربات بضاعة مسطحة بلا عدد.. تحمل قوة اللواء البشرية وعتاده ومعداته وسلاحه وذخائره وشئونه الإدارية!. أسطول عربات سكة حديد مكشوفة مرئية للجميع على الأرض وللأقمار الصناعية فى السماء!.
بطبيعة الأمور هذا التحرك يصبح خطرًا ومقلقًا إن كان فى اتجاه القناة!. وفى كل الأحوال كان طُعْمًا ابتلعته أجهزة المخابرات التى تقوم بالتخديم على العدو!. طُعْم ابتلعوه وكان مستحيلاً ألا يبتلعوه وهم يرون لواء من القوات الخاصة يغادر قاعدته.. ويذهب بعيدًا بعيدًا إلى قلب الصعيد.. إلى قنا وتحديدًا إلى منطقة قفط!.. أول سؤال سيطرحونه على أنفسهم: بالذمة دى ناس هتحارب!.
ذهبنا إلى قفط فى قنا.. فى عز الضهر على ظهر عربات قطار مسطحة مكشوفة.. وأمر مثل هذا من شأنه تبديد أى مخاوف من التحركات التى كانت قائمة فى نفس الوقت تجاه الجبهة!. التحركات تجاه الصعيد.. بددت كل المخاوف من التحركات تجاه الجبهة!. ابتلعوا الطعم.. وهم لا يدرون أن الذى يحدث.. هو دخول القوات التى ستقتحم القناة.. دخولها إلى الجبهة!
الذى حدث فى مناورات سبتمبر.. كان اختبارًا للوحدات التى ستقتحم القناة على جاهزيتها.. وتمركزًا لها فى خنادقها التى ستنطلق منها للحرب!. الذى يحدث وحدث فى هذه المناورات.. كان الاستطلاع الأخير للساتر الترابى شرق القناة.. وتحديدًا للأماكن ال81 بالساتر الترابى التى سيتم تجريفها.. وأيضًا تحديد أماكن إشعال أجهزة النابالم الموجودة أسفل النقاط القوية!. عمليات الاستطلاع هذه تمت.. وأماكن ال81 فتحة تمت مراجعتها وفتحات النابالم فيما بعد تم غلقها بعمليات بالغة الجرأة من القوات الخاصة !. والقوات التى ستقتحم القناة يوم 6 أكتوبر وصلت واحتلت خنادقها.. ونحن نتكلم عن فوق ال80 ألف مقاتل المقرر أن يكونوا فى سيناء قبل أن تظهر شمس يوم 7 أكتوبر!
العدو وأقمار أمريكا.. فشلوا فى رصد ما حدث من أول سبتمبر وتحديدًا من منتصف سبتمبر!. عجلة الحرب دارت والعدو لم يلاحظ وربما لم يرها أصلاً!. والحقيقة هم معذورون.. لأن قوات رايحة وقوات جاية وقوات طالعة وقوات نازلة وقوات داخلة وقوات خارجة.. ويستحيل على أى استطلاع معرفة شىء فى أى شىء!.
يعنى مثلاً.. لواء مظلات ذهب إلى قنا فى عز الظهر على أسطول عربات سكة حديد مكشوفة.. لضمان تصوير تحرك لواء المظلات من الجو ومن البر.. لأجل اللى ماعرفش يعرف!. وعندما صدرت التعليمات بالعودة.. الأمر اختلف جذريًا!. تحرك النهار أصبح ليلاً وعربات القطار المسطحة المكشوفة.. بدلاً منها عربات ليس فيها خرم إبرة!. اللواء المظلى عاد لقاعدته وكأنه لم يخرج منها!.
أعظم وأكفأ وأكبر خطة خداع عسكرية ربما فى تاريخ الحروب بالعالم.. تمت فى مثل هذه الأيام من شهر سبتمبر 1973 الذى كان منتصفه بمثابة ساعة الصفر للحرب!. القوات الرئيسية تدخل إلى خط النار على الجبهة!. كل الأسلحة الهيكلية فى مرابض المدافع ومواقع الصواريخ.. يتم استبدالها بالأسلحة الحقيقية!. المهندسون العسكريون وصلوا وبدأوا مراحل الاستطلاع الأخيرة فى الشرق.. لأماكن الكبارى والمعديات والنقاط التى سيتم تجريفها وفتحها فى الساتر الترابى.. وعشرات الإجراءات الأخرى الأخيرة.. التى إجراؤها عمليًا.. هو إعلان عن بدء دوران عجلة حرب أكتوبر 1973.
