تفوق طلاب معرض مكتبة الإسكندرية للعلوم والهندسة في مسابقة ريجينيرون    أسعار البقوليات اليوم الأحد 19-5-2024 في أسواق ومحال محافظة قنا    قانون إدارة المنشآت الطبية.. النائبة إيرين سعيد للحكومة: شيلنا عنكم هم الإدارة هتقدروا تراقبوا المستثمر؟    «الإسكان»: طروحات جديدة ضمن مبادرات الإسكان الاجتماعي و«سكن لكل المصريين»    الوادي الجديد: توريد أكثر من 300 ألف طن قمح داخل وخارج المحافظة    القنوات الناقلة لمباراة إنتر ميلان ولاتسيو في الدوري الإيطالي 2024    محافظ قنا يطمئن على سير امتحانات الشهادة الإعدادية    بالصور.. تكريم سلمى أبو ضيف في مهرجان كان السينمائي    الدكتورة مايا مرسي تشارك بفعاليات افتتاح الدورة الثانية لملتقى التمكين بالفن    النائب أحمد العوضي يطالب بتأجيل تطبيق زيادة رسوم تذاكر العيادات الخارجية بالمستشفيات الحكومية    رغم إعلان نيتهما الانضمام للدعوى.. جنوب أفريقيا: مصر وتركيا لم تتواصلا معنا بعد    باحثة ب«المصري للفكر» تنتقد عجز مجلس الأمن عن إلزام إسرائيل بالانسحاب من غزة    رئيس «المصريين الأحرار»: لن يخرج فائز من الحرب على قطاع غزة    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    وزارة العمل: توعية في مجال السلامة والصحة المهنية بمحطة توليد كهرباء بشمال سيناء    مجلس النواب يحيل 10 مشروعات قوانين للجان المختصة    تصل ل45 درجة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال6 أيام المقبلة    بسبب لهو الأطفال.. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    السجن ل8 متهمين باستعراض القوة وقتل شخص وإصابة 5 آخرين في الإسكندرية    تداول 704 آلاف طن بضائع عامة بمواني البحر الأحمر خلال أبريل الماضي    وزير الإسكان: مصر سوق واعدة للاستثمار العقاري    تعرف على شروط مسابقة «التأليف» في الدورة ال 17 لمهرجان المسرح المصري    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    في ذكرى وفاته.. محطات بارزة في تاريخ حسن مصطفى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    وزير التجارة والصناعة يبحث سبل تنمية المنطقة الصناعية بأبو زنيمة    وزير الصحة: التأمين الصحي الشامل "مشروع الدولة المصرية"    نصائح مهمة من صحة كفر الشيخ لمواجهة الموجة الحارة.. تعرف عليها    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    رئيس النواب: الحق في الصحة يأتى على رأس الحقوق الاجتماعية    وزيرة التضامن تبحث ريادة الأعمال الاجتماعية مع نظيرها البحريني    افتتاح دورة تدريبية عن تطبيقات تقنيات تشتت النيوترونات    أحمد أيوب: مصر تلعب دورا إنسانيًا ودبلوماسيًا لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة    شهادات تقدير لأطقم «شفاء الأورمان» بالأقصر في احتفالات اليوم العالمي للتمريض    مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعًا لبحث العملية في رفح    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    "اليوم التالي" يثير الخلافات.. جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو بسبب خطة ما بعد الحرب    القومي لحقوق الإنسان يستقبل السفير الفرنسي بالقاهرة لمناقشة التعاون المشترك    رضا عبد العال: الأهلي حقق المطلوب أمام الترجي    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    خالد بيبو: التعادل في رادس نتيجة خادعة    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    مصرع فتاة أسفل عجلات جرار زراعى بالمنوفية    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    بعثة الأهلي تغادر تونس في رحلة العودة للقاهرة بعد التعادل مع الترجي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    «لهذا السبب انفعلت على الحكم».. أول تعليق من كولر بعد تعادل الأهلي أمام الترجي    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد بن خليفة ل"بوابة الأهرام": المنطقة تعيش أزمات افتعلتها دول وجماعات معتمدة على التفرقة وتحولت للإرهاب
نشر في بوابة الأهرام يوم 30 - 06 - 2018

أكد الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، نائب رئيس مجلس الأمناء، المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، ورئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، أن مركز حمد العالمي للتعايش السلمي "مسئول بشكل أو بآخر عن تحقيق اللحمة الوطنية وتعزيز قيم التسامح والتعايش، والدفع بجهود الاحترام والانفتاح على الاختلافات، حتى نتمكن من تحقيق السلم المجتمعي الذي سيكون جزءًا من السلم العالمي".
