المسرح هو الفن الوحيد الذى لا يفقد جمهوره مع مرور الزمن، ولا يتأثر سلبا كما تأثرت السينما بانتشار السوشيال ميديا، أو وسائل التكنولوجيا الحديثة، يتأثر بغياب الوعي، والكتاب وفقدان القائمين عليه بأهميته فى التأثير على المجتمعات .. وما يحدث حاليا فى مسرح الدولة يعد محاولة صادقة لإعادة الروح إلى المسرح، ليس فقط من خلال العروض، بل مما كان مفتقدا من قبل وهو العودة إلى المهرجانات المسرحية، وأهمها مهرجان المسرح القومى الذى تقام دورته الحادية عشرة، ويكرم فيها رموزا ممن أعطوا المسرح الكثير من حياتهم.. المخرج الكبير جلال الشرقاوى، والفنانة القديرة سميرة محسن، والكاتب المسرحي محمد أبوالعلا السلامونى، ود. حسين عبدالقادر، وفنان السينوجرافيا حسين العزبي، والناقد الراحل محمد الرفاعى. المهرجان فرصة مهمة لجمهور غير قادر على متابعة حركة المسرح فى القاهرة والأقاليم، ولمئات من طلاب ودارسي فن المسرح والفنون بكل أقسامها، خاصة ممن لا يجدون فرصا للتدريب أو متابعة عروض مكثفة أو المشاركة فيها . 37 عرضا مسرحيا، تقدم على عروض مختلفة وملتقى فكرى تتعدد فيه الندوات والمحاور، وكذلك ورش فنية إبداعية تقام داخل المعهد العالى للفنون المسرحية كدراسة أكاديمية تم اختيار مجموعة متميزة من شباب الأقاليم لتكون تجربة جديدة للاحتكاك والاطلاع على أحدث تقنيات المسرح في العالم.. كل هذا يسهم فى إثراء الحركة المسرحية فى مصر. التفكير فى منظومة مسرحية تخدم هذا الفن الراقي تجسدت بالفعل في هذه الدورة التى يرأسها الدكتور حسن عطية، والفنان إسماعيل مختار مدير المهرجان ورئيس البيت الفنى للمسرح، والفنانة عزة لبيب مدير ملتقى الطفل، وأحمد هاشم مدير الملتقى الفكرى.. فقد سعوا جميعا منذ عدة أشهر للنهوض بالمهرجان بالشكل الذى يخدم الحركة المسرحية.. فقد مرت سنوات طويلة فقد فيها المسرح الروح بتوقف المسرح القومى بعد حريقه، وعودته مؤخرا، ثم تراجع المسرح الخاص الذى كان أحد وسائل الجذب السياحي المصري، ولم يتبق منه سوى بعض المحاولات. فرغم إن مصر تنتج ما يقرب من 2500 عرض مسرحي فى العام، وهو ما أكده إسماعيل مختار، فإن المسرح لم يعد كما كان من قبل، ونهضته تتجسد فى عودة النجوم الكبار، كما حدث فى عرض "ليلة من ألف ليلة " ليحيى الفخرانى، ثم عرض "اضحك لما تموت" لنبيل الحلفاوى ومحمود الجندى تأليف لينين الرملى وإخراج عصام السيد.. وهما فى فترة مهمة تولى فيها إسماعيل مختار، البيت الفنى للمسرح ويوسف إسماعيل مدير القومى، ومن ثم تكثيف الاهتمام بمهرجانات تثرى المسرح وعروض تغرى الجمهور على الحضور، كل هذا يجذب الجمهور.. أعلم جيدا أن ميزانيات المسرح ضعيفة جدا، وميزانية عام كامل لا تساوى أجر ممثل واحد فى مسلسل تليفزيونى بل نصف أجر ممثل واحد، وهى كارثة بمعنى الكلمة أن يكون أجر ممثل المسرح كأجر كومبارس في فيلم سينمائى.. لذا أهيب بالدكتورة إيناس عبدالدايم فى إطار خطتها للنهوض بمهرجانات السينما، وإنشاء شركات استثمارية لقطاعات مثل السينما والكتاب والآثار، أن تلتفت للمسرح فهو بحاجة لأن يتم وضعه فى خططها الإستثمارية، ولدعم مهرجاناته بداية من القومي، ثم العربي ثم التجريبي.