أودعت المحكمة الإدارية العليا لرئاسة الجمهورية حيثيات حكمها في الدعوي رقم 8088 لسنة 64 ق، برفض الدفع المبدي من جانب المدعي بعدم دستورية نص المادة (77 مُكرراً "5") من القانون 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة والمعدلة بالقانون رقم 109 لسنة 1971 والقانون رقم 64 لسنة 2016. صدر الحكم برئاسة المستشار د. حسام محمد عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس المحكمة، وعضوية المستشارين، د. محمد حمادة عليوة، ومحمد عبدالمجيد المقنن، وإسلام توفيق الشحات، وخلف عبدالغني عبدالله، و تامر محمد عبدالسلام، وممدوح عبدالمنعم محمد، مستشار، ومحمد سمير عبدالله، وحسن كامل محمد عبدالوهاب. وقضت المحكمة برفض الدفع المبدي من جانب المدعي بعدم دستورية نص المادة (77 مُكرراً "5") من القانون 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة والمعدلة بالقانون رقم 109 لسنة 1971 والقانون رقم 64 لسنة 2016 - والتي تنص علي أن "مع عدمِ الإخلالِ بنصِ المادةِ (94 مُكرراً 2) من هذا القانونِ تكونُ مُدةُ خدمةِ أفرادِ هيئةِ الشُرطةِ بمُختلفِ درجاتِهم وفئاتِهم عشرين سنةً خدمةً فعليةً ما لم تنته لأىِّ سببٍ منصوصٍ عليه فى هذا القانونِ، ويجوزُ مدُّها لمُدةِ سنةٍ تُجددُ لمُدةٍ مُماثلةٍ مرةً أو أكثرَ بعدَ موافقةِ اللجنةِ التى يصدرُ بتشكيلِها وتحديدِ اختصاصاتِها قرارٌ من وزيرِ الداخليةِ، ويُحالُ من لم تثبتُ صلاحيتُه للاستمرارِ فى الخدمةِ إلى المعاشِ على الدرجةِ التى انتهتْ خدمتُه عليها". كما قضت بقبول الطلب الأول شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 1448 لسنة 2017م، فيما تضمنه من إحالة المدعي للمعاش، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الوارد بالأسباب، وبعدم قبول الطلب الثاني شكلا لعدم اتباع الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000م، وألزمت المدعى وجهة الإدارة المصروفات مناصفة. وجاء في حيثيات الحكم ردا علي الدفع المبدي بعدم دستورية نص المادة (77 مُكرراً "5") من القانون 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة والمعدلة بالقانون رقم 109 لسنة 1971 والقانون رقم 64 لسنة 2016:- أن كافة الدساتير المصرية "بدءًا بدستور 1923 وانتهاء بالدستور الحالي"، رددت جميعها التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، وأن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة، وتلتزم بالحفاظ علي حقوق العمال، وتعمل علي حماية العمال من مخاطر العمل، وتوفير شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية وحظر فصلهم تعسفيا، وذلك كله علي النحو الذي ينظمه القانون. وأضافت، أن الوظائف العامة حق، وأن الدولة ملتزمة بالاتفاقيات والعهود الدولية لحقوق الإنسان، والتي صدقت عليها، وأكدت على مبدأ المساواة أمام القانون، وكفلت تطبيقه علي المواطنين، باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي دون أن ينطوي على صور التمييز التي تنال من حقوق المواطنين أو تقيد ممارستها، إلا أن هذا المفهوم يجب أن يوضع في سياقه وجوهرة وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة لمن تتماثل مراكزهم القانونية علي ضوء السياسة التشريعية التي يراها المشرع محققة للمصلحة العامة، وإن صور التمييز قد وردت علي سبيل الحصر والمعيار الجامع المانع لمبدأ المساواة هو التماثل في المراكز القانونية من كل الوجوه بالنسبة إلي الحق المطلوب. وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن الموظف العام هو الذي يكون تعيينه بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بطريق مباشر، أو أن علاقة الموظف العام بالمرفق الذي تديره الدولة هي علاقة تنظيمية يخضع فيها لأحكام القوانين واللوائح المنظمة لهذا المرفق ولأوضاع العاملين فيه، وفى ذلك فهو يستمد حقوقه من نظام الوظيفة العامة ويلتزم بالواجبات التي يقررها هذا النظام، وهو نظام يجوز تعديله في كل وقت، ويخضع الموظف العام لكل تعديل يرد