عسكريًا وعلى الأرض.. فتيل الحرب تم إشعاله من منتصف سبتمبر!. القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس السادات رحمة الله عليه.. والقيادة العسكرية.. وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس العمليات وقادة كبار آخرون.. هم من فكروا وخططوا وينفذون.. وهم من يعرفون لحظة انفجار فتيل الحرب الذى أشعلوه.. والمقرر لها الثانية بعد ظهر السادس من أكتوبر 1973.
يوم 30 سبتمبر.. اجتماع مجلس الأمن القومى برئاسة الرئيس السادات.. اجتماع حتمى وضرورى لأجل تنسيق الإجراءات على مستوى الدولة.. فى حالة قيام حرب!. مناقشة استباقية.. لحدث محتمل وقوعه غير معروف موعده للجهات المدنية المدعوة للاجتماع!.
الرئيس السادات طلب من الأعضاء إبداء رأيهم فى الوضع الذى فيه مصر وقتها!. المناقشات استمرت طويلاً!. البعض طالب بحتمية الحرب والبعض تردد!. وزير التموين مثلاً قال: المواد التموينية الموجودة.. لا تكفى إذا ما خاضت مصر معركة طويلة!.
كل ما دار من تساؤلات ونقاشات.. أجاب عنها وزير الحربية.. فى خمس نقاط قال فيها:
1 مصر بالتنسيق مع سوريا.. استقرا على حتمية الحرب لإرغام إسرائيل على قبول حلول سلمية.. هذه الحرب ليست حرب استنزاف.. لكنها عملية هجومية قوية.. يطول أمدها بما يكلف إسرائيل خسائر كبيرة!.
2 المعركة التى سنخوضها فى حدود قدراتنا لأن الاتحاد السوفيتى إمداداته لنا تتم وفق حساباته.. وما نملكه من سلاح وعتاد وذخائر لا يمكِّننا من تحرير سيناء بأكملها.
3 الوقت ليس فى مصلحتنا.. معنويًا وماديًا.. ويجب ألا نؤخر توقيت المواجهة العسكرية مع إسرائيل.
4- المفاجأة تعتبر عاملاً مهمًا.. حتى لا تأخذ إسرائيل المبادأة وتبدأ الهجوم.
5 قواتنا تفتقر إلى التفوق الجوى.. وتفتقر إلى إمكانات الاستطلاع الاستراتيجى.. إلا أننا نملك ما يمكننا من التغلب على نقاط الضعف.. وحسم وزير الحربية المسألة بقوله: إسرائيل لن تكسب هذه الحرب!.
ملاحظات: السيد وزير الحربية.. أشار إلى حتمية الحرب لإرغام العدو على قبول الحلول السلمية.. وأشار أيضًا إلى أن الجيش جاهز لهذه الحرب.. ولكنه لم يحدد موعد هذه الحرب!.
وزير الحربية أوضح نقطة بالغة الأهمية.. البعض للآن يغفلها!. ما نملكه من سلاح وعتاد وذخائر يمكننا من تحقيق الانتصار على العدو!.
الذى قاله قائد الجيش قبل الحرب.. هو ما حدث بالضبط فى الحرب.. لأن!.
الاقتحام المدبر للقناة.. كأول مانع مائى ثابت والوصول إلى الشرق فى سيناء.. انتصار!. لأن اختراق المانع الثابت الثانى الذى هو الساتر الترابى ودخول 80 ألف مقاتل وقرابة الألف دبابة ومئات المدافع.. إلى سيناء خلال 15 ساعة.. انتصار!. لأن احتلال نصف نقاط خط بارليف القوية يومى 6 و7 أكتوبر.. انتصار!. لأن إسقاط 29 نقطة قوية من مجموع 31 نقطة مساء يوم 9 أكتوبر.. انتصار!. لأن إسقاط النقطة ال30 يوم 13 أكتوبر وهى نقطة لسان بورتوفيق.. والحصول على 37 أسيرًا منها بخلاف 15 قتيلاً.. انتصار!.
