يخطط بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لرفع أسعار الفائدة خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث أعلن أنه سوف يسمح للتضخم بالارتفاع أعلى من مستهدف البنك البالغ 2% مع استمرار الاقتصاد الأمريكي في التعافي. ولأن مصر ليست بمنأى عن التداعيات التي سيخلفها قرار رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي، طرحت "بوابة الأهرام"، تساؤلاً على الخبراء والمحللين الاقتصاديين، وهو ما هي أضرار رفع الفائدة على الدولار الأمريكي على القروض وأذون الخزانة المصرية؟. وكشف محضر اجتماع الفيدرالي الأمريكي "البنك المركزي" أوائل شهر مايو الماضي، عن أن معظم الأعضاء يرون أنه من المحتمل أن تتخذ لجنة السياسات خطوة أخرى نحو التخلص من السياسات النقدية السهلة، كما حث بعض الأعضاء على التفكير في رفع سعر الفائدة بسرعة أكبر، بدلاً من سياسة الرفع التدريجي التي انتهجها في السنوات الماضية. وأكدت الحكومة في البيان المالي لموازنة العام المالي الجديد، أنها تتجه إلى الخارج في تمويل جزء من احتياجاتها، للحد من تأثير ارتفاع أسعار الفائدة في السوق المحلية على خدمة الدين من خلال الاستفادة من مصادر التمويل الميسرة منخفضة التكاليف وطويلة الأجل المتاحة من قبل المؤسسات الدولية أو الأسواق المالية الدولية. كما أكدت أنه من أهم المخاطر العالمية التي تؤثر على الاقتصاد المصري، رفع الفائدة على الدولار، والذي يؤدي إلى تدفق رءوس الأموال للولايات المتحدة، وخفض التدفقات المالية إلى الدول النامية والأسواق الصاعدة؛ ومن ثَمَّ وجود ضغوطات محتملة على أسعار الفائدة والصرف وارتفاع في أعباء خدمة الدين العام الخارجي في الدول الناشئة. واعتبرت الحكومة، أن تشديد السياسة النقدية الأمريكية يؤدي إلى تضييق أوضاع التمويل الخارجي، في وقت تتجه فيه الكثير من بلدان الدولة الناشئة لإصدار سندات بالعملة الأجنبية للوفاء باحتياجات تمويل العجز. ويصل إجمالي فوائد خدمة الدين العام المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية في الموازنة العامة للدولة للعام المالي "2018 / 2019" نحو 541 مليار جنيه (10.3% من الناتج المحلي الإجمالي) مقابل 380 مليار جنيه بموازنة العام المالي "2017 / 2018" بزيادة قدرها 160 مليار جنيه. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور ياسر عمارة، إن رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي، يزيد من تكلفة الاقتراض المصرية من الخارج مستقبلاً، وذلك من خلال القروض التي ستحصل عليها مصر عقب سعر الفائدة الجديد الذي سيقرره الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وأضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن رفع أسعار الفائدة عالميًا، يدفع الحكومة إلى تقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي، موضحًا أن أعباء الديون هي المشكلة الأكبر التي تواجه الدولة، ولكن مصر لديها ميزة في أن الجزء الأكبر من هيكل الدين الخارجي أي الشريحة الأكبر منه طويلة الأجل. وأوضحت نشرة شهر أبريل للبنك المركزي المصري، أن إجمالي الدين العام الداخلي بلغ 3.414 تريليون جنيه (190 مليار دولار) ارتفاعًا من 3.160 تريليون في يونيو الماضي، في حين زاد الدين المحلي بنحو 12% مقارنة مع 3.052 تريليون جنيه في ديسمبر من 2016. وارتفع الدين الخارجي للبلاد بنحو 5% إلى 82.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي بالمقارنة مع مستواه في نهاية يونيو 2017. وأضاف "عمارة"، أن ارتفاع الفائدة على الدولار يؤدى إلى صعوده أمام بقية العملات، لأن المستثمرين يتجهون نحو الاستثمار فيه، مشيرًا إلى أن سعر الفائدة المحلي بالبنوك المصرية لا يرتبط بشكل مباشر مع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي، كما أن ارتفاع الدولار الأمريكي لا يعني ارتفاع قيمته بالسوق المصرية، وذلك بعكس دول الخليج التي تربط عملتها بشكل مباشر مع الدولار الأمريكي. وأشار إلى أن رفع سعر الفائدة الأمريكية، سيؤثر بالسلب على أدوات الدين الثابت التي تطرحها مصر، خاصة أن هناك عملية نزوح للأموال الأجنبية من الأسواق الناشئة ومنها مصر واتجاهها لدولة أمريكا، للاستفادة من رفع "الفائدة، مما يؤثر على استثمارات الأجانب في أدوات الثابت المصرية. واتفق المحلل الاقتصادي محمد النجار، مع الرأي السابق في أن التأثير على الاقتراض سيكون على الاقتراض، موضحًا أن الأسواق العالمية، شهدت انقلابًا واضحًا بسبب أسعار الفائدة الأمريكية، حيث يتجه المستثمرون نحو أمريكا، مما أدى إلى انخفاض أسعار عملات الأسواق الناشئة وارتفاع الدولار الأمريكي. وأضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن السندات والقروض التي حصلت عليها مصر، لن تتعرض لأية مخاطر إذا تم رفع الفائدة على الدولار الأمركي، ولكن التأثير سيقع على القروض اللاحقة. من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، إن مصر ستتكبد أعباءً إذا تم رفع أسعار الفائدة الأمريكية، خاصة إذا ما طرحت سندات مقومة بالدولار عقب رفع سعر الفائدة، مشيرًا إلى أن قيمة فوائد الدين سترتفع خلال الفترة المقبلة، لارتفاع تكلفة التمويل. وأضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن رفع الفائدة على الدولار الأمريكي، يؤثر بالسلب على الدول النامية والاقتصادات ذات المخاطر المرتفعة، لأنها ستضطر إلى رفع الفائدة على أدوات الدين الثابت ومنها أذون الخزانة بنسب أعلى، للقدرة على منافسة الإقبال على الاستثمار في الدولار الأمريكي.