وشدد، في حوار حصري مع "بوابة الأهرام "، على أنه "كلما ساهم المركز في ترتيب البيت الوطني وتوحيد الصفوف، بالتضافر مع المؤسسات المحلية الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، كانت عملية نشر الصورة الحقيقية للبحرين نحو العالم أكثر دلالة ومصداقية وقوة، وهذا ما يعد من أفضل سبل بث قيم التسامح الإنساني على مستوى العالم".
وأوضح الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، أن القضايا التي يتمحور حولها عمل المركز هي قضايا التسامح والتعايش والسلام والانفتاح والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، ومحاربة التطرف والإرهاب والجهل.
وحدد أبرز التحديات التي تواجه المركز حاليًا، والمتمثلة في أن "المنطقة إقليميًا تعيش أزمات افتعلتها دول وجماعات معتمدة على التفرقة المذهبية والطائفية والدينية، وتقوم أيضًا بتمويلها ورعايتها حتى حولتها إلى إرهاب يستهدف مجتمعاتنا المسالمة، فضلًا عن القدرة على إيصال رسالة المركز إلى كل أرجاء العالم، فالعالمية مهمة ليست سهلة وهو يتطلب مجهودًا كبيرًا جدًا، خصوصًا على المستوى الاتصالي والإعلامي، على اعتبار هذه العناصر من أهم آليات تحقيق الأهداف وتنفيذ الإستراتيجيات الموضوعة للمركز".
واعتبر أن محور العمل الخارجي والدولي من أهم محاور نشاط المركز لتحقيق رسالته العالمية، و"قد بدأنا بشكل جدي في ذلك عن طريق حصر حوالي 60 مركزا ومعهدا ومؤسسة في مختلف أرجاء العالم، معنية بقضايا التسامح والتعايش والسلام والحوار بين الحضارات والثقافات".
وأرجع الشيخ خالد بن خليفة أسباب أزمات العالم من نزاعات عرقية أو طائفية أو فكرية إلى "الجهل المعرفي، وليس التعليمي"، مشددًا على أن "هذا الجهل المعرفي يرتكز على الجهل بطبيعة الحياة التي تفترض التعددية والاختلاف والتنوع والاندماج سببًا في استمرارية الوجود".
وأشار إلى أن حصوله على جائزة البحر المتوسط للثقافة والسلام لعام 2018 بإيطاليا "إنجاز وطني يضاف إلى سجل إنجازات مملكة البحرين، وهي جائزة ذات طابع عالمي وتحظى بعلاقات مؤسسية عالية".
كما كشف أن المركز "سيقوم بعدة أنشطة خلال الفترة المقبلة، ستركز على الزيارات الخارجية وتعزيز العلاقات، وتوقيع مذكرات التفاهم مع مؤسسات ومراكز وجهات معنية بالتعايش والتسامح وحوار الأديان في مختلف دول العالم، كما سيجري العمل على نشر مضامين وثيقة إعلان مملكة البحرين على نطاقات عالمية، لكي تصل إلى أكبر قدر ممكن من الشعوب، أملًا في تحقيق رسالة المركز في بث قيم السلام واحترام الاختلافات".
وقد تمحور الحوار حول عدة ملفات خاصة بمركز الملك حمد للتعايش السلمي وغيرها.. وإلى نص الحوار.
* في مستهل الحوار.. ما المهام المحددة لمركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي؟ وما الذي يعكسه هذا المركز؟
يعكس المركز فكر وفلسفة ورؤى عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، في تعريفه لقيم التسامح والتعايش والسلام بين مختلف فئات المجتمع، وقد استوحى هذا الفكر من وحي تاريخنا الحي منذ تأسيس الآباء والأجداد من آل خليفة للدولة في قطر وعاصمتهم الزبارة، التي كانت إبان حكمهم منارة للتسامح، ونقلها آل خليفة معهم بعد فتح البحرين عام 1783م، كما ترتكز أهمية المركز في أنه يترجم واقعنا المميز في مملكة البحرين المتمثل في التمازج والتعايش السلمي المتسامح بين مختلف الطوائف والأعراق والثقافات، هذا النموذج الذي يعد مثالًا يستوجب إيصاله للعالم كقدوة تحفز قابلية العيش في مجتمع إنساني واحد، في ظل الاختلافات التي نعدها ميزة للحياة البشرية، إذ يقول الله تعالى في التنزيل الحكيم "وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا".