لأن تقدم القوات المصرية فى عمق سيناء وتكوين رؤوس كبارى على طول خط الجبهة من السويس إلى بورسعيد يعمق من 18 إلى 20 كيلومترًا.. واحتلال أقوى خط دفاعى عرفته حرب.. وتدمير أكثر من 400 دبابة وإسقاط 17 طائرة فى ثلاثة أيام ومئات الأسرى وأكثر من 2000 قتيل فى أيام الحرب الأولى.. انتصار ساحق!.
الذى قاله وزير الحربية يوم 30 سبتمبر 1973.. تحقق على أرض الواقع فى حرب أكتوبر !. الانتصار على العدو حققناه!. اقتحمنا القناة بالقوة وفشل العدو فى منعنا وبذلك أسقطنا أول مانع ثابت تعطيلى.. وهو المانع الذى قال عنه موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى وقتها: إن فكر المصريين فى الحرب.. مياه القناة سوف تصبح حمراء من دمائهم والقناة ستكون مقبرتهم!. والمانع الثابت التعطيلى الثانى الذى أقامه العدو لإعاقة وصولنا إلى سيناء.. ذاك الساتر الترابى الممتد على شاطئ القناة الغربى.. من السويس حتى بورسعيد بارتفاع من 20 إلى 25 مترًا!. العدو يقينًا يدرك أن هذا الساتر الترابى سوف يقف الجيش المصرى عاجزًا عن اختراقه.. إلى أن تتم التعبئة ويأتى الهجوم المضاد.. فينهى الأمر بل والحرب!. هذا الساتر مزقناه ب81 فتحة تم تجريفها بإرادة وشجاعة وعقيدة المقاتلين المصريين!. الفتحة الواحدة تم تجريف 1500 متر مكعب رمال منها!.
أما المانع الثالث فهو ثابت.. والغرض منه ليس التعطيل إنما إبادة من يحاول الاقتراب منه!. إنه خط بارليف أقوى خط دفاعى عرفته حرب.. فى اليوم الرابع للحرب لم نكتف بالاقتراب من بارليف.. إنما ركبناه ومزعناه واستولينا بفضل الله وقوتنا وشجاعتنا.. على 29 نقطة من بارليف المكون من 31 نقطة قوية.. كل نقطة على مساحة 4000 متر مربع تحت الأرض وفوق الأرض.. بها كل أنواع المدافع.. ومجهزة للصمود شهورًا.. لكنها وقعت فى أربعة أيام!.
كل دفاعات العدو الثابتة سقطت.. ولم يعد متبقيًا له.. إلا خط الدفاع المتحرك الجاهز للمواجهة إلى أن تتم التعبئة.. هذا الخط الدفاعى المتحرك.. هو احتياطيات العدو فى عمق سيناء.. والتى مخطط لها.. احتلال دباباتها المصاطب المجهزة لها على الساتر الترابى.. لضرب كل من يقترب من مياه القناة!.
هذه القوات.. رحلت إلى الآخرة قبل أن تقترب من القناة.. لأن الخطة المصرية لم تترك شيئًا للمصادفة!. كل خط من خطوط العدو.. تم عمل حسابات القضاء عليه!. وبفضل الله.. لم تستطع دبابة واحدة الوصول إلى قمة الساتر الترابى وتهديد ال1600 قارب التى تحمل مقاتلينا للشرق.. وتهديد رجال المهندسين العسكريين الذين يشيدون الكبارى والمعديات ويمزعون جسد الساتر الترابى!.