عليه، ويطبق عليه بأثر مباشر، ولا يجوز له بأن يحتج بأن له حقا مكتسبا في أن يعمل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه، أو الذي طبق عليه لفترة طالت أو قصرت، ما لم يكن التعديل قد انطوى على مخالفة لنص دستوري، فهنا يكون الاحتجاج على التعديل بمخالفته للدستور، وليس بمساسه بالأوضاع التنظيمية للموظف العام. وحيث إن مبدأ المساواة أمام القانون الذي يكفله الدستور بالمادة (40) منه للمواطنين كافة، باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، مؤداه أنه لا يجوز لأي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية، أن تباشر اختصاصاتها التشريعية التي ناطها الدستور بها بما يخل بالحماية المتكافئة التي كفلها للحقوق جميعها، وبمراعاة أن الحماية المتكافئة أمام القانون التي اعتد الدستور بها لا تتناول القانون من مفهوم مجرد، وإنما بالنظر إلى أن القانون تعبير عن سياسة محددة أنشأتها أوضاع لها مشكلاتها، وأنه تغيا بالنصوص التي تضمنها تحقيق أغراض بذواتها من خلال الوسائل التي حددها. وأضافت، أن مبدأ المساواة ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء. فإذا جاز للسلطة التشريعية أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائماً من التدابير لتنظيم موضوع معين، وأن تغاير من خلال هذا التنظيم - وفقاً لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها، أو تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها كان عليها صوناً لمبدأ المساواة أن تقيم بذلك التنظيم تقسيماً تشريعياً ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها. كما أن المراكز القانونية التي يتعلق بها مبدأ المساواة هي التي تتحد في العناصر التي تُكون كلاً منها، لا باعتبارها عناصر واقعية لم يدخلها المشرع في اعتباره، بل بوصفها عناصر اعتد بها مرتباً عليها أثراً قانونياً محدداً. وأوضحت، أن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون تخوماً لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، بما مؤداه أن السلطة التشريعية تباشر اختصاصاتها التقديرية _ فيما خلا القيود التي يفرضها الدستور عليها - بعيداً عن الرقابة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التي انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملاً، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافاً غير التي رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل المشرع طالما تحقق لدى هذه المحكمة أن السلطة التشريعية قد باشرت اختصاصاتها تلك مستلهمة في ذلك أغراضاً يقتضيها الصالح العام في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعي، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التي حددتها مرتبطة عقلاً بها. كما أن الأصل أن يكون لكل وظيفة حقوقها وواجباتها، فلا تقابل مزاياها بغير مسئولياتها، ولا يكون وصفها وترتيبها منفصلاً عن متطلباتها التي تكفل للمرافق التي يديرها عمالها حيويتها وإطراد تقدمها، وقابلية تنظيماتها للتعديل وفق أسس علمية قوامها التخطيط المرن وحرية التقدير، فلا تتعثر أعمالها أو تفقد اتصالها ببعض أو تدرجها فيما بينها، وشرط ذلك إعداد عمالها علميًا وفنيًا، فلا يلي شئونها غير القادرين حقًا على تصريفها، سواء أكان عملهم ذهنيًا أم مهنيًا أم يدويًا. وحيث إن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة يُعد الشريعة العامة التي تسري على جميع العاملين بالجهات الإدارية المختلفة، إلا أن الطبيعة الخاصة للنشاط الذي تزاوله بعض هذه الجهات أو الاشتراطات اللازم توفرها في العاملين بها قد يقتضي إفراد هؤلاء العاملين بأحكام خاصة تختلف باختلاف ظروف ومقتضيات وطبيعة العمل في كل منها، ومن بين هذه الجهات هيئة الشرطة، حيث صدر بتنظيمها قانون خاص، وتضمن من بين نصوصه نصًا في المادة (77 مُكرراً "5") من القانون 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة والمعدلة بالقانون رقم 109 لسنة 1971 والقانون رقم 64 