ولدى استقباله لنا بعد تشكيل المجلس، وقد وجه جلالته إلى أن يكون المركز مصدر إلهام لبقية الأمم والشعوب عبر إيصال نموذج البحرين للعالم في تجسيد مبادئ الصداقة والاحترام والتقارب الإنساني، وهذا ما نحن بصدد العمل عليه، وقد أصدر عاهل البلاد أمره بتعيين أعضاء المجلس لغرض أساسي، وهو أن يكون ممثلًا لمختلف الجماعات الدينية والمذهبية والثقافية والعرقية التي تعيش على أرض المملكة، مع التأكيد على أهمية إظهار شأن الأقليات كعنصر مساهم في النسيج الاجتماعي للبحرين، وقد راعى هذا التمثيل شمولية التعددية الموجودة على مستوى شعوب العالم، فقد تضمن ممثلين عن الأديان والمذاهب، مع احترام وجود التنوع العرقي والثقافي والفكري، فضلًا عن وجود المرأة كعنصر أساسي إلى جانب الرجال في المجلس، وهذا يساعد على إيصال رسالة المركز للعالم ويسهل تحقيق أهدافه المنوطة به.
* هل كان انعقاد مؤتمر تاريخ التسامح الديني والمذهبي في البحرين الذي عقده مركز عيسى الثقافي عام 2015 بداية لفكرة إنشاء المركز؟
- في الحقيقة، فإن انعقاد مؤتمر تاريخ التسامح الديني والمذهبي في البحرين كان جزءًا من عدد من المبادرات الجليلة التي قامت بها البحرين على مستوى محلي وعالمي، ويمكن رصد هذه الإنجازات على الصعيد التاريخي منذ نشوء الدولة في الزبارة عندما كان آل خليفة يحكمون شبه جزيرة قطر، حيث استقطبت هذه المدينة العلماء والأدباء والتجار من مختلف التوجهات والأديان والمذاهب للهجرة والعمل والإقامة فيها في جو ملؤه القبول والتسامح، بفضل سياسة آل خليفة في الانفتاح على العالم.
وقد ظلت هذه السمة المميزة مع تعاقب الحكام وصولاً إلى عهد الملك حمد بن عيسى، ففي عام 2002م، استضافت البحرين مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي، ثم في 2003م استضافت البحرين مؤتمرًا للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وفي 2005م استضافت البحرين منتدى الفكر العربي بعنوان "الوسطية بين التنظير والتطبيق"، وتلى ذلك 2008م حيث تم تنظيم "منتدى الحوار بين الحضارات"، ومشاركة الملك في اجتماع رفيع المستوى بالجمعية العامة للأمم المتحدة، كما عاودت البحرين في عام 2014م تنظيم "مؤتمر حوار الحضارات"، وفي 2015م شاركت البحرين في المؤتمر الخامس لقادة الأديان الذي انعقد بكازاخستان، وفي بادرة لطيفة، قام ممثلو الطوائف والأديان في 2016م بعقد اجتماع "صيام من أجل السلام"، كما استضافت البحرين في العام نفسه اجتماع مجلس حكماء المسلمين برئاسة شيخ الأزهر، لحقه تأسيس كرسي الملك حمد لتدريس الحوار والسلام والتفاهم بين الأديان في جامعة لاسبينزا بإيطاليا، وفي 2017م تم إطلاق إعلان مملكة البحرين في مدينة لوس أنجلوس، وتوجت هذه الجهود العظيمة في مطلع هذا العام بإنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي.
