باتت ثورة 30 يونيو، أيقونة خالدة، ستظل محفورة فى أذهان الشعب المصري، وسيسطرها التاريخ بأحرف من نور، بعد نجاحها في انتشال الدولة من براثن جماعة الإخوان، وتيارات الفكر الديني المتشدد، التي تسببت في تفكيك مفاصل الدولة وتخريب مؤسساتها وإحداث وقيعة بين فئات الشعب بكل طوائفه. قبلة الحياة جاءت 30 يونيو، لتكون بمثابة "قبلة الحياة" للشعب المصري، ولتصحيح المسار، بعد أن كانت قوى الظلام وتيار الفكر المتشدد، تريد فرض منهجهم على أبناء الشعب، وهو الأمر الذي قوبل بانتفاضة شعبية عارمة فى مختلف المحافظات، لتنتهي بالإطاحة بحكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وجماعته من الحكم، بعد عام كامل شهدت البلاد خلاله خسائر متلاحقة على كل المستويات، وتحديات جمة فى مختلف الأصعدة سواء داخليا أو خارجيا.
لحظة فارقة لا يزال نص خطاب المشير عبد الفتاح السيسي، حينا ذاك التاريخي فى 3 يوليو 2013 – والذي عزل على أثره المعزول محمد مرسي، من رئاسة الجمهورية - تتردد فى آذان المصريين، حينما قال: "القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطنى، ويدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته.. وتلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسى آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة". تلك اللحظة التي اعتبرها جموع أبناء الشعب المصري، بمثابة لحظة تاريخية فارقة، وتصحيح مسار، بعد التخلص من جماعة أرادت فرض سطوتها ومنهجها بالقوة عليه، وحاولت إقصائه عن مسار التحول الديمقراطي وعزله عن العالم الخارجي، وعودته إلى العصور القديمة، واستغلت الدين للسيطرة على مفاصل الدولة وأجهزتها ومقدراتها؛ فى محاولة منها لفرض مشروع التمكين على كل مؤسسات الدولة. لم تنه 30 يونيو، حالة العزلة التي فرضها المعزول، وجماعته، على الدولة مع بلدان العالم الخارجي، ومحاولات الانقسام بين طوائف الشعب بمختلف فئاته، ومنهج التيارات الدينية المتشددة، وخسائر متلاحقة على كل المستويات والأصعدة، بل نجحت أيضا فى إعادة مفاصل الدولة بعد أن تفككت قوامها. "يسقط حكم المرشد" في كل ميادين المحروسة، "التحرير" أو "الاتحادية" أو مختلف المحافظات، كان هتاف المصريين "يسقط يسقط حكم المرشد"، أملا في مستقبل جديد للدولة، بعيدا عن حالة الانقسام والتشرذم والفوضى التي حلت بها خلال فترة حكم الإخوان، لتقف القوات المسلحة والشرطة، مع الشعب على خط المواجهة ضد المعزول، وجماعته، لتصحيح مسار البلاد. تمرد.. الشرارة الأولى كانت حملة "تمرد"، بمثابة الشرارة الأولى التى انطلقت بعدها ثورة 30 يونيو، بعدما نجح أعضاؤها فى غالبية المحافظات من جمع ملايين التوكيلات، التى طالبت بسحب الثقة من المعزول محمد مرسي، رئيس الجمهورية آنذاك، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لتكون بمثابة "الشوكة" التي أطاحت بالجماعة، والتيار الديني الفاشي، من مصر. المرأة في مقدمة الثورة جاءت المرأة في مقدمة الصفوف المطالبة برحيل الإخوان عن الحكم، مثلما فعلت من قبل في ثورة 25 يناير، لترسخ لحقبة جديدة تعيد فيها المرأة صياغة المعادلة من جديد، بقدرتها على المشاركة بقوة فى الحدث والتعبير عن رأيها دون خوف. لايزال مشهد الاحتفالات التي عمت كل الأرجاء والميادين والشوارع والصحف ووسائل الإعلام، شاهدا على أحداث ذلك اليوم، بعد أن نجح الشعب في استرداد ما اختطفته جماعة الإخوان، إلى جانب دور القوات المسلحة والشرطة في تأمين البلاد ومحاصرة الجماعات الإرهابية فى ربوع مصر من تنفيذ مخططاتها لوأد الانتفاضة الشعبية. لم تكن الصحافة بمعزل عن تلك الأحداث، ولكنها اتخذت موقف المساند لحق الشعب فى ثورته ضد الجماعة، وظهرت العديد من الأقلام والكتابات التي تندد بحكم الجماعة وضرورة إبعادها عن إدارة شئون البلاد، كما سودت العديد من الجرائد صفحاتها للمطالبة برحيل المعزول. . . . . .