•سيدنا النبى مات على صدر عائشة ليعطينا درسا فى الحب والمودة •5 شروط إذا توافرت فى العبد كانت دليلاً على حب الله له •الله يعطى الدنيا لمن يحبه ومن يبغضه.. ولكنه يعطى الدين لمن يحبه فقط •الذين يصبرون على متاعب الدنيا لهم عند الله 3 أوسمة ربانية الإسلام هو دين المحبة والسلام لذا فقد حثنا الإسلام على الحب وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام محبا لأهله وزوجاته وأصحابه والناس جميعا وكان رحيما عطوفا فى تعامله مع الصغير والكبير كما أن لله سبحانه وتعالى 99 اسما من بينهم الودود بمعنى المحب لخلقه وعباده لذا يعد الحب والود صفة من صفات الرحمن عز وجل.. وبما أننا على مشارف الاحتفال بيوم الحب فكان طبيعيا أن نسأل: أين ذهب الحب والتكافل والرحمة التى أمرنا الله أن نعامل بعضنا البعض بها؟.. سؤال يجيبنا عنه دكتور محمد وهدان أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر. كيف عرف الإسلام الحب؟ ديننا الحنيف اهتم كثيرا بالحب والمقصود بالحب هنا ليس المعنى الضيق المتعارف عليه وإنما المقصود هو الحب بين الناس جميعا .. بين المسلم وأخيه المسلم وكذلك غير المسلم والدليل على ذلك أن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه جاءه رجل وقال له أستحلفك بالرحم الذى بينى وبينك آلا قضيت حاجتى فقال له يا رجل هل أنت من آل سفيان.. قال له لا.. فسأله هل أنت من عائلة قريش فقال له لا قال له هل أنت من العرب فقال له لا.. فقال له معاوية يا رجل أمرك غريب أى رحم بينى وبينك فقال له رحم آدم عليه السلام، فبكى معاوية وقال ولله أنها لرحم مجفوة ولأكون أول من يصلها وقضى للرجل حاجته.. فالإسلام اهتم كثيرا بالحب والله سبحانه وتعالى ذكر الحب فى كثير من آيات القرآن الكريم كما أن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل وقال له يا جبريل إنى أحب فلان فأحبوه فيحبه أهل السماء ويجعل له القبول فى الأرض وإذا أبغض عبدا نادى فى السماء يا ملائكتى أنى أبغض فلان فأبغضوه فيبغضه أهل السماء ولا يجعل له القبول فى الأرض ومن ثم فالحب قيمة عظيمة جدا ويكفى أن سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام مات على صدر السيدة عائشة رضي الله عنها ليعلمنا درسا فى الحب وأن المسلم الحقيقي يحب زوجته وأولاده ومجتمعه ولا يحمل غلا ولا حقدا ولا بغضاء لأحد ويوم يفقد المجتمع الحب فعلينا أن نقرأ على هذا المجتمع الفاتحة لأن غياب الحب عن أى مجتمع يحوله الى غابة يأكل القوى منها الضعيف. هل هناك علامات ندرك بها حب الله لنا ورضاه عنا؟ بالتأكيد وقد سبق وحدد العلماء والفقهاء 5 شروط نعرف بها إذا كان الله يحبنا ويرضى عنا أم لا فإذا كانت هذه الشروط ال5 موجودة فى أحد منا فهو إذن فى محبة الله ومعيته وأول شرط لمحبة الله لنا هو " الابتلاء" وهذا ما قال عنه سيدنا النبى فى حديثه (إذا أحب الله عبدا ابتلاه) حتى إذا دعى العبد ربه بإخلاص قال جبريل يا رب العالمين إن عبدك فلان يدعوك وأنت أعلم به فيقول ارحم الراحمين.. دعنى يا جبريل فإنى أحب أن أسمع صوت عبدى وهو يدعونى ثم يقول الله يا عبدى أنك ما دعوتنى دعوة من الآن إلا أجبتها لك فى الدنيا أو ادخرتها لك عندى فى الآخرة أو دفعت بها عنك من البلاء ما لاتعلم أما ثاني علامة من علامات محبة الله لعبده هى محبة الناس فإذا أحبك الناس أعلم ان الله يحبك وإذا أبغضك الناس فهذا دليل على بغض الله لك وحدثنا النبى "صلى الله عليه وسلم" فى هذا الشرط قائلا(أنتم شهداء الله