أصبحت الشبكات الاجتماعية والتى يطلق عليها أيضا الإعلام الاجتماعي أسلوب حياة لا يستطيع الكثيرون الاستغناء عنه خاصة بعد الدور الكبير الذى لعبته في إطلاق شرارة ثورة يناير واستمرارها حتى الآن في إحداث تأثير كبير علي حالة الحراك السياسى التى تشهدها مصر. شهدنا من خلال هذه المواقع كفيسبوك وتويتر ويوتيوب والمدونات ظهور المواطن الصحفي الذي نقل أدق تفاصيل الثورة والمليونيات لحظة بلحظة وبسرعة وحرفية مذهلة سبقت بها جميع وسائل الإعلام بما فيها الصحف الورقية رغم انتشار محرريها في مواقع الأحداث إلا أن توقيت النشر كان دائما أسبق لها من هنا يتبين أهمية الدور الذى تلعبه فهل تصبح العلاقة بين الإعلام الاجتماعي والصحافة علاقة تنافسية أم يمكن أن يتكامل كلا منهما مع الآخر؟ لم تتجاهل الصحف الورقية والإلكترونية في مصر وسائل الإعلام الجديدة فنجد أنها فتحت حسابات لها على فيسبوك وتويتر وجوجل بلس وغيرها لكن اقتصر الأمر على التحديثات الإخبارية ونادرا ما تتم الاستفادة بهذه الحسابات في إدارة حوار أو استطلاع رأى مكررة نفس الخطأ الذى وقعت فيه الصحافة عندما اقتصرت فكرة التفاعلية فى نسختها الإلكترونية على خدمة تعليقات القراء دون وجود رد من قبل المحررين عليهم لخلق حالة من النقاش حول المادة المنشورة مما جعله تفاعلا منقوصا على العكس من مواقع الشبكات الاجتماعية .. أما في الخارج فنجد أن المؤسسات الصحفية قد سيطرت عليها فكرة إدارة مجتمع القراء فخصصت محررين للإعلام الاجتماعي تكون مهمتهم على حسب قول يولاندا ماو- محررة الإعلام الاجتماعي في صحيفة ساوث تشاينا الإشراف على حسابات الصحيفة على هذه المواقع وإنشاء ما يسمى بالخريطة التفاعلية التى تضمن مشاركة القارئ في المناقشات وما يعرض عليه من مادة تحريرية .. في الوقت نفسه قدم فاديم لافروسيك مدير برنامج الصحافة في موقع الفيس بوك دليل للصحف للإستفادة من المادة الخبرية التى ينتجها مستخدمو الموقع حيث نصح الصحفيين باستخدام صفحاتهم الشخصية وكذلك حسابات مؤسساتهم في الحصول على الأخبار من المستخدمين ونقل خبراتهم حول حدث معين. كذلك الحصول على صور تخص واقعة معينة، أيضا الاستفادة من القراء على الفيس بوك لإعداد أسئلة يرغبون في سؤالها لمصدر سيقوم بمقابلته، وأخيرا الحصول على أفكار ومصادر جديدة عندما يكون المحرر بصدد القيام بتحقيق جديد. نماذج تفاعلية وقد قدمت لنا جوجل بلس والقسم العربى فى ال بى بى سى نماذج للإعلام التفاعلى على مواقع الشبكات الاجتماعية فبرنامج 710 جرينتش الذى قدمه حسام السكرى قبل أن ينتقل للعمل فى ياهو الشرق الأوسط قدم لنا نموذجا حيا وفكرة رائدة لصحافة المواطن حيث يقوم المستخدم بالمشاركة فى إعداد وتحرير البرنامج عن طريق طرح الأسئلة التى يرغب فى إجابة الضيف عليها، كذلك تزويد فريق عمل البرنامج بمقاطع فيديو أو مقالات وآراء للضيف يريد المستخدم أن يعرف إجابته عنها وهو بذلك يجعل المواطن يبحث فى الإنترنت عن كل ما يخص ضيف الحلقة ليشارك بذك فى إعداد الحلقة. أما جوجل بلس فقد أنشأت صفحة باسم جوجل أرابيا وهى تهتم بتقديم خدمات إعلامية تفاعلية ومشاريع خدمية لمستخدميها فى الشرق الأوسط ذلك عن طريق أفكار تجذبهم للمشاركة مثل الدردشة الصوتية والمرئية التى تستضيف نجوم الفن والشخصيات العامة فى بث مباشر وحى .. كذلك دعوة المستخدمين للمشاركة فى ورش عمل وندوات علمية وإجتماعية برعاية جوجل. كل هذه الأفكار قابلة للتطبيق فى عالم الصحافة حيث لاتحتاج سوى حساب على مواقع الشبكات الإجتماعية لكن دون الأكتفاء بمجرد تحديث أخبارها أو نقل ما يدور بين مستخدمى هذه المواقع على صفحاتها . إعلام مساعد يقول د.