لسنة 2016 - والتي تنص علي أن "مع عدمِ الإخلالِ بنصِ المادةِ (94 مُكرراً 2) من هذا القانونِ تكونُ مُدةُ خدمةِ أفرادِ هيئةِ الشُرطةِ بمُختلفِ درجاتِهم وفئاتِهم عشرين سنةً خدمةً فعليةً ما لم تنته لأىِّ سببٍ منصوصٍ عليه فى هذا القانونِ، ويجوزُ مدُّها لمُدةِ سنةٍ تُجددُ لمُدةٍ مُماثلةٍ مرةً أو أكثرَ بعدَ موافقةِ اللجنةِ التى يصدرُ بتشكيلِها وتحديدِ اختصاصاتِها قرارٌ من وزيرِ الداخليةِ، ويُحالُ من لم تثبتُ صلاحيتُه للاستمرارِ فى الخدمةِ إلى المعاشِ على الدرجةِ التى انتهتْ خدمتُه عليها". وإن التعديل الذي أدخله نص المادة 77 مكررا (5) من القانون المشار إليه، إنما ينصرف خطابه إلى مُدةُ خدمةِ أفرادِ هيئةِ الشُرطةِ بمُختلفِ درجاتِهم وفئاتِهم الذين بلغوا عشرين سنةً خدمةً فعليةً وقت العمل بالقانون الطعين، ليضع حدا تنتهي عنده علاقتهم الوظيفية بجهة عملهم ما لم تنته لأىِّ سببٍ منصوصٍ عليه فى هذا القانونِ، ويجوزُ مدُّها لمُدةِ سنةٍ تُجددُ لمُدةٍ مُماثلةٍ مرةً أو أكثرَ بعدَ موافقةِ اللجنةِ التى يصدرُ بتشكيلِها وتحديدِ اختصاصاتِها قرارٌ من وزيرِ الداخليةِ، ويُحالُ من لم تثبتُ صلاحيتُه للاستمرارِ فى الخدمةِ إلى المعاشِ على الدرجةِ التى انتهتْ خدمتُه عليها فإن النص الطعين لا يكون بذلك قد خرج عن حدود السلطة التقديرية المقررة للمشرع في تنظيم مُدةُ خدمةِ أفرادِ هيئةِ الشُرطةِ بمُختلفِ درجاتِهم وفئاتِهم بما رآه محققا للنهوض بهيئة الشرطة، وما يضمن حسن العمل والارتقاء بالهيئة، وإن فرد هيئة الشرطة فى ذلك يستمد حقوقه من نظام قانوني خاص ويلتزم بالواجبات التي يقررها هذا النظام، وهو نظام يجوز تعديله في كل وقت، ويخضع لكل تعديل يرد عليه، ويطبق عليه بأثر مباشر، ولا يجوز له أن يحتج بأن الشريعة العامة تقرر قاعدة أخري أو أن له حقا مكتسبا في أن يعمل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه أو الذي طبق عليه لفترة طالت أو قصرت، ما لم يكن التعديل قد انطوى على مخالفة لنص دستوري كما أن مبدأ المساواة ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء. كما أن الأصل أن يكون لكل وظيفة حقوقها وواجباتها ويتعين إعداد عمالها علميًا وفنيًا، فلا يلي شئونها غير القادرين حقًا على تصريفها، سواء أكان عملهم ذهنيًا أم مهنيًا أم يدويًا، وهنا نجد أن النص الطعين قد التزم الأوضاع الدستورية المقررة في كيفية وأداء إصداره، واستهدف تقرير قواعد عامة مجردة تناولت بالتنظيم الأوضاع الخاصة بمدة خدمة أفراد هيئة الشرطة والية المد والتجديد وتحديد المختص بذلك، كما أن العلاقة الوظيفية هنا علاقة تنظيمية في الإطار العام وليس في إطار المصلحة الخاصة وعلاقة لائحية ليست بمنأي عن التعديل أو التغيير، ويجب أن تعبر قرارات الجهة عن الانحياز إلى الأصلح والأكثر عطاء، كما نجد في ذات قانون هيئة الشرطة أن المشرع قد تدخل وفي حالة مماثلة وبموجب نص خاص قد نظم إحالة الضباط إلى المعاش تنظيماً مقتضاه إنهاء خدمة الضابط إذا أمضى فى رتبة عقيد سنتين من تاريخ الترقية إليها، وذلك ما لم تمد خدمته لمدة مماثلة مرة واحدة أو أكثر حتى حلول الدور فى الترقية إلى رتبة عميد، والتى تكون بالاختيار أو يُحل إلى المعاش طبقاً لأحكام القانون، فالأصل أن لكل وظيفة تبعاتها، فلا يشغلها إلا من يستحقها على ضوء طبيعة الأعمال التي تدخل فيها، وغاياتها، والمهارة المطلوبة فيها، والخبرة اللازمة لها فلا يكونون عبئًا عليها يُقيدها أو يُضعفها، بل يثرونها من خلال خبرة سابقة وجهد خلاق يتفاعل مع مسئولياتها وعليه، ويبين لنا أن التعديل الوارد في القانون علي النص المشار إليه والمدفوع بعدم دستوريته من جانب الحاضر عن المدعي لم يتضمن من الأحكام ما يمس الحقوق المنظمة والمقررة دستوريا، وإن معيار التمييز هنا تمييز إيجابي، وليس سلبيا كونه إنحيازًا للأصلح. ومن ثم يغدو هذا الدفع قائم علي غير سبب صحيح من الواقع أو القانون، ولا يرتكن إلي أسس قانونية سليمة تحمله علي ساعده مما يتعين رفضه مع الاكتفاء بذكر ذلك في الأسباب عوضا عن المنطوق.