فى الأرض) والعلامة الثالثة هى التوفيق للطاعة فإذا أراد العبد أن يعرف مقامه عند الله فعليه أن ينظر أين أقامه الله وكيف يستخدمه فالله هو الموفق للطاعة أما العلامة الرابعة فهى الأنس بذكر الله سبحانه وتعالى بمعنى أنك العبد إذا ذكر الله أمامه شعر بالسعادة والسكينة والراحة عملا بقوله تعالى (آلا بذكر الله تطمئن القلوب) والعلامة الأخيرة التى يدرك بها العبد محبة الله له هى حسن الخاتمة وهنا قال عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح (أن الله عز وجل إذا أحب عبدا عسله .. فقالوا وما عسله يا رسول الله.. قال وفقه لعمل صالح فى أخريات حياته فيلقى الله عز وجل عليه) لذلك نجد سيدنا سعيد بن عامر عندما جاءه الموت أخذ يبكى فسألوه كيف تبكى وأنت المقاتل فى سبيل الله والمرافق لسيدنا رسول الله فقال أبكى على ليلة نمتها دون قيام ليل ويوم أفطرته ولم أصم لله وعلى ساعة غفل بها قلبى عن ذكر الله وهذه هى العلامات ال5 التى تؤكد حب الله للعبد. كيف يكون الابتلاء من علامات المحبة وهو ينزل علينا بالحزن والألم؟ ربنا سبحانه وتعالى يجيب عن هذا السؤال فيقول ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) وقال فى آية أخرى (لتبلون فى أموالكم وأنفسكم) وفى آية ثالثة (ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين) ومعنى ذلك أن الذين يصبرون على ابتلاءات الدنيا ومتاعبها لهم عند الله 3 أوسمة ربانية أولها أنهم عليهم صلوات من ربهم وثانيها الرحمة وثالثها الهداية.. فالابتلاء ليس معناه غضب الله وإنما هو امتحان من الله فالذهب يبتلى بالنار لتتضح نفاسته والله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدا ابتلاه لاختباره وعندما ينزل على العبد الابتلاء عليه أن يصبر فإن وعد الله حق ويستغفر لذنبه ويسبح بحمد ربه بالعشى والإبكار فالله يعطى الدنيا لمن يحبه ويبغضه ولكنه لايعطى الدين إلا لمن يحبه فقط. أصبحنا على قائمة الدول التى تعانى من ارتفاع نسب الطلاق فى العالم.. فكيف نحافظ على أدب الخلاف؟ سيدنا النبى حسم هذه المسألة عندما قال عليه الصلاة والسلام (لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فيعرض هذا ويعرض ذاك وخيرهما الذى يبدأ بالسلام) وهذا بالنسبة للشخص العادى فما بالك بالزوج الذى يعمل ويتعب وينفق على البيت والأولاد أو الزوجة التى ترعى البيت وتربى الأطفال أليس كلا منهما الأولى بالمودة والمحبة ومن ثم فالمفروض ألا يخاصم أحدهم الآخر أو يقاطعه على الإطلاق والفقهاء يؤكدون أن الزوجة إذا أخطأت 5 أخطاء لابد أن يسامحها الزوج فى 4 أخطاء ويعاتبها على واحدة وكذلك الزوجة، أما إذا وقف كل منهما للآخر على الواحدة فطبيعى أن يترتب على هذا مشاكل وخلافات كثيرة من شأنها هدم البيت وحدوث خلل فى منظومة المجتمع إذا قرر الطرفان الوصل الى أبغض الحلال والحقيقة أننا وصلنا إلى نسبة مخيفة من الطلاق بلغة الأرقام وهى لغة لاتعرف الكذب فنحن أصبح لدينا حالة طلاق كل 4 دقائق وهذه كارثة كبيرة غالبا مايتحمل الرجل المسئولية الأكبر فيها لأنه صاحب القرار لذا فقد حسم الله الأمر هنا كما جاء فى قوله تعالى (واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) وإذا تأملنا الآية نجد أن الله أمرنا بالوعظ أولا ثم الهجر فى المضاجع والمقصود هنا ليس البعد أو ترك البيت أو حتى الغرفة إنما المقصود هو محاولة إظهار الضيق بتجنب الحديث المشترك للفت نظر الزوجة بضيق الزوج أو غضبه من أمر ما، أما الضرب فشرط آلا يكون موجعا وكان السلف الصالح يضربون زوجاتهم بالسواك لأن الأخيار لايضربون زوجاتهم. هل هناك نصائح إذا عملنا بها نحافظ على المحبة والترابط داخل البيوت خاصة بين الشباب المتزوجين حديثا؟ ظاهرة ارتفاع نسب الطلاق أصبحت أمرا مخيفا لابد أن ينتفض له المجتمع ككل وهذه الانتفاضة تبدأ من البيت فواجب كل أم تعليم ابنتها كيف تحافظ على بيتها وتحتوى زوجها وتتقى الله به كما أن كل أب ملزم بتربية ابنه على تحمل المسئولية واحترام كلمته وتقدير زوجته ومعاملتها بالحسنى اقتداء بسيدنا النبى عليه الصلاة والسلام لأن الشباب إذا لم يتعلموا هذه الأصول قبل الزواج سيصطدمون ببعض مع أول خلاف لذا فأنا أرى لحل هذه المشكلة ولخفض نسب الطلاق ضرورة أولا ترك الأولاد وشأنهم وأنا هنا أوجه كلامى إلى الحموات وأرجوهن آلا يتدخلن فى حياة أبنائهن ويتركوهم يتعاملون مع خلافاتهم بما يتناسب مع ظروفهم ومع الوقت سيستوعب كلا منهما طبيعة الآخر لأن تدخل الأهل من أهم أسباب خراب البيوت وثانيا لابد من عقد دورة تدريبية إلزامية لكل شاب وفتاه مقدمين على الزواج ويتبنى الأمر دار الإفتاء بالمشاركة مع مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف حتى يتعلم أولادنا أن بناء البيت ليس سهلا وهدمه يعد حدثا جللا وأنا أعتقد أن دار الإفتاء تقدم هذه الدورات بالفعل ولكنها اختيارية وبالتالي وبعد ما نراه الآن من ارتفاع حالات الطلاق وضياع الأطفال لابد أن يكون الموضوع إلزاميا بحيث لايعقد المأذون العقد إلا إذا أتى الطرفان بشهادة هذه الدورات التى تعلم الشاب والفتاة حقوقهما وواجباتهما تجاه بعض وتجاه أطفالهما فى المستقبل. من وجهة نظرك ما الأسباب التى تؤدى الى غياب المحبة بعد الزواج؟ لأننا لانعامل بعض بما يرضى الله ورسوله فالزوجة تطالب بحقوقها فقط دون أن تنظر لنفسها وما إن كانت تقوم بواجباتها ومسئوليتها تجاه زوجها وبيتها على أكمل وجه أم أنها مقصرة وكذلك الزوج لايرى إلا نفسه وحقوقه ويتجاهل حقوق زوجته وواجباته الإنسانية والمادية تجاهها وطبيعى فى ظل هذا التضارب أن يضيع الحب. ولكن البيوت لاتبنى على الحب فقط ؟! معك كل الحق فالبيوت فعلا لاتبنى بالحب فقط وإنما الأهم من الحب هو المودة والتفاهم والتراحم كما قال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) فالله سبحانه وتعالى ذكر المودة ولم يذكر الحب لأن البيوت تقوم على التراحم وقد ذهب رجل مرة ليشكو زوجته لعمر بن الخطاب وقبل أن يطرق الباب سمع زوجة عمر تحتد عليه وسيدنا عمر يقول لها بهدوء "أتراجعيننى يا لكعاء" فقالت له نعم أرجعك أن أزواج رسول الله يراجعونه وهو خير منك فقال لها خابت "حفصة" إن راجعت رسول الله وكان يقصد حفصة ابنته وهى زوجة رسول الله وعندما خرج سيدنا عمر وجد الرجل أمامه فسأله ما خطبك أجابه أنه آتى يشتكى زوجته فوجد حال عمر أسوأ من حاله وهنا ابتسم سيدنا عمر وقال له أتقصد زوجتى قال الرجل نعم فقال له أنها طاهية طعامى وغاسلة ثيابى مربية أولادى .. آفلا أتحملها فى ساعة غضب وهذا هو التراحم والبقاء على المودة خاصة وقت الغضب لأن الإنسان الضعيف هو الذى يترك نفسه وقت غضبه لشيطانه فيهدم بيته وحياته ثم يعود ويندم بعد ذلك وهذا الفكرلابد أن نتكاتف جميعا لنشره خاصة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وكذلك منظمات المجتمع المدنى عليها آلا تنشغل بالسياسة وتتركها لأصحابها وتهتم بقضايا المجتمع لأنه إذا انصلح حال أفراد هذا المجتمع انصلحت الأمة بحالها. نقلا عن مجلة الشباب