العاصمة الإدارية تطرح 16 وحدة تجارية بالإيجار في الحي الحكومي    طائرات الاحتلال تقصف منزلًا لعائلة "داود" في حي الزيتون جنوب شرقي غزة    طاقم تحكيم مباراة الإسماعيلي والداخلية في الدوري المصري    صفقة سوبر على أعتاب الأهلي.. مدرب نهضة بركان السابق يكشف التفاصيل    ميدو يوضح رأيه في اعتراض الزمالك على حكام نهائي الكونفدرالية    نقابة الموسيقيين تنعي كريم عبد العزيز في وفاة والدته    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    عيار 21 الآن بعد الزيادة.. أسعار الذهب بالمصنعية اليوم الخميس 9 مايو بالصاغة (آخر تحديث)    توفر مليار دولار سنويًا.. الحكومة تكشف أهمية العمل بجدول تخفيف الأحمال (فيديو)    الزمالك يشكر وزيري الطيران والرياضة على تسهيل سفر البعثة إلى المغرب    قبل نهائي الكونفدرالية.. نجم الزمالك يسافر إلى اليونان للاتفاق مع فريقه الجديد    محمد فضل: جوزيه جوميز رفض تدريب الأهلي    ميدو: اعتراض الزمالك على وجود حكام تونسيين في نهائي الكونفدرالية ذكي للغاية    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    نماذج امتحانات الثانوية العامة 2024 بصيغة «PDF» لجميع المواد وضوابط اللجان    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    تعرف على سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الخميس 9 مايو 2024    نبيل الحلفاوي يكشف سبب ابتعاد نجله عن التمثيل (تفاصيل)    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    "لا نريد وسيطاً".. فتح: نطالب بانسحاب إسرائيل من معبر رفح|فيديو    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمين رابطة العالم الإسلامي: التعايش بين أتباع الأديان والثقافات حاجة ملحة تتطلبها مصلحة الجميع
نشر في بوابة الأهرام يوم 22 - 08 - 2020

أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن التعايُش بين أتباع الأديان والثقافات يُمَثل حاجةً ملحة تتطلبها مصلحةُ الجميع في مواجهة أصوات الكراهية والعنصرية، وشعارات الصدام والصراع الحضاري، مشيراً إلى أن بعض الفلاسفة والمفكرين حاول بتوجهه السلبي ترسيخ المفهوم المتطرف من أنه لا حوار بين التنوُّع الديني والثقافي،موسعاً من هذا المفهوم الخطر حتى مع أبناء القُطر الواحد الذي تحكمه مواثيقُ أخوةٍ وطنيةٍ مشتركة.
وتابع الشيخ العيسى في لقاء مفتوح "عبر تقنية الزوم" استضافه فيه اتحاد وكالات أنباء منظمة التعاون الإسلامي للتحدث عن ترسيخ التعايش والوئام بين أتباع الثقافات والأديان بحضور عدد من الشخصيات السياسية الوزارية، والشخصيات الدينية والفكرية والإعلامية في دول العالم الإسلامي، قائلاً: يهمنا بحُكم الاختصاص والمسؤولية أن نوضح موقف الإسلام في هذا الشأن مشيراً إلى أمور منها: أولاً: اعتنى الإسلام بكُلِّ "قِيْمةٍ أخلاقيةٍ"، من شأنها أن تعزز السلام والوئام الإيجابيَّ بين الجميع؛ فالإسلام احترم الاختلاف،والتنوع والتعدد، واعتبر ذلك سنة إلهية حتمية، لا يجادل فيها إلاَّ مكابرٌ للحقيقة ولمُسَلَّمة لتدبير الإلهي الحكيم، يقول الله تعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ".
وقال الشيخ العيسى: كما أن الإسلام احترم أيضاً الجنس البشري حيث أكد على كرامة الإنسان، قال تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، واعتنى الإسلام كذلك بالبر والإحسان للآخرين "أياً كان دينُهم أو فكرهم أو عرقهم أولونهم"، قال تعالى:" لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".
وأضاف أن الإسلامُ أكد على وَحْدَة النوع البشري، مشيراً إلى رابطة "الأُسرة والأُخوَّة الإنسانية الواحدة"،قال تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، وأن كل هذه المعطيات الرئيسة في دين الإسلام تؤكد على الآصرة الإنسانية، وما يجب لها من حفظ سلامها واستقرارها، وتعزيز تفاهمها وتعاونها، فبالحكمة التي تُمَثّل هدياً إسلامياً رفيعاً يكون الحوار، ويكون التفاهُمُ والتعاون، بل والمحبةُ الإنسانيةُ التي لا بد أن تحوط الجميعَ، وتشملهم بنفحاتِ أُنْسها وتآلفها.