* برأيكم ما أبرز التحديات التي تواجه المركز في الوقت الراهن؟، وماذا عن التحديات الداخلية والخارجية؟
- من أهم التحديات لأي فرد يعمل في مجال التسامح الديني والمذهبي، ويسعى لإيجاد التعايش السلمي، هو أن المنطقة إقليميًا تعيش أزمات افتعلتها دول وجماعات معتمدة على التفرقة المذهبية والطائفية والدينية، وتقوم أيضًا بتمويلها ورعايتها حتى حولتها إلى إرهاب يستهدف مجتمعاتنا المسالمة، فمن خلال التوعية نسعى لنشر مفاهيم التسامح لمحاربة التطرف.
وربما من أبرز تحديات المركز أيضًا القدرة على إيصال رسالته إلى كل أرجاء العالم، فالعالمية مهمة ليست سهلة وهو يتطلب مجهودًا كبيرًا جدًا، خصوصًا على المستويين الاتصالي والإعلامي على اعتبار هذه العناصر من أهم آليات تحقيق الأهداف وتنفيذ الإستراتيجيات الموضوعة للمركز، إذ أنه من أجل إيصال رسالة واحدة، سيتوجب علينا مراعاة الاختلافات اللغوية والمستويات المعرفية وطبيعة الجمهور المستهدف وغيرها من العوامل.
وبناءً على ذلك، فإننا نُخضع كل فكرة ومبادرة للدراسة المتأنية من قبل فرق عمل الأمانة العامة من إداريين وباحثين ومختصين، والتي ستخرج بمشروع ذي جدوى قابل للتنفيذ والذي يراعي القدرة على مواجهة التحديات والتأقلم مع المتغيرات المُحتملة. يضاف إلى كل ذلك وجود تحديات فكرية، فالمركز يتعامل مع قضايا وظواهر ذات أبعاد عابرة للقارات تتحتم عليها عمليات لتغيير القناعات والاتجاهات والسلوكيات مثل ظواهر التطرف والإرهاب، وهذا يستدعي عملًا مكثفًا، كما أن هذا الجانب يطرح قضية مهمة وهي قوة التنسيق مع الجهات العامة والخاصة والأهلية، محليًا وعالميًا، وهذا يتطلب جهدًا أوسع للحفاظ على ديناميكية العلاقات مع الجهات التعليمية والأكاديمية والإعلامية والثقافية والدينية محليًا وعالميًا.
* وماذا عن أهم القضايا التي سيتمحور حولها عمل المركز؟، وما أبرز الأهداف التي وضعت لتحقيقها؟
- يجسِّد المركز في رؤيته ورسالته وأهدافه المبادئ المستخلَصة من تاريخ وحضارة مملكة البحرين عبر عصورها، والمتمثلة في الانفتاح على جميع الحضارات والأديان والثقافات، وتعزيز قيم التعايش والتسامح والسلام، مستلهمًا في ذلك إعلان مملكة البحرين الصادر في سبتمبر 2017، وبالتالي فإن أهم القضايا التي يتمحور حولها المركز هي قضايا التسامح والتعايش والسلام والانفتاح والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان ومحاربة التطرف والإرهاب والجهل.
ويهدف المركز، بناءً على أمر الملك حمد، إلى إبراز منظومة القيم والمشترَكات الجامعة بين الحضارات والثقافات، والتعريف بها، والعمل على إثراء مسيرة التسامح والتعايش السلمي من خلالها، التوعية بأهمية تلاقي الحضارات وتمازُجِها لتحقيق السِّلْم العالمي والعيش الإنساني المشترك بين البشر من خلال ما تجسِّده المشترَكات الجامعة بين الحضارات، وإحداث حركة تنويرية من خلال التوعية بأهمية الحوار والالتقاء على ما اتَّفقت عليه الحضارات والثقافات من مشترَكات أخلاقية وحقوقية، ومكافحة الفكر المتطرف المغذِّي للعنف والكراهية والإرهاب، وإظهار إيجابية التعددية والتنوع والتعايش والتسامح في حاضر المجتمع البحريني وموروثه الثقافي.