فوزى عبدالغنى – عميد كلية الإعلام –جامعة فاروس الأسكندرية بالنسبة للإعلام الجديد أستطاع أن يحول القارئ إلى قائم بالاتصال وهو من خلال الفيس بوك وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي يتعامل مع صفحات وجروبات مختلفة التوجهات والأفكار لذا فتأثيره على المستخدم يكون أكثر سرعة كون فكرة التواصل فيه قائمة على التفاعل ( مرسل ومستقبل) على العكس من الصحف الورقية التى يكون فيها المحرر هو المرسل فقط لذا نجد أن هذه الشبكات الاجتماعية خلقت لنا ما نطلق عليه اسم المواطن الإعلامى .. ويضيف عبدالغنى أن أى خطاب إعلامى يهدف إلى التأثيرات الثلاثة وهى المعرفية والوجدانية والسلوكية والأخير هو أخطر تأثير تطمح وسائل الإعلام للوصول إليه وهو مايتحقق عبر الفيس بوك وتويتر والمدونات أما في الإذاعة والتليفزيون والصحف فالتأثير السلوكى نادر الحدوث ويحتاج لتحقيقه شن حملات مستمرة كى يقتنع القارئ بالفكرة. لكن إذا نظرنا إلى شبكات التواصل الاجتماعي فنجد خير مثال هو يوم25 يناير2011 حيث استجاب عدد كبير من الشباب لدعوات النزول للتظاهر عبر الفيس بوك وتويتر فكانت نواة للثورة تلاها انضمام قوى سياسية للشباب والأهم التأثير الممتد إلى باقى المواطنين غير المتابعين لما يحدث على الإنترنت، ونظرا لأهمية الأحداث الواقعية الناتجة للمجهودات التى تتم على شبكات التواصل الاجتماعي أرى أن وسائل الإعلام مطلوب منها أن تتعامل مع هذه المواقع كمصدر للمعلومات وعلى المؤسسات الصحفية أن تأخذها كإعلام مساعد يمدها بالمعلومة والأفكار بما يتناسب مع سياستها التحريرية ولكن بعد تدقيقها والتأكد من مصداقيتها لتجنب الشائعات التى قد تنتشر في ظل ظروف التغيير التى يمر بها مجتمعنا بعد الثورة. أيضا تستطيع المؤسسات الصحفية من خلال مواقعها وبوابتها الإلكترونية الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك ويوتيوب لإدخال خدمات تفاعلية من خلال الحوارات والتقارير المصورة وكذلك استخدام مشاركات الشباب على الفيس بوك وما يقدمونه من أفكار. المواطن الصحفى د.بسيونى حمادة – أستاذ الرأى العام بكلية الإعلام يرى أنه من الضرورى أن يتفاعل الإعلام خاصة الصحافة مع ما يستجد من أشكال جديدة أثبتت جديتها في التواصل مع المجتمع فبعد الثورة أصبح هناك الكثير مما كانوا يسمعون فقط عن الفيس بوك مهتمين بدخول هذا العالم وهو ما عبرت عنه إحصائيات المشتركين الجدد على الفيس بوك من مصر في الفترة مابين 2011 حتى 2012 . وقد أثرت وسائل الإعلام الاجتماعي على الرأى العام المصرى بداية من ظهور المدونات وخروج المدونين علينا بمفهوم المواطن الصحفي الذى يستطيع من خلال كاميرا هاتفه ومدونته أو حسابه على الفيس بوك أن ينقل لنا الأحداث والمظاهرات وحالة الفوران التى مر بها المجتمع المصرى قبل الثورة وهو الأمر الذى انتشر مع مواقع فيس بوك وتويتر ويوتيوب الذين ساعدوا في توسيع قاعدة المواطن الصحفي ليشمل كل من يستطيع التفاعل والتعليق على الصفحات المختلفة ومن خلال حسابه الخاص. هناك تطبيقات تستطيع الصحف الورقية عن طريق نسختها الإلكترونية تنفيذها عبر حسابتها على هذه المواقع وإنى أدعوا بوابة الأهرام لرعاية خدمة تفاعلية جديدة تقدم للقارئ عن طريق مشاركته في أفكار لحوارات مع شخصيات تهمه واستخدام برامج الدردشة والفيديو مثل ال سكاى بى لتقديم لقاءات حية يشارك فيها القراء بحسابتهم الخاصة فيما أشبه بغرفة دردشة تجعل القارئ يشارك فى المادة التحريرية أثناء تنفيذها .. على سبيل المثال محافظة القاهرة وما تحويه من مشاكل المواطنين الذين فى أغلب الأحوال لا يستطيعون الوصول إلى مسئولى الأحياء والمجالس المحلية وغيرهم هنا سنجد أن استضافة المحافظ في لقاء يكون الاتصال فيه مباشرا بين المحافظ والقارئ ويديره المحرر المختص سيكون له أبلغ الأثر في ارتباط القارئ أكثر بجريدته حيث تساعده في عرض مشاكله بطريقة أكثر تفاعلية.