وزاد د.العيسى أن مبدأُ التعايُشِ في الإسلام، قد ترسخ عبر وثيقةٍ دستورية تاريخية، هي وثيقة: "المدينة المنورة"، التي أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم، وحفلت بأعلى القيم المدنية، التي حَفظت الحقوق والحريات المشروعة، وركزت على الإخاء الإنساني، واحترام وجود التنوع الديني، في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، هذه الوثيقة اعتبرها غير المسلمين، فضلاً عن أهل الإسلام، من أعظم المواثيق الإنسانية عبر التاريخ. وتلت هذه الوثيقة في الأهمية، وبعد أكثر من ألف وأربعمائة عام وثيقة مكة المكرمة التي صدرت من القبلة الجامعة للمسلمين بجوار الكعبة المشرفة، وذلك في الرابعِ والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام1440ه عن أكثر من ألف ومائتي مفتٍ وعالم وأكثر من أربعة آلاف وخمسمائة مفكرٍ إسلامي، يُمثلون سبعة وعشرين مذهباً وطائفة، جاؤوا معاً تحت مظلتهم الجامعة: "رابطةِ العالم الإسلامي"، وذلك في أول ملتقىً جامع لكافة التنوُّع المذهبي الإسلامي "عبر التاريخ الإسلامي"، بل وفي أول وئام متكامل للتنوع المذهبي بعد تشكل المذاهب الإسلامية. وقد أكدوا في هذه الوثيقة على أن البشر باختلاف مكوناتهم ينتمون إلى أصل واحد وأنهم متساوون في إنسانيتهم، مستدلين بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"، وأكدوا على ما سبقت الإشارة إليه من أن الجميع يشمله التكريم الإلهي.
وتابع الشيخ العيسى أن الوثيقة تضمنت أن الاختلاف بين الشعوب والأمم في معتقداتهم وثقافاتهم وطبائعهم وطرائقِ تفكيرهم هو قدر إلهي قضت به حكمةُ الله البالغة وأن الإقرار بهذه السنة الكونية والتعامُلَ معها بمنطقِ العقل والحكمة بما يُوصِلُ إلى الوئام والسلام الإنساني خيرٌ من مكابرتها ومصادمتها،وأشارت تلكم الوثيقة إلى أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يُبَرِّر الصراعَ والصدام بل يستدعي إقامةَ شَرَاكةٍ حضاريةٍ إيجابية وتواصلاً فاعلاً يجعل من التنوُّعِ جسراً للحوار والتفاهم والتعاوُن لمصلحة الجميع، ويَحْفِزُ على التنافُس في خدمة الإنسان وإسعادِه، والبحثِ عن المشتركات الجامعة ِواستثمارِها في بناءِ دَولة المواطنة الشاملة المبنية على القيم والعدل والحُريات المشروعة وتبادُل الاحترام ومحبة الخير للجميع. فيما أكدت الوثيقة على أن أصل الأديان السماوية واحد وهو الإيمان بالله سبحانه إيماناً يُوَحِّده جل وعلا لا شريك له، وأن شرائعها ومناهجها متعددة ولا يجوز الربطُ بين الدين والممارسات السياسية الخاطئة لأيٍّ من المنتسبين إليه.
كما أكدت الوثيقة على أن الحوار الحضاري أفضلُ السبل للتفاهُم السويِّ مع الآخر والتعرُّفِ على المُشتركات معه، وتجاوُزِ معوقات التعايش، والتغلب على المشكلات ذوات الصلة وهو ما يفيد في الاعتراف الفاعل بالآخر، وبحقه في الوجود وسائر حقوقه المشروعة، مع تحقيق العدالة والتفاهُم بين الفرقاء بما يُعزز احترام خصوصياتهم ويتجاوز الأحكام المسبقة المحملة بعداوات التاريخ، التي صعدت من مجازفات الكراهية، ونظرية المؤامرة، والتعميم الخاطئ لشذوذات المواقف والتصرفات، مع التأكيد على أن التاريخ في ذمة أصحابه، ولا تزر وازرة وزر أخرى، أياً كانت فصول التاريخ المستدعاة، وعلى أي دين أو فكر أو سياسة أ وقومية حُسبت، قال تعالى:" تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"،وقال تعالى:" قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى".
