استطلعت "بوابة الأهرام" رأي ثلاثة من وزراء الري والموارد المائية السابقين، حول مستقبل العلاقة ما بين مصر وإثيوبيا، وملف مياه النيل، بعد وفاة ميليس زيناوي، رئيس وزراء إثيوبيا، محددين ملامح خريطة الطريق لحل أزمة مياه النيل. ويؤكد الدكتور محمد نصر علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، أن وفاة ميليس زيناوي ستؤثر على العلاقات المصرية الإثيوبية بشكل إيجابي، مشيرا إلى أن زيناوي كان متشددا لأقصى درجة فيما يتعلق بالمفاوضات حول تقاسم مياه حوض وادي النيل. وقال علام في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام": "زيناوي هو الذي تزعم جبهة الرفض لجميع الحلول والمقترحات التي عرضتها مصر لحل الأزمة"، منوها إلى أنه استغل ظروف مصر الداخلية بعد ثورة "25 يناير"، ووضع حجر الأساس لسد النهضة صاحب التأثير السلبي على الأمن القومي المائي المصري. ولفت علام إلى أن زيناوي كان يسعى لأن تحل إثيوبيا محل مصر في إفريقيا ومنطقة حوض وادي النيل، مشيرا إلى أن مَن سيخلفه وهو وزير الخارجية المحسوب على تيار الصقور والحاصل على ماجستير في هندسة المياه لن يكون بنفس التشدد والعدائية تجاه مصر. وأضاف: "زيناوي يعتبر قيادة سياسية إفريقية ورجل الغرب في منطقة حوض وادي النيل"، منوها إلى أن خليفته لن يستطيع أن يقبض على البلاد بذات القبضة الحديدية التي قبض بها زيناوي على إثيوبيا كما أنه لن يكون له نفس التغلغل الذي تمتع به زيناوي في القارة الإفريقية. ودعا علام القيادة المصرية إلى فتح حوار سياسي مع دول حوض وادي النيل على مستوى الرؤساء وأعلى القيادات في الدولتين، منوها إلى أن دول المنبع تطالب بحصة في مياه النيل، ومصر اقترحت استغلال الشق المهدر في جنوب السودان، ولكن زيناوي وأوغندا رفضا المقترح المصري. وتابع علام: "يمكن لمصر إعادة طرح هذا المشروع من جديد مع إبداء مرونة فيما يتعلق باستغلال مياه نهر النيل في توليد الكهرباء"، متوقعا أن يلقى هذا المشروع بعد وفاة زيناوي قبولا من دول منبع نهر النيل إذا لمسوا في حديث مصر الجدية. واختتم علام قائلا: "الأكثر أهمية أن تصارح القيادة المصرية الشعب بكافة الأمور المتعلقة بحوض وادي النيل، محذرا من أن تهوين القيادة السياسية من حجم المخاطر التي يجلبها سدود مثل النهضة الذي من شأنه اضطرار مصر لترحيل عشرات الآلاف من الأسر المصرية وكذلك ضياع ما بين 20 و30 % من الطاقة الكهربائية التي تنتجها مصر من السد العالي وسد أسوان. ومن جانبه صرح الدكتور حسين العطفي وزير الري والموارد المائية السابق، بأن مصر أمامها فرصة جيدة لإعادة صياغة العلاقات مع دول حوض وادي النيل وخاصة إثيوبيا بعد وفاة رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي وبعد قوة الدفع التي أضافتها الثورة للسياسة المصرية، مشيرا إلى أنه على القاهرة ربط نفسها بمصالح مشتركة مع دول حوض وادي النيل. وأوضح العطفي في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، أن هذه الفرصة جاءت نتيجة لوجود نظام سياسي جديد في مصر يتفهم ضرورة تواجد عمق مصري في إفريقيا وإعادة الدور الحيوي للقاهرة في عمقها الإفريقي. وأضاف العطفي "زيناوي كان شديد الحساسية تجاه مصر وخاصة الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه"، مستبعدا أن يكون خليفته بنفس الحساسية. ولفت إلى أن زيناوي كان مرتبطا بعلاقات غربية تملي عليه بعد السياسات، مشددا على أن مبادرة مصر وطرحها لمشروعات تكون فيها شريك حقيقي من أجل تحقيق التنمية في حوض وادي النيل سيدفع خليفة زيناوي إلى البحث عن المصالح المشتركة مع القاهرة. وأشار العطفي إلى أنه على مصر تبني استراتيجية كاملة وتفعيل قوتها الناعمة في دول حوض وادي النيل، مؤكدا أن إسرائيل تسعى لضرب الأمن القومي المصري في مقتل. واختتم العطفي بالقول: "لغة المصالح المشتركة أكبر من أي مؤثرات خارجية قد تؤثر على صناعة القرار الإثيوبي، داعيا الجانب المصري إلى عدم التعويل على اتفاقية فينييا لعام 1978 والخاصة بالإبقاء على اتفاقيات المياه كما هي إلا كحل أخير في حالة فشل المفاوضات ووصولها إلى طريق مسدود. هذا فيما اعتبر الدكتور محمود أبوزيد وزير الري والموارد المائية الأسبق، وفاة رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي، من شأنها أن تفتح باب إعادة صياغة العلاقات بين القاهرةوأديس أبابا، مشيرا إلى أن أول خطوة يجب على مصر اتخاذها مواسة الشعب الإثيوبي في وفاة زيناوي أحد زعماء القارة الإفريقية. وأوضح أبوزيد في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، أن إعادة صياغة العلاقات بين مصر وإثيوبيا يتطلب أن تسعى القاهرة من جانبها بطرح مبادرات يتم على أساسها إعادة صياغة العلاقات مع أديس أبابا، منوها إلى أن هذه المبادرات يجب أن تقوم على الحقوق المتساوية بين الطرفين في استغلال مياه نهر النيل لتحقيق التنمية المطلوبة لكافة دول حوض وادي النيل. وأضاف : "ليس معنى قولي إن المجال أمام القاهرة مفتوح لإعادة صياغة العلاقات مع أديس أبابا أن سياسة إثيوبيا كانت مرتبطة بشخص زيناوي"، مشددا على أن إثيوبيا دولة مؤسسات تتخذ قراراتها بالتشاور بين هذه المؤسسات لتحقيق ما ترى في مصلحتها العليا. وتابع: "ما أريد أن أُنبه إليه أن وجود قيادة سياسية جديدة في إثيوبيا يعني إمكانية مناقشة الملفات التي وصل فيها الطرفين لطريق مسدود"، مشددا على أن ذلك يتطلب أن تناقش القاهرة النقاط الشائكة في إطار المصلحة المشتركة والتأكيد على أن مصر تسعى لتحقيق مصلحة الجانبي. ورفض الخبير الدولي في المياه، ما يقوله البعض حول أن ميليس زيناوي كان له موقف متشدد من القاهرة في قضية مياه النيل، موضحا أن زيناوي كان يبحث عن مصلحة إثيوبيا العليا في استغلال مياه النيل بصرف النظر عن مصلحة دول المصب وهو ما يجب على القاهرة تغييره بربط مصلحة الجانبين ببعضهما. واختتم أبوزيد بدعوة القاهرة بسرعة بلورة إستراتيجية للتعامل مع ملف حوض وادي النيل، منبها إلى أن أي إستراتيجية تحتاج إلى موارد يجب توفيرها لإنجازها لكسب ثقة دول المنبع تجاه وعود مصر.