"بربري السينما المصرية".. هل تتذكرون الرجل صاحب البشرة الداكنة، الذي جسد شخصية البربري خفيف الظل علي شاشة السينما على مدى يقترب من 100 عام، إنه الفنان "علي الكسار"، الذي تمر حاليا 131 عاما على يوم مولده.. أحب الكسار المسرح، وأخلص له، وعاصر أزهى فتراته، وتعايش مع كبار الكتاب والخبراء والمبدعين والمريدين لعلم المسرح وفنونه.. فقد أحبوا المسرح والفن، وهؤلاء، وفي مقدمتهم الكسار، دلفو ببساطة إلى قلوب الجماهير .. فقد أبدع فى شخصية عثمان عبد الباسط، وكان لا يمتلك شيئا باستثناء موهبته، وستر ربنا، وحبه لعمله، ولبلده.. وكانت رواية "حسن أبوعلى سرق المعزة" وش الخير عليه، وتأثر بها، واستشف منها شخصية البربرى التى نالت استحسان الجمهور، وابتدع فى شخصية عثمان عبد الباسط النوبي، وكانت جواز مروره ليكون نجم مصر الأول فى عالم الفن، وامتدت شهرته إلى مشارق الأرض ومغاربها، ولم ينافسه حينئذ سوى الممثل العبقرى الضاحك الباكى "نجيب الريحانى".. في سبيله لمنافسة الكسار، اهتدى الريحاني إلى شخصية "كشكش بيه " ليتمكن أن يشكل ندا له على خشبة المسرح، ويستطيع أن ينافس بها شخصية على الكسار "عثمان عبد الباسط".. واهتدي الكسار، لهذا اللقب الفنى "عثمان عبد الباسط"، من لقب جده لأمه، بينما كان اسمه الحقيقى على خليل سالم، ولد13 يوليو 1887 بالقاهرة في حي السيدة زينب، الذى شهد ميلاد نوابغ الفن والدراما المصرية .. واشتغل فى العديد من المهن، فقد عمل بمهنة السروجي ثم الطهو مع خاله، وأتقن لهجة النوبيين وكلامهم بالمصادفة، وبحكم عمله مع خاله، وفي عام 1907، كون أول فرقة مسرحية له وسماها "دار التمثيل الزينبي"، ثم انتقل إلى فرقة "دار السلام" بحي الحسين. انضم إلي فرقته الموسيقار الكبير الشيخ زكريا أحمد عام 1924، وكانت نقله فنية إيجابية منها انطلق إلى الشام، وذاعت شهرته، وقدم ما يزيد على 160 عرضاً مسرحياً على مسرحه بالقاهرة، وتعرض لأزمة مالية، فاتجه إلى السينما حيث قدم أول أفلامه بواب العمارة 1935.. بدأت سلسلة أفلامه الناجحة تتوالى منها ألف ليلة وليلة، ومحطة الأنس، وغفير الدرك، وعثمان وعلي، وعلي بابا والأربعين حرامي، ونور الدين والبحارة الثلاثة، وسلفني تلاتة جنيه، وعلى أد لحافك، ورصاصة في القلب ، والساعة 7، ويوم في العالي، وآخر كدبة، وحكام العرب، وبنت حظ، وورد شاه، والمرأة شيطان، وأسير العيون، ومبروك عليكي. أبدع الكسار علي خشبة المسرح.. فقدم العديد من المسرحيات الشهيرة، من بينها،"عقبال عندكم، ثم مسرحية "قلنا له" ، فمسرحية "فلفل" ، وقدم رواية جديدة بعنوان "لسه"، ثم رواية "راحت عليك"، ثم "الدنيا بخير". وعندما تجاوز الثانية والستين من عمره، أرسلته وزارة الشئون الاجتماعية للعمل في المسرح الشعبي بطنطا، نظرًا لحاجته إلى المال . انقلبت به الدنيا، وتراكمت عليه الديون، وأصبح يقوم بأدوار الكومبارس ناطق، بعد أن كان نجم مصر الأول في عالم الكوميديا، وأدخل السعادة على قلب كل من يشاهده، وقدم أدوار هامشية مثل العبد نور في فيلم أمير الانتقام، لكي يجد قوت يومه، وتتعثر ظروفه أكثر، ليعيش مأساة صحية وإنسانية انتهت به عند أبواب مستشفي قصر العينى . وبعد معاناة مع مرض سرطان البروستاتا، توفي بمستشفى القصر العينى يوم 15 يناير عام 1957 عن عمر ناهز ال69 عاما . وظلت خفة الدم تاجا على رأسه، فلن ينسي الجمهور هذا النجم، الذي تسللت بساطته إلى القلوب، وتغلغلت عفويته في وجدان محبيه، ولا يزال الجميع يضحك على عفوية هذا الرجل الذي يشكل تاريخه الفني، علامة فارقة على خارطة السينما العربية..