وأشار فضيلته أنه وإيماناً من رابطة العالم الإسلامي بحتمية التعايُش السلمي بين أتباع الأديان والثقافات، بل وحتميةِ التعاوُن وتعزيزِ الأخوة الإنسانية المشتركة قامت بجهود حول العالم لترسيخ هذا المبدأ على أرض الواقع وذلك من خلال مبادرات عملية، ولقاءات حوارية فعالة، وإسهامات مباشرة في حل بعض المشكلات القائمة على خلفية أسباب دينية أو عرقية، ومن ذلك ما كان بدعوة مباشرة من حكومات بعض البلدان. كما حرصت الرابطة على تعميق أواصر التفاهم والتعاون والثقة المتبادلة بين أتباع الأديان الثقافات وقامت الرابطة ببرامجَ عمليةٍ فعالة فضلاً عن النداءات المعلنة حول العالم وذلك لتعزيز مبدأ الاندماج الوطني الإيجابي في بلدان التنوع الديني والإثني والثقافي.
ولفت إلى أن الرابطة واجهت في هذا (وبقوتها الناعمة) كافة أصوات الكراهية والتطرف ودخلت في حوارات علمية وفكرية مدعمة بالأدلة التي برهنت للجميع سلامةَ خُطُواتِ الرابطة في هذا وذلك في مواجهة بعض الأفكار والأصوات الناشئة عن خفاء الحقيقة أو الجهل المستحكم أو التطرف أو العزلة عن العالم والانكفاء في إطار عقل جمعي مغلق، مضيفًا أن الرابطة في كل ذلك تستعرض المؤيدات الدينية والمنطقية لضرورة التعايُش مع أهمية تجاوز عقباته، بل وسعياً منها نحو العمل الأمثل نحرص على نوعية هذا التعايُش وأن يكون على أكمل وجه، كما أننا قدمنا عدداً من المبادرات والمقترحات لوزارات وعموم جهات الاندماج الوطني سواء كانت حكومية أو أهلية وذلك في كثير من البلدان وتشاركنا مع عدد من المراكز الفكرية ذوات الاختصاص والتأثير لدعم هذه المشروع، وخطونا خطوات مهمة وقوية من أجل كسر النمطية الخاطئة المنطبعة في مفاهيم البعض على اختلاف أديانهم وإثنياتهم وثقافاتهم ولدينا قناعة تامة أن التعايش الإيجابي بين الجميع ليس خياراً يمكن الأخذ به أو تركُه بل هو واجب ديني وأخلاقي وإنساني حتمي.
وتساءل العيسى عن كيفية تنتظم مسيرةُ الحياة بين الناس دون تفاهمهم، وتعايشهم، وتعاونهم ولذلك كان من بين مهمات نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما أتى المدينة المنورة وفيها تنوع ديني أن أرسى قيم التعايش بين الجميع من خلال تلك الوثيقة التي تحدثنا عنها. والتعايش الحقيقي لا بد أن يكون له أثر ملموس ومحمود وأن يقوم على مرتكزات العدالة والمحبة المتبادلة، وأن يحقق متطلباته وإلا كان نظريةً،حبيسةَ التفعيل، أو صورةً مثالية في الخيال، أو مجردَ حبر على ورقِ مخرجات المؤتمرات والنداءات والبيانات.
وفصل الشيخ العيسى أن التعايش يسمو في درجات التميُّز عندما يكون أنموذجاً ملهماً للجميع، وحتى يحقق أهدافَه لا بد له من أمور:
أولاً: الإيمان التام بسنة الله في الاختلاف والتنوع والتعدد بين البشر وأن الاختلاف يسري حتى داخل أتباع الدين الواحد والثقافة الواحدة (على تنوع درجات هذا الاختلاف).
ثانياً: الإيمان بوَحْدة الأصل البشري وأن الإنسانية أسرةٌ واحدة
ثالثاً: تغليب المصلحة العليا للرابطة المشتركة بين الجميع ومن ذلك مصلحة الدولة الوطنية ومصلحة سلام عالمنا ووئام مجتمعاته وحفظ استقرارها وسكينتها الوطنية مع ترسيخ وشائج المحبةِ بينها
رابعاً: تعزيز الحوارات الوطنية في كافة القضايا المهمة، وكذلك الحوارات بين أتباع الأديان والثقافات، ولابد أن تكون تلك الحوارات فعالة بحيثُ ترتكز على المشترك الذي يجمع الطيف الوطني وهو المصلحة العليا للوطن ووحدة قيمه وأهدافه، ولا بد أن تسود أجواء الحوار بين أتباع الأديان والثقافات الشفافية والوضوح التام؛ فالقضايا العالقة التي تخفيها جلسات المجاملة هي السبب الرئيس في عدم فاعلية تلك الحوارات على أرض الواقع، ولا بد أن ينتج عن تلك الحوارات مشاريع عمل مشتركة وذلك بعد أن يتم تحديد نُقاط الخلل والاحتياج ونقاط التعزيز والاستدامة.