* مع انتشار موجة من الفكر المتطرف والإرهاب حول العالم.. هل سيعالج المركز هذه القضايا على صعيد المنطقة فقط أم سيشمل قضايا على صعيد العالم؟
- أولًا، علينا أن نؤكد مسألة مهمة تطرق لها الملك حمد في لقاءاته المتعددة وهي مسألة "الجهل"، حيث أشار صاحب الجلالة إلى أن "الجهل هو عدو التسامح"، ومن خلال تحليلنا لعبارات العاهل تبين فعلًا أن الجهل المعرفي، وليس التعليمي، هو سبب ما فيه العالم من أزمات ونزاعات عرقية أو طائفية أو فكرية، وهذا الجهل المعرفي يرتكز على الجهل بطبيعة الحياة التي تفترض التعددية والاختلاف والتنوع والاندماج سببًا في استمرارية الوجود، وإن من يحارب هذه الطبيعة سينتهي به المطاف إلى الزوال والانقراض، فيجب أن ندرك حاجتنا للاختلاف السلمي واستثماره من منظور إنساني شمولي، وأن العزلة والأحادية لا تثمر شيئًا.
ومن هذا المنطلق الذي صاغه الملك، فإن دور المركز يكمن في الكشف عن هذه الغمة التي أحاطت ببعض شعوب العالم، والتصدي لكل ما يخلفه الجهل المعرفي من فكر متعصب ومتطرف قد يقود إلى العنف والإرهاب والسادية والتمييز العنصري والنوعي في المجتمعات، وتحقيق ذلك يأتي من خلال بعض الوسائل وطرق تنفيذ الأهداف، ولكن علينا أن ندرك أن مثل هكذا أمر يستدعي تضافر الجهود الدولية وعالمية للتصدي لهذه الآفات، وهنا تبرز أهمية المحور الخارجي لعمل المركز، ونحن في أتم الاستعداد للمشاركة مع الجهات المختلفة لتدارس هذه القضايا ومعالجتها معالجات علمية منطقية مستوحاة من واقع مملكة البحرين وتاريخها المليء بالعبر المشرفة.
*جرى خلال شهر أبريل الماضي إطلاق منصة "إعلان مملكة البحرين".. ما دلالاته ومؤشراته؟
- في الحقيقة، نحن نفخر بافتتاح مجمل نشاطات المركز من خلال تدشين منصة إعلان مملكة البحرين، ومن المهم الإشارة إلى أن صياغة مضامين الوثيقة تمت بشكل مباشر من قبل عاهل البلاد، ويتضمن مبادئ وقيمًا وأخلاقيات إنسانية منبثقة من أصالة الدين الإسلامي الحنيف أولاً، ومن وحي تاريخ البحرين الذي يعد نموذجًا فريدًا من نوعه في العالم ثانيًا، وعلى ذلك، فإن الإعلان ليس مجرد وثيقة عادية بقدر ما هي قاعدة تاريخية وشعلة مضيئة، يستدل بها لتحقيق استقرار إنساني اجتماعي في العالم، وقد أخذ المركز على عاتقه الاسترشاد بهذا الإعلان، والسعي نحو نشر رسالته ومضامينه للعالم.
وقد دُشنت المنصة في 28 أبريل تمهيدًا لعملية نشر الإعلان وبث مضامينه في العالم، كما أنه يأتي للتأكيد على أنه سيكون مرجعا تستند عليه كل نشاطاتنا القادمة، وقد أتيح الإعلان لجمهور المواطنين والمقيمين والزوار للاطلاع عليه، وقد شهدت مبادرة الملك في إطلاق إعلان مملكة البحرين في سبتمبر العام الماضي، بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية اهتمامًا رسميًا محليًا وأمريكيًا وعالميًا، فمدينة لوس أنجلوس تعد معقلا بارزا للمؤسسات الإعلامية العالمية وتحتوي على العديد من المراكز المعنية بالتسامح، كما لوحظ حضور ممثلين من البيت الأبيض والأمم المتحدة، فضلا عن عدد من الزعماء الدينيين وكبار الضيوف من الشخصيات الاعلامية والسياسية والاجتماعية، وذلك إلى جانب مشاركة جهات رسمية وسفراء وممثلي الطوائف والمذاهب والأديان المختلفة في مملكة البحرين، كما قام المشاركون في الحفل بالتوقيع على وثيقة إعلان مملكة البحرين تأكيدًا على دعمهم لجهود المملكة الرامية إلى وضع منهجية عالمية لنشر السلام، وهذه الجهود تعبر عن عِظم شأن هذه الوثيقة الإنسانية العالمية.