الذى قاله السيد وزير الحربية.. أوضح أن تعويض السلاح والمعدات والذخائر.. خاضع لحسابات معقدة مع الاتحاد السوفيتى.. وهذا معناه أن استمرار تقدم القوات فى سيناء مستحيل عمليًا.. لأن الدبابة التى نخسرها والطائرة التى تسقط.. لا مجال لتعويضها فورًا ولا حتى آجلاً.. بينما أمريكا أقامت جسرًا جويًا لتعويض إسرائيل عن خسائرها فورًا!. جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل بكت فى التليفون وهى تكلم الرئيس الأمريكى نيكسون مساء يوم 8 أكتوبر أو يوم الاثنين الحزين.. وهم من أطلقوا على هذا اليوم.. هذا اللقب!. وبالفعل كان يومًا حزينًا.. لأن كيسنجر وزير خارجية أمريكا.. أوقف عقارب الساعة على هذا اليوم.. ورفض مطالب دول أفريقية كثيرة.. بوقف الحرب فى الشرق الأوسط!. كان رده ثلاث كلمات: بعد 8 أكتوبر!. ليه؟.
لأن أمريكا وضعت خطة الهجوم المضاد.. والذى قال ذلك كيسنجر فى مذكراته.. وضعوا الخطة وحملها وفد عسكرى.. وملخصها.. هجوم مضاد بثلاث فرق مدرعة.. شارون وأدان ومندلر.. وهذا الهجوم سيخترق سيناء ويعبر القناة.. شارون يحتل الإسماعيلية ومندلر يحتل السويس.. وبعدها يجتمع مجلس الأمن ويوقف إطلاق النيران.. بعد أن تغير الوضع مطلقًا.. لأن السويس محتلة والإسماعيلية محتلة.. والجيشان الثالث والثانى أصبحا فى قبضة العدو.. وما يمليه العدو ويريده العدو تنفذه مصر.. وخلاص الحدوتة انتهت!.
صباح 8 أكتوبر.. بدأ الهجوم المضاد.. تجاه الفرقة الثانية بالجيش الثانى.. والهجوم توقعناه.. والخطة الأمريكانى وضعنا لها خطة مصرية!. استمرارًا لعمليات الخداع.. نصبنا فخًا محكمًا بعقلية مصرية خالصة!. الدفاع الصندوقى.. الخط الأمامى للقوات المصرية.. تركنا العدو يخترقه.. وهو يهلل فى أجهزته اللاسلكية التى نسمعها.. يهلل فرحًا ويتقدم مندفعًا.. وهو لا يعلم أنه رايح لآخرته!. هو مندفع داخل فخ مصرى.. عبارة عن مربع ناقص ضلع.. والضلع الناقص هو الخط الأمامى الذى سمحنا للعدو باختراقه وتقدمه إلى أن وصل للنقطة غير المسموح له تجاوزها!. وكيف يتجاوزها وجهنم الحمراء انفتحت عليه من كل جهة.. بما فيه الجهة التى دخل منها!. أكبر مذبحة دبابات شهدتها حرب!. فى أقل من ساعة زمن أكثر من 200 دبابة اتدمرت واتحرقت.. وسقط جنرال كبير فى الأسر.. ولعله أشهر أسرى هذه الحرب!. مات من مات وجرح من جرح وأُسر من أُسر.. وقبل أن يأتى ظهر 8 أكتوبر.. الهجوم المضاد تحول إلى مآتم.. والعدو يلملم خسائره.. وكيسنجر أيقظوه من النوم والوقت كان فجرًا فى أمريكا.. أيقظوه ليقولوا له.. إن اليوم الذى كان مقررًا فيه حسم هذه الحرب.. بات علامة حزينة فى إسرائيل وحمل لقب الاثنين الحزين!.
وبكت مائير وهى تقول لهم أنقذوا إسرائيل.. ليبدأ الجسر الجوى بعدها بساعات.. دبابات منقولة فى طائرات.. وطائرات بطيارين مرتزقة.. لم يتسن الوقت لرسم العلم الإسرائيلى عليها!.
عَالَم ظالم!. المعتدى المحتل أرضًا ليست أرضه.. يعوضونه فى لحظتها بدل الطائرة عشر.. وإحنا تعويضنا بأى إمداد.. عليه ألف شرط وتحفظ وحساب!. عمومًا تحالف الظَلَمَة والظالمين.. أغفل ويغفل حقيقة لا تقبل أى شك!.
انتصارنا زمان المستمر للآن وحتى آخر الزمان.. لأن جيش مصر.. خير أجناد الأرض !.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.