خامساً: من المهم في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وضع القواسم المشتركة أمام الجميع، والاتفاق على العمل بها، وأيضاً وضع نقاط الاختلاف أمام الجميع والتفاهمُ حولها.
كما أضاف أن لابد كذلك من دعوة شركاءَ مستقلين ذوي اختصاص في صناعة الحوار الفعال وذلك لدعم الحوار بما يشبه لجان التحكيم المستقلة بحيث تراقب مسار الحوارات وترشدها وتوقفها إذا خرجت عن مسلكها الصحيح أو انتهت إلى نتائج لا تحقق الطموح المطلوب منطقياً لكل حوار، كما يلزم أن يتم الإعلان عن النتائج الفعالة لكل حوار ووضع جداول زمنية لتنفيذ قراراته مع تسمية العاملين في حقل التنفيذ لتحديد المسؤولية، مؤكدا ضرورة أن تشتمل تلك النتائج على تعزيز التحالُف الإنساني والأخلاقي والحضاري بين أتباع الأديان والثقافات والوقوف بحماسة عملية فعالة أمام كافة أصوات الكراهية وشعارات الصدام والصراع الديني والحضاري.
وقال العيسى أن الإسلام قد أكد على قاعدة محسومة لديه وهي أنه لا إكراه في الدين وأن الحق واضح لمن أراد أن يسلك طريقه لكن لا جبر عليه. وأنه يروق للتطرف بل وينشط لأن يجعل من حتمية الاختلاف بين البشر جداراً عازلاً بين مصالحهم بل يتجاوز الأمر إلى جعله فتيلاً لإشعال الكراهية والتطرف والأحقاد وما ينتج عنها أو بعضها من تداعيات يجر بعضها بعضاً قد تصل لحالات حرجة من التأزم وربما المواجهة كما حصل عبر التاريخ الإنساني في فصوله المؤلمة التي أثبت قراءاتها العميقة والصحيحة أنها لم تكن أبداً معبرة عن حقيقة كل شريعة وأنها لم تكن رشيدة في فهمها ولا تصرفاتها مهما كانت ذرائعها أو حتى درجة صدقها وإخلاصها فهذا لا يكفي وحده مع أهميته بل لا بد من الوعي الديني والفكري والسياسي، مصيفاً أن كثيرا من الأخطاء والمجازفات والمواقف السلبية الناقدة سببها الاحتجاب عن الأبعاد الزمنية والمكانية للموضوع، ومن ثَمَّ عدم امتلاك الاستطلاعات اللازمة لدراسة الحالة وأبعادها والآثار المرتبة عليها وهو ما يعني فقدان التصور الكافي بسبب النظر من نافذة واحدة وهو ما يفوت بسببه تحقيق مقاصد الشريعة وهذا الأمر يُسيء كثيراً لسمعة الدين إذا كان منسوباً إليه من شخصية اعتبارية. ففي عالمنا الإسلامي وغيره قلة هم ضدّ التعايُش بين أتباع الأديان والثقافات وضدّ حوار الحضارات وضد سلام ووئام التنوع الديني والإثني والثقافي ولا نشك أن غالب المجازفات باسم الدين انتحالاً سببها الغياب عن البعد الزماني والمكاني؛ فمن ينظر من نافذة واحدة "لا يرى في أُفُقِهِ غيرَها" يختلف عمن ينظر من نوافذ عدة. وسعة الاستطلاع تعزز من تمكن العالم الشرعي من تحقيق مقاصد الشريعة التي جاءت لإصلاح الدنيا وصالح الدين.
واختتم الشيخ العيسى بالتأكيد على أن رابطة العالم الإسلامي هي منظمة عالمية للشعوب الإسلامية تنأى بنفسها عن الدخول في القضايا السياسية إلا ما كان منها واضح التصور من كافة جوانبه ولو بعد حين، ومتعلقاً بأهداف رابطة العالم الإسلامي المنصوص عليها في نظامها الأساسي، وتعمل الرابطة فيذلك كله على أن تكون عنصر إصلاح ووئام وسلام في إطار رابطتها الإسلامية وخارجها؛ فهي تتمنى الخير والنفع للجميع.
بعد ذلك فُتح باب الحوار مع أمين عام رابطة العالم الإسلامي حيث أجاب على أسئلة الحضور والتي تطرقت لعدد من القضايا والمسائل ذات الصلة بموضوع اللقاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.