* هل سيكون هناك تعاون بين مركز الملك حمد ومراكز نظيرة بالمنطقة ودول العالم؟، وهل ستشهد المرحلة المقبلة تحركًا لمركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي على المستوى الدولي؟
- يعد محور العمل الخارجي والدولي من أهم محاور نشاط المركز لتحقيق رسالته العالمية، وقد بدأنا بشكل جدي في ذلك عن طريق حصر حوالي 60 مركزا ومعهدا ومؤسسة في مختلف أرجاء العالم معنية بقضايا التسامح والتعايش والسلام والحوار بين الحضارات والثقافات، وبالطبع يستفاد من هذه العملية في بناء قاعدة بيانات رصينة تساعدنا في إنجاز مرحلتين عمليتين، أولهما تأسيس علاقات تعاون وتوقيع مذكرات تفاهم مشتركة، خصوصًا مع تلك المؤسسات ذات الصبغة العالمية للاطلاع على التجارب والاستفادة من الخبرات، كما تتيح لنا هذه الخطوات في العمل على إنجاز عدد من الأنشطة والبرامج والمبادرات المشتركة، خصوصًا في استضافة وتنظيم الفعاليات وإعداد الدراسات والبحوث والتقارير المشتركة وتبادل زيارات المختصين والخبراء لعمل مشاريع ميدانية بين الطرفين.
ولدينا في مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي قناعات راسخة حول أهمية الإعلام والاتصال الدولي في تحقيق رسالته، التي تعتبر رسالة تستهدف مختلف فئات الشعوب في العالم، وقد أكد هذا الملك في رسالته في اليوم العالمي لحرية الصحافة مطلع شهر مايو، عندما رحب في كلمته بالشراكة بين مركز الملك حمد للتعايش ومختلف المؤسسات الإعلامية المحلية والعالمية، الذي يأتي من منطلق نظرة ثاقبة لجلالته لدور الإعلام والصحافة في دعم مسيرة بناء الأمم والشعوب وتوحيد رؤيتها تحت مظلة السلام والإنسانية، ومن واجبنا في هذا المقام أن نعتز بهذه البصيرة التي يمتلكها جلالته، وأن نسعى إلى تثبيت هذه الرؤية لدى تعاملاتنا مع وسائل الإعلام والصحافة العالمية، وهذا إيمانًا منا بأن دور المركز لن يكتمل دون تضافر جهودنا مع الصحافة والإعلام، ومن جانبنا فقد وضعنا في عين الاعتبار توظيف كوادر وهياكل مؤهلة ومتخصصة لتسهيل التواصل والعلاقات الإعلامية مع الصحافة والقنوات التليفزيونية المحلية والعالمية، ونحن على ثقة بإمكانات الأمانة العامة للمركز في تحقيق تطلعات العاهل ونشر فلسفته ورؤيته الحكيمة على نطاق واسع حول العالم.
* تعيش في مجتمع البحرين منذ عشرات السنين جاليات عربية وآسيوية وإفريقية وغربية.. هل سيكون للمركز دور في معالجة بعض القضايا المحلية في داخل البحرين وبالتعاون مع المجتمع المدني أو المؤسسات المعنية؟
- بالطبع هناك دور للمركز على المستوى المحلي، فبما أن من أبرز أهداف المركز هي أن تعكس صورة الواقع المحلي للعالم، فإن المركز أيضا مسئول بشكل أو بآخر عن تحقيق اللحمة الوطنية وتعزيز قيم التسامح والتعايش والدفع بجهود الاحترام والانفتاح على الاختلافات. لقد وفر التاريخ لنا أساسا متينا في ترسيخ التسامح والتعايش السلمي وهذا ما تستند عليه جهود المركز، وعلينا بذلك أن نساهم ونسعى للمحافظة على هذا الأساس، حتى نتمكن من تحقيق السلم المجتمعي الذي سيكون جزءًا من السلم العالمي.
