بريت ماكغورك هو المبعوث الأمريكى السابق لدى التحالف الدولي لمحاربة داعش، اعتبر الاتفاق الموقع بين واشنطن و طالبان بالدوحة بأنه أعطى للحركة معظم ما كانت تطمح إليه، وأنه لن يحل السلام في أفغانستان ، بل يزرع بذور حرب جديدة. هل هذه الحرب الجديدة هي - بالضبط- ما تريده إدارة ترامب في أفغانستان فور إتمام إنسحاب قوات التحالف من أفغانستان ؟ أم أن ورقة طالبان ما هى إلا مجرد لعبة أمريكية- باكستانية للضغط على الأفغان لتمرير المشروع الأمريكى بالمنطقة، وبالتالى، لم يسمح للقوات الحكومية بقتال طالبان والقضاء عليها خارج المدن؟! السفير مسعود خليلى، سفير أفغانستان الأسبق لدى أسبانيا، وأقرب الشخصيات من الزعيم الأفغانى الراحل أحمد شاه مسعود ، الذى لحقت به إصابات بالغة فى أثناء حضوره الحادث الإجرامىلإغتيال مسعود،وكانت نتيجتها إجراء 11 عملية جراحية، يقول- خليلى- فى إجابته على السؤال لماذا يكره الشعب الأفغانى حركة طالبان ؟ وهل يقبل عودتة الحركة لحكم أفغانستان ؟: "من الصعب جدًا التنبؤ بمستقبل حركة طالبان ، وليس من المتوقع أن يعودوا لحكم أفغانستان ، لأن الجيش الأفغانى، وكذلك الشرطة، لديهما قدرات كافية لعدم السماح للحركة بالعودة، كما أن الشعب الأفغانى، نفسه، لن يسمح بذلك". يضيف السفير خليلى: "حركة طالبان قد تصبح جزءًا من الحكم في حالة تنفيذ اتفاق الدوحة، الموقع مع الولاياتالمتحدة فى أواخر شهر فبرير الماضى، وأيا كان حجم مشاركتهم فى الحكم، فإن ذلك سوف يمثل كارثة كبرى ل أفغانستان ، وللشعب الأفغانى، لأننا نتذكر بوضوح ما فعلوه من قبل وفى أثناء توليهم حكم أفغانستان ، فقد كانوا شديدى التزمت، ويتدخلون بكل شيء له علاقة - أو ليس لع علاقة- بالدين". الدكتور محب الله زكريا، مستشار وزير الثقافة والإعلام فى أفغانستان ، يقول: "أنا شخصيا أستبعد عودة طالبان لحكم أفغانستان ، فالحركة هى مجرد أداة ضغط على الحكومة الأفغانية لتقبل المشاريع الأمريكية فى أفغانستان ". يضيف: "فى كثير من المعارك القتالية مع طالبان كانت الأوامرالمشددة هى عدم القضاء على الحركة نهائيا، فيما تنصب المهمة على إبعاد مليشياتها فقط عن المدن، التى تخضع لسيطرة الحكومة، ولا يتم السماح نهائيا للجيش والشرطة الأفغانيين، وبعض عناصر الدعم الشعبية والأهلية المعاونة، بمطاردة طالبان خارج المدن". يؤكد الدكتور زكريا: "في أفغانستان توجد العديد من العرقيات، والشعب الأفغانى يرى أن حركة طالبان هى مجرد مشروع غربي- باكستانى، و99% من العرقيات بدون استثناء لا تريد عودة طالبان للحكم، وربما من 30% إلى 40% فقط من عرقية البشتو قد يكونون مع عودتهم"! يوضح مستشار وزير الثقافة والإعلام الأفغانى: "الغالبية العظمى من الشعب الأفغانى تخاف من عودة حركة طالبان للحكم نظرًا لما ترسخ في أذهانهم من خلفية سوداء عنهم، حيث عانى الشعب، من مصاعب ومشكلات متعددة، أولها الحرمان من ممارسة حقوق المواطنة، وعدم السماح لهم