أثار القرار الجمهورى رقم 459 لسنة 2020 والذى أصدره الرئيس السيسى ، والخاص بإلغاء صفة النفع العام عن (مبنى مجمع التحرير والمبانى الادارى للحزب الوطنى السابق ومبانى ملحق معهد ناصر وكذلك القرية الكونية بالسادس من اكتوبر وحديقة الحيوان بطنطا) ونقلها الى صندوق مصر السيادى، العديد من التساؤلات يأتى على رأسها الآثار الناجمة عن هذه العملية؟ خاصة انه سبقه قرارات مجلس ادارة الصندوق بتأسيس صناديق فرعية للمرافق والبنية الأساسية، وآخر للسياحة والاستثمار العقارى، والثالث للخدمات الصحية والصناعات الدوائية. الصندوق أنشىء وفقا للقانون رقم 177 لسنة 2018 وتم تعديله عام 2020 وصدر النظام الاساسى له بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 555 لسنة 2019، وذلك بهدف وضع سياسة قوية لإصلاح وتطوير الأصول المملوكة للدولة وغير المستغلة، وتتمثل فى الأراضى، أو الأسهم، أو السندات (المادة 3 من القانون).وتحقيق الاستغلال الأمثل لها وفقاً لأفضل المعايير والقواعد الدولية، لتعظيم قيمتها من أجل الأجيال القادمة, عن طريق زيادة معدلات الكفاءة والإنتاجية لهذه الأصول ومراجعة السياسات الاستثمارية والإنتاجية والتسويقية، مما ينعكس أثره على الإنتاج وحجمه وذلك بالإحلال والتجديد وإعادة التأهيل والتحديث. والمصدر الأساسى لموارد الصندوق قاعدة الأصول التى سيستثمر فيها بالإضافة الى ما سيتم نقله من أصول من الجهات المالكة لها. بالإضافة إلى العائد من استثمار أمواله واستغلال أصوله والقروض التى يحصل عليها والأدوات المالية الاخرى والأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، تختلف بطبيعتها عن تلك المملوكة للدولة ملكية عامة، فالثانية تكون مخصصة للنفع العام ولا يجوز الحجز عليها ولا تملكها بالتقادم او وضع اليد وخاضعة للقانون الإدارى وتكتسب هذه الملكية بمقتضى القانون أو قرارات وزارية أو جمهورية. أما الأموال الخاصة فهى تحكمها قواعد القانون المدنى مثلها مثل الافراد، مع حمايتها من التعدى عليها، وبالتالى فاذا أردنا التصرف فى المال العام فيجب أولا تجريده من صفته العامة وتحويله الى الملكية الخاصة، وهنا يجوز التصرف فيه بجميع أنواع التصرف أسوة بالمال الخاص، من هذا المنطلق صدر القانون 114 لسنة 2017 بشأن قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة، كما صدرت عدة قرارات وزارية لتنظيم هذه المسألة منها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 18 لسنة 2017، وكذلك القرار رقم 1994 لسنة 2017 والخاص بتنظيم عملية التخلص من هذه المساهمات، ثم قرار وزير قطاع الاعمال العام رقم 46 لسنة 2018 بشأن قواعد التصرف فى مساهمات الشركات القابضة والتابعة الخاضعة لوزارة قطاع الاعمال فى الشركات المشتركة. كما أن الأصول غير المستغلة أو المستغلة بطريقة غير اقتصادية تعد من الموضوعات المهمة والأساسية فى ملف أصول الدولة والعائد عليها، خاصة أنها لا ترتبط فقط بوزارة أو هيئة بمفردها بل تمتد لتشمل جميع وزارات ووحدات وهيئات الدولة ككل، حيث تمتلك هذه الجهات ثروة من المعدات والآلات والأراضى تنتشر فى جميع أنحاء الجمهورية وتحتل مواقع متميّزة، وللأسف فإن معظمها لم يتم استغلاله بطريقة اقتصادية سليمة، ناهيك عن تدنّى عوائد الاستثمارات من هذه الأصول، وتشير الإحصاءات إلى أنها قدرت فى منتصف 2016 بنحو 84 مليار جنيه منها نحو 72 مليارا غير متنازع عليها وليس عليها نزاعات قضائية أو تعديات وتتوزع بين أراض فضاء بقيمة 52 مليارا وآراض زراعية بنحو 16 مليارا واخرى عليها مبان بنحو 2٫1 مليار والآلات ومعدات بنحو 2مليار، مع الأخذ بالحسبان أن هذه التقديرات أقل بكثير من الواقع لعدة أسباب أولها انها وفقا لبيانات الجهات نفسها والتى غالبا ما تخفى أمورا كثيرة، وثانيهما أن بعض هذه الجهات يعطى بيانات ناقصة. وبالتالى فان نقل هذه الاصول للصندوق سيمكنه من القيام بجميع الأعمال التى تؤدى لتحقيق أهدافه، ومنها عمليات الدمج والاستحواذ والبيع بالإضافة الى ضخ استثمارات جديدة، وإرساء قواعد جديدة لمساهمة هذه الكيانات فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الا أن المسألة سيتوقف نجاحها على الإدارة الاقتصادية ذات الكفاءة العالية، التى يقام عليها الصندوق. هذا فضلا عن ضرورة تمتعه بالحوكمة الجيدة والشفافية المطلقة. من هنا جاء التعديل الأخير على قانون الصندوق بالنص على إرسال نسخة من القوائم المالية السنوية إلى رئيس مجلس النواب خلال ثلاثة اشهر من انتهاء السنة المالية، من هذا المنطلق نقترح توسيع الجمعية العمومية للصندوق بحيث تضم ايضا رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ورئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ ورئيس اتحاد العمال وغيرهم، لتصبح أكثر تمثيلا لقطاعات المجتمع ككل. وضرورة إعادة النظر فى بعض مواد القانون لضمان المزيد من الحوكمة مثل مادة 6 والتى تعطى لمجلس الادارة الحق فى إصدار ضوابط الإفصاح، وهو ما يجب أن ينقل الى الجمعية العمومية، وينطبق نفس القول على المادة 19 التى أعطت لمجلس الإدارة الحق فى إقرار ضوابط الحوكمة وقواعد عدم تعارض المصالح، وهو ما يجب ان يكون من اختصاصات الجمعية العمومية وليس مجلس الإداراة. وبالمثل لايجوز لمجلس الادارة التدخل باقتراح تعيين أو تغيير مراقب الحسابات لانه اختصاص أصيل للجمعية العمومية. وهنا توجد عدة تساؤلات على رأسها الآليات الخاصة بنقل الاصول المملوكة للدولة ملكية خاصة الى الصندوق، وبعبارة أخرى ما هى آلية النقل وهل ستتم مقابل مديونيات هذه الجهات لمؤسسات الدولة وعلى رأسها بنك الاستثمار القومي؟ وهنا تثار قضية مهمة تتعلق بطبيعة هذه الأصول من حيث كونها تدخل فى إطار الدومين الخاص للدولة، فهى أصول ملك للدولة ويمثلها فى هذا المجال وزارة المالية التى تدير هذه الأموال لحساب الدولة، ومن ثم فإن حصيلة استغلال هذه الأصول يجب أن تدخل للخزانة العامة باعتبارها موردا من موارد الدولة. عموما فإننا نحذر من تحول الاهتمام من العمل على حسن استغلال هذه الأصول لتضيف طاقة إنتاجية للمجتمع الى التخلص منها بالبيع لسد عجز الموازنة مباشرة دون التفكير فى الإصلاح الجذرى لها. * نقلًا عن صحيفة الأهرام