- كل عام وأنتم جميعًا بكل الخير - يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "فمراتب صومه ثلاثة: المرتبة الأولى: وهي أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم؛ أي نصوم التاسع والعاشر والحادي عشر زاد المعاد لابن القيم (2/75). وعند الإمام أحمد في المسند، والبيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود: صوموا قبله يومًا، وبعده يومًا". قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والبزار المرتبة الثانية: أن يصام التاسع والعاشر فقط، أي تاسوعة وعاشوراء، وعليه أكثر الأحاديث. فقد ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما- أنه قال: "حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان العام المقبل إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع. قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه مسلم. المرتبة الثالثة: إفراد العاشر وحده بالصوم. أي صوم يوم عاشوراء فقط. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ”ما هذا ؟” قالوا: هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى قال: ”فأنا أحق بموسى منكم” فصامه وأمر بصيامه. كما أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال في حديث آخر عن أبي قتادة رضي الله عنه – في صفة صوم النبي "صلى الله عليه وسلم"، وهو حديث طويل – قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: ”يكفر السنة الماضية” وفي رواية” صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله“ فمن فاته مثلًا صيام التاسع صام العاشر من محرم؛ أي يوم عاشوراء، وصام يومًا بعده؛ وهو الحادي عشر؛ وذلك لما جاء في حديث مسلم عن النبي "صلى الله عليه وسلم" في صيام يوم عاشوراء (وخالفوا فيه اليهود: صوموا قبله يومًا، أو بعده يومًا) وفي الختام، فإن صيام يوم عاشوراء سنة عن الحبيب المصطفى "صلى الله عليه وسلم". والصيام في هذا اليوم يعد اختيارًا وليس فرضًا، استنادًا إلى حديث رسول الله "صلى الله عليه وسلم": “من شاء صام ومن شاء ترك الصّيام”، إلا أنه كان يصومه الناس قبل الإسلام، وقبل فرض صيام شهر رمضان، وصاموه بعده أيضًا، ولصيامه فضل عظيم كما تقدم من الأحاديث؛ فهو يكفر ذنوب سنة مضت، وصيامه قربى إلى الله عز وجل. فنسأل الله تعالى أن يوفقنا لصيام تلك الأيام المباركة، ولصيام ما تيسر لنا أيضًا في شهر الله المحرم؛ فقد جاء عن النبي "صلى الله عليه وسلم" (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم). وفقنا الله وإياكم لإحياء سنة الحبيب المصطفى "صلى الله عليه وسلم"، وكل عام وجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بكل كل الخير في ظل طاعة الله تعالى، وطاعة رسوله الكريم "صلى الله عليه وسلم"، وفي ظل توحدهم واجتماعهم واعتصامهم، وتوحد كلمتهم وصفوفهم وعدم تفرقهم واختلافهم. هذا وصلى الله على سيدنا وحبيبنا المصطفى "صلى الله عليه وسلم".. والله أعلى وأعلم. - راجع زاد المعاد لابن القيم (2/75). - الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/311).