برفع أصواتهم للمطالبة بحقوقهم، ثانيا: ضياع الإنجازات التى تحققت على أرض أفغانستان خلال العقدين الماضيين، ثالثا: مخاوف المرأة الأفغانية من تهميش حقوقها وضياعها، رابعًا: طالبان لا تعتقد بالنظام الجمهورى وتصر على إقامة الإمارة الإسلامية فى أفغانستان ". ها هى خلاصة الردود على أسئلتى بخصوص موقف عامة الأفغان من إمكانية عودة طالبان لحكم أفغانستان ، وتؤكد أن هناك مخاوف حقيقية ترتاب معظم الأطياف والطبقات الأفغانية، وتأتى فى المقدمة، مخاوف نصف المجتمع، أى المرأة، لأن تفكير طالبان تجاه النساء متخلف جدا، والشاهد على ذلك هو الملف الأسود الذى غطى الحقبة المظلمة التى حكمت فيها الحركة، من عام 1996 وحتى عام 2001. ف طالبان فى تعاملها مع المرأة كانت أكثر فظاعة وسوداوية من المجموعات والحركات المتطرفة الأخرى مثل داعش والقاعدة وجبهة النصرة وغيرها، وكذلك الشباب الأفغانى فقد كانوا يهانون علنا من أجل قص شعر رؤوسهم ويحرمون من الاستماع إلى الموسيقى والأغاني، فالحريات العامة كانت مهددة تمامًا وقت طالبان . أيضًا، الأقليات الدينية والمذهبية الموجودة فى المجتمع الأفغانى مثل الشيعة الذين تصل نسبتهم إلى 20% هم خائفون من عودة طالبان ، لأن طالبان - لا تعترف بحقوق الشيعة، ولا تعترف ب حقوق السيخ والهندوس من المواطنين الأفغان. فى الوقت نفسه، معظم مؤسسات المجتمع المدنى الأفغانية متخوفة من أن عودة طالبان ستعنى وقف أنشطة هذه المؤسسات وإجبارها على السكوت، ف طالبان لا تستريح مع أى مؤسسات مدنية، وتفكيرها لم يتغير أبدا بهذا الخصوص، بل تعتبر هذه المؤسسات الطابور الخامس للمجتمع الدولى وللجهات الأجنبية المشبوهة! قطاع التعليم الأفغانى- أيضا- فى غاية التخوف من عودة طالبان لأن جزءا كبيرا من الدارسين فى كل المراحل ينتسبون للتعليم المدنى العام، أو الخاص غير الحكومى، و طالبان لا تعترف بهذا النظام، ولا تعترف بأى تعليم حديث أو غير حكومى، بما يعنى إيقاف أنشطة قطاع كبير من العملية التعليمية فى أفغانستان . وفى المجال التجارى، سيتضرر القطاع كثيرا لأن طالبان لا تحترم المواثيق والقواعد والنظم والاتفاقيات التجارية الدولية، وهذا سيعنى أن جزءا كبيرا من التجار الأفغان سيضطرون للهروب أو للهجرة بأموالهم للخارج من أفغانستان . الناشطون الأفغان الذين تمتعوا خلال العقدين الأخيرين بحرية الرأي والتعبير بشكل ملموس، وعبروا عن آرائهم فى الفضائيات والمواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعى، بدون أى رقيب أو مصادرة، هؤلاء الناشطون الذين انتقدوا جرائم وأعمال طالبان المتطرفة، من الطبيعى أن يخافوا من طرح فكرة عودة طالبان لحكم أفغانستان ، لأن المشانق سوف تكون بانتظارهم، كما شنقوا الرئيس الأسبق نجيب الله، فور توليهم السلطة، وبالتالى، يفكر الناشطون السياسيون فى الهجرة، واللجوء السياسى فى بلاد أخرى، إذا لاحت فى الأفق أية بوادر لعودة طالبان . [email protected]