لا شك أن البنية الأساسية هي عصب التنمية في أي دولة في العالم؛ فبدون بنية أساسية قوية لا يمكن أن تكون هناك أي تنمية؛ ولذا فإن الطرق والكباري وحركة التنقل بين الدول المختلفة تعتبر العامل الرئيسي في دفع وتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين الدول؛ خاصة ما يرتبط منها بعبور الآنهار المشتركة بين عدد من الدول؛ حيث ستسهم تلك الكباري بصورة فعالة في تحرير التجارة وخلق آفاق استثمارية جديدة في تلك المناطق. والواقع الفعلى في القارة الأفريقية يؤكد أن البنية الأساسية ومشروعاتها مازالت تحتاج إلى الكثير من الجهود والتمويل في سياق ما يقوم به برنامج تطوير البنية الآساسية في القارة "بيدا"؛ والذى يسعى للاستفادة من نهر الكونغو في الربط بين وسط القارة وشرقها وغربها؛ حيث يعد النهر الذى يقسم دولتى جمهورية الكونغو – برازافيل – وجمهورية الكونغو الديمقراطية – كينشاسا – ويمتد لمسافة 4700 كم ويعد ثانى أطول أنهار القارة بعد نهر النيل، ويمثل المصدر الرئيسى للعيش لعشرات بل مئات الآلاف من السكان في الدولتين الذين يتقاسمون عمليات الصيد والزراعة على ضفتى النهر الرائع؛ والذى يضم أكثر من 700 نوع من الأسماك المختلفة. بل إن النهر يمثل جسرًا هامًا للتنقل بين كينشاسا وبرازافيل؛ حيث يعبر المواطنون النهر من كينشاسا إلى برازافيل والعكس عن طريق مراكب صغيرة تستغرق 15 دقيقة فقط، ودون تأشيرات دخول بين البلدين؛ مما يجعل النهر هو وسيلة الربط الرئيسية بينهما، في ظل التقارب الثقافى والفكرى وتشابه العادات والتقاليد الكبير بين شعبي جمهورية الكونغو الديمقراطية - والتى يبلغ عدد سكانها 86 مليون نسمة - وبين سكان جمهورية الكونغو، والتى لا يتجاوزر سكانها 3.6 مليون نسمة. وخلال زيارتى لدولة جمهورية الكونغو قمت – ضمن وفد إعلامى أفريقى – بزيارة للموقع المقترح على نهر الكونغو لإقامة الكوبرى الذى يربط البلدين؛ وبالتالى يربط شرق القارة بغربها ووسطها أيضا، وفوجئت خلال الزيارة بوجود استعدادات كبيرة من قبل حكومة برازافيل لإقامة الكوبرى، فهناك نقاط تم تحديدها ومسارات للطرق المؤدية إلى الكوبرى الجديد، وأيضا هناك ترحيب؛ بل وانتظار وترقب من سكان عدد من القرى والمناطق التى سيمر بها الكوبرى؛ حيث يتوقعون أن يتيح الكوبرى لهم فرص عمل جديدة، ويسهم في رفع مستوى معيشتهم بصورة حقيقية. وأعتقد أن مشروع الربط بين ضفتى نهر الكونغو سوف يكون مشروعًا للقارة بأكملها مثل طريق القاهرة – كيب تاون؛ والذى يربط شمال القارة بجنوبها، ويسهم بفاعلية كبيرة في دعم حركة التجارة والاستثمار في القارة، وهو ما يسعى إليه القادة الأفارقة، ويطمح في تحقيقه المواطن الأفريقى بعد سنوات طويلة من الانتظار؛ ولذا فإن برنامج تطوير البنية الأساسية في القارة – بيدا – يقوم بدور مهم وحيوى في دفع مشروعات البينة التحتية في دول القارة وتفعيل المشاريع الكبرى، التى سوف يكون لها تأثير مباشر على تحقيق التكامل الاقتصادى بين دول القارة وتوظيف إمكانات القارة السمراء بصورة كبيرة لصالح أبنائها. والمؤكد أن الاستفادة القصوى من إمكانات نهر الكونغو؛ سواء لبرازافيل، أو لكينشاسا غير موجودة حتى الآن؛ نتيجة ضعف الإمكانات الاقتصادية لدى البلدين، فهناك مساحات شاسعة من الشواطئ على امتداد النهر تصلح لإقامة مزارع سمكية ضخمة عليها، وأيضًا إقامة مصانع مرتبطة بصناعة الأسماك المختلفة؛ وهو ما يؤدى لخلق فرص عمل جديدة، وزيادة حجم التعاون الاقتصادى بين البلدين معًا، وبين دول القارة الأخرى؛ حيث يعتبر نهر الكونغو ثروة حقيقية من الممكن أن يسهم في دعم الاقتصاد الأفريقى بشكل حقيقى وواقعى، بالتعاون مع الشركاء الدوليين لتمويل مشروع الكوبرى الضخم أولا، ثم البدء في إقامة عدد من المشاريع الحيوية على جانبى النهر العظيم، بالتعاون مع الاتحاد الأفريقى. [email protected]