فجأة وبدون مقدمات هبت عاصفة غاضبة من قطاع السياحة على د.خالد العنانى وزير السياحة والآثار تناثر ترابها الخانق على وسائل التواصل الاجتماعى وبعض المواقع الإخبارية؛ بل وصلت إلى بعض وسائل الإعلام ، ولم تأخذ العاصفة وقتا حتى أصبحت فى غضون ثلاثة أيام حديث القطاع السياحى كله. ودعك هنا من الجهاز الإدارى كله فى الوزارة؛ سواء فى السياحة أو الآثار فهم بعيدون عن ذلك وإنما العاصفة كان مصدرها القطاع الخاص السياحى، وغنى عن القول إن السياحة فى مصر 99% منها قطاع خاص. المهم بدأت العاصفة تشتد وتطالب بالتصدى للوزير وتحديدا لمشروعه أو فكرته التي يريد تنفيذها، فما هي الحكاية؟ أو ما هي الفكرة التى جلبت كل هذا الغضب؟ وهل مازالت العاصفة تتصاعد أم أنها هدأت ولو إلى حين؟. الحكاية باختصار أن د. خالد العنانى بعد أن تولى مسؤولية وزارة السياحة والآثار اكتشف - بعد انفجار كارثة كورونا وتوقف إيرادات السياحة - أن صندوق السياحة الذى يكثر الحديث حوله بأنه كنز الفلوس أو مغارة علي بابا المليئة بالذهب والياقوت والمرجان ليس به أية أموال وكل ما يقال إن به مليارات الجنيهات هو كلام لا يمت للحقيقة بصل؛ بل إن الصندوق مديون بأكثر من 700 مليون جنيه، ولذلك تدخلت الحكومة لمساعدة القطاع. من هنا بدأ الوزير يفكر فى تدبير موارد للصندوق حتى يستطيع الإنفاق على المشروعات أو الحملات الدولية أو برنامج تحفيز الشارتر؛ لأنه للأسف لا توجد أية أرصدة فى الصندوق. المفاجأة وقعت كالصاعقة على الوزير، وبدأ يفكر في إنقاذ الموقف أو تدبير موارد وبحكم أنه كان وزيرا للآثار وهو يعرف أن هناك صندوقين ماليين هما صندوق الآثار وصندوق إنقاذ آثار النوبة، ثم حينما جاء السياحة وجد الصندوق الذي نتحدث عنه " صندوق السياحة " وصندوق الحج والعمرة وعلمت أنه اقترح ضم هذه الصناديق في صندوق واحد باستثناء صندوق الحج والعمرة، وفكر في تدبير موارد إضافية لكل الصناديق أو الصندوق الجديد، وتقدم بالفعل بمشروع قانون إلى مجلس الوزراء وتمت الموافقة عليه، وبالفعل تمت إحالته إلى لجان السياحة والآثار والخطة في مجلس النواب؛ بل وعرض الفكرة أو المشروع قبل ذلك على ممثلين لاتحاد وغرف السياحة ولم يعارض أحد - حسب معلوماتي - وحينما تم الإعلان عن مناقشة مشروع القانون في لجان مجلس النواب قامت العاصفة وأعلن قطاع السياحة سريعا رفضه للفكرة والمشروع على أساس أنهم يعيشون "وهم" أن صندوق السياحة به مليارات وأنه من غير المعقول أن يأخذ الوزير فلوس قطاع السياحة ويصرف على الآثار.. وبدأ البعض على المواقع الإخبارية ووسائل التواصل يكتب "الحقونا" الوزير يستولي على فلوس السياحة لصالح الآثار، وبدأت العاصفة تزداد ولا أحد يوضح لهؤلاء أن صندوق السياحة ليس به مليارات أو حتى ملايين على الإطلاق .. فمن أين يأتي الاستيلاء؟ ولماذا انفجرت القضية بهذا الشكل؟ أقول للقارئ الكريم والوزير د.خالد العناني يا عزيزي النوايا الصادقة والنيات الطيبة لا تكفي لتغيير الواقع أو لتنفيذ الأفكار الجديدة، حتى لو كانت جيدة، فمن المؤكد أن كل ما فكر فيه الوزير أو سعى لتنفيذه صح في ضوء المعطيات أو الواقع في الوزارة والصناديق والبحث عن موارد جديدة، لكن من وجهة نظري أدوات التنفيذ افتقدت يا عزيزي د.خالد لوسيلة أو أداة مهمة جدا وهي الإعلام؛ لأن المشكلة أن قطاع السياحة فوجئ بمشروع قانون يناقش في لجان مجلس النواب، وكأنه قانون يجب أن يمرر من وراء ظهر قطاع السياحة .. وحتى حينما بدأ البعض يكتب ويقول الاستيلاء على أموال صندوق السياحة لم يكلف الوزير نفسه أو أي مسئول في الوزارة بالرد على مثل هذا الكلام، وأن يشرح فورا لقطاع السياحة أن الصندوق فارغ، وليس به أموال وأنه ربما تكون صناديق الآثار أقوى ماليا وأن الهدف دعم صندوق السياحة . لقد أخطأ الوزير عندما ترك المواقع تكتب ووسائل التواصل تصرخ ببعض كتابة من ليس عندهم معلومات، كان يجب على الوزير أن ينشر مواد القانون ومصادر تمويله عندها كان الكل سيتوقف؛ بدليل أن مشروع القانون حينما بدأت مناقشته في لجان مجلس النواب الأحد الماضي فوجئنا ببيان من اتحاد غرف السياحة يرحب بمشروع القانون حتى وإن أبدى بعض الملاحظات على المادة (7) الخاصة بموارد الصندوق . لكن في النهاية عندما قرأ الجميع أو عرف الجميع مضمون مواد الصندوق في الإعلام وغيره اقتنعوا أن المسألة ليست استيلاء على أموال القطاع الخاص لصالح الآثار، بل تدبير موارد لصالح السياحة. من هنا قلت إن د.خالد العناني أخطأ في عدم عرضه لمشروع القانون ليس على قطاع السياحة فقط؛ بل والآثار أيضا، وشرح للجميع كل شيء قبل أن يذهب بالقانون إلي مجلس النواب. علي العموم.. لقد هدأت العاصفة عندما ظهرت الحقيقة، وهذه الحقيقة هي أن دمج الصناديق في مصلحة السياحة؛ لأن صندوقي السياحة ليس مغارة علي بابا، وأن الفكرة هدفها دعم السياحة وليست الاستيلاء على أموال القطاع الخاص. ويا عزيزي د.خالد العناني لا تنسى أن الإعلام لغة العصر.