وبالتالي فإن مطلقنا هو داخلي، وكلما ساهمنا في ترتيب البيت الوطني وتوحيد الصفوف بالتضافر مع المؤسسات المحلية الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، كانت عملية نشر الصورة الحقيقية للبحرين نحو العالم أكثر دلالة ومصداقية وقوة، وهذا ما يعد من أفضل سبل بث قيم التسامح الإنساني على مستوي العالم، ودعني أيضًا أشيد بما قدمه "اتحاد الجاليات بمملكة البحرين" وجمعية "هذه هي البحرين" من جهود على مدى السنوات الماضية التي أوصلت الصورة الحقيقية لمملكة البحرين نحو العالم، وعملوا على تعزيز سمعتها الدولية عبر مبادراتهم النوعية في تحقيق تطلعات القيادة، خصوصًا في مرحلة انتشار الفوضى وموجة الأزمات التي عصفت بالمنطقة منذ 2011، والتي خرجت منها البحرين سالمة بفضل ما تتمتع به من تماسك اجتماعي متعدد القوام، وبفضل حكمة القيادة السياسية في البحرين، كما هو الحال في دول عربية صديقة كجمهورية مصر العربية التي تعتبر نموذجا متألقا للانفتاح والوسطية والاعتدال.
* ما الدور الذي يمكن أن يلعبه مركز عيسى الثقافي باعتباره حاضنًا لمقر مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي؟
- عندما افتتح الملك مركز عيسى الثقافي في عام 2008م، ذكر في كلمته في حفل التدشين ما نصه "نريد لمركز عيسى الثقافي أن يكون كما كانت البحرين منذ فجر نهضتها مركز إشعاع حضاريا، منفتحًا على مراكز الفكر الرصين في العالم، ومستوعبًا لكل جديد ومفيد من العطاء الإنساني، وأن يبقى رمزًا على مر الزمن لتقدم البحرين ورقيها"، وقد اعتُمدت هذه الفقرة الغنية بالمعاني كرؤية المركز الإستراتيجية، إذ تضمنت عنصرًا أساسيًا مميزًا عٌرِفت به البحرين منذ فجر التاريخ وهي سمة "الانفتاح"، مما يجعل من البحرين حاضنة ومستوعبًا لكل ما يخدم الإنسانية، ويأتي احتضان مركز عيسى الثقافي لمقر مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي ليجسد هذه السمة، بل كذلك ليؤكد على الامتداد التاريخي لهذه السمة وغيرها من السمات وقيم التعايش التي تعتبر أصلا من أصول استقرار الوجود البشري على هذه الأرض.
* حصلتم مؤخرًا على جائزة "البحر المتوسط للثقافة والسلام" لعام 2018 بإيطاليا والتي سبق أن حصل عليها عدد من الساسة والقادة في العالمين العربي والعالمي، فماذا يمثل حصولكم على هذه الجائزة للمملكة خاصة وللثقافة العربية عامة؟
-لا أعتبر حصولي على هذه الجائزة إنجازا لي فحسب، بل هو إنجاز وطني يضاف إلى سجل إنجازات مملكة البحرين، وهي جائزة ذات طابع عالمي وتحظى بعلاقات مؤسسية عالية، وقد فاز بها العديد من الشخصيات الدولية من المشاهير في مجال الثقافة والسلام، حيث منحت الجائزة لزعماء وشخصيات مرموقة منها الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي والعاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال، والعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، والرئيس التركي وغيرهم من مفكري وأدباء العالم، وقد قمت بإهداء هذه الجائزة إلى الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، ذلك الرجل النبيل الذي أرسى مبادئ التعايش والتسامح والسلام في مملكة البحرين سيرًا على نهج وخطى أجداده الكرام. كما أهديت هذه الجائزة لشعب البحرين، وهي عربون وفاء أقدمه لهم، فهم يعتبرون سفراء التسامح للعالم، وقدموا أروع نماذج الرقي الإنساني والانفتاح على الثقافات وبث روح الوئام.
* أخيرًا.. ما خططكم ومشروعاتكم المستقبلية لمركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي للمرحلة المقبلة؟
- نحن الآن في مرحلة التأسيس، ولكننا وضعنا عددًا من البرامج والأنشطة التي سيتم الإعلان عنها في الفترة القادمة، هناك أنشطة ستركز على الزيارات الخارجية وتعزيز العلاقات وتوقيع مذكرات التفاهم مع مؤسسات ومراكز وجهات معنية بالتعايش والتسامح وحوار الأديان في مختلف دول العالم، كما سيجري العمل على نشر مضامين وثيقة إعلان مملكة البحرين على نطاقات عالمية لكي تصل إلى أكبر قدر ممكن من الشعوب، أملًا في تحقيق رسالة المركز في بث قيم السلام واحترام الاختلافات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.