في محاولة للحفاظ على تراث السينما المصرية وأرشيفها، بعد سيطرة كثير من المحطات الفضائية العربية والأجنبية على نيجاتيف عدد كبير من الأفلام المصرية، نظم مهرجان القاهرة السينمائي الدولى، ندوة الخميس بعنوان "الحفاظ على تراث السينما المصرية"، بحضور د. خالد عبد الجليل رئيس المركز القومى للسينما، وبياتريس دى باستر مديرة الأرشيف في bois d arcy ،ود.محمد كامل القلويبي، وريجيس روبرت منسق السينماتيك الفرنسي، بينما غاب جيان لوكا مدير عام مؤسسة cineteca di bologna -الذي كان مقررا أن يشارك في الندوة- بسبب وفاة صديقه. بدأ المؤتمر بكلمة للدكتور خالد عبد الجليل، رئيس المركز القومى للسينما أكد خلالها ضرورة الحفاظ على تراث السينما المصرية، وأن يكون هناك تفاعل عملى وفعلى في البدء في إنشاء السينماتيك وأرشفة للسينما المصرية، وهو ما ترتب عليه التعاون بين وزارتى الثقافة المصرية والفرنسية، حيث أرسل وفد فرنسي قام بعمل معاينات لبعض الأماكن في القاهرة من أجل إنشاء سينماتيك. وبالفعل تم اختيار قصر عمر طوسون بمنطقة شبرا، والذي تبلغ مساحته 3200 متر ويحتوى على 88 قبوا بارتفاع 13 مترا. وأضاف عبد الجليل: وجدنا أن متحف عمر طوسون هو المكان الأنسب في تنفيذ مشروع أرشفة السينما والتراث، وأود أن اشكر القائمين على وزارة الثقافة الفرنسية بسبب تعاونهم معه نظرا لأننا بحاجة إلى استعادة تراثنا المصري. وأكد الدكتور محمد كامل القليوبي، أستاذ الإخراج بمعهد السينما، أن القائمين على أرشيف السينما المصرية، تعاملوا بشكل ردىء معها كما لو كانت "كباريه"، خاصة أن أفلامنا الطويلة فقدت بأكملها، ونحن نحاول حاليا استعادة أفلامنا المسلوبة، وفكرة الأرشيف جاءت متأخرة ويتذكر واقعة عندما عين حراس من الضباط الأحرار على استديو مصر.. الأمر الذى ترتب عليه حرق الأرشيف الموجود داخل الاستديو حيث إنه لم يكن أحدهم على دراية بأهمية نيجاتيف الأفلام القديمة المحفوظة به، إضافة إلى أن الأفلام المصرية كانت تباع بالكيلو أو الطن عام 1966. وعن الفرق بين الأرشيف السينمائي والسينماتيك، قال القليوبي: الأرشيف هو دار وثائقية للحفاظ على الأفلام القديمة ولابد أن تكون داخل مكان له خصائص معينة، من حيث مراعاة درجة الحرارة والرطوبة أما السينماتيك فهو دار للكتب ويوضع في أى مكان حيث إنه لايتطلب مواصفات معينة. وأشار القليوبي أيضا إلى أن هناك قانون أرشيف السينما المصرية قد تمت إجازته من لجنة الفتوى والتشريع بمجلس الشعب منذ تسع سنوات إلا أنه لم يتم تفعيله بحجة أن هناك بعض المخالفات، لذلك كانت خطوة التفكير في إنشاء مشروع السينماتيك مرة أخرى خطوة إيجابية. أما بياتريس دى باستر مديرة الأرشيف في boisd arcy فقد توجهت بالشكر الى إدارة مهرجان القاهرة السينمائي على استضافتها وقالت: الحفاظ على تراث السينما المصرية له أهمية كبري، لأنها تعرف الشعوب على تاريخ وسياسة الدولة وهى خطوة غير سهلة بالمرة، فقد عانينا منها الويلات في فرنسا، والحقيقة أن اختيارنا لقصر الأمير طوسون كان في محله نظرا لكونه مبنى تاريخيا يعود بناؤه للقرن ال19 وهو ما يتفق مع مفهوم التراث، إضافة إلى أنه يقع في إحدى المناطق الشعبية الموجودة داخل القاهرة، مما يتيح فرصة تعريف الجمهور على التراث. وطالبت باستر بعرض الأفلام القديمة في ساحة الحديقة الخاصة بالمتحف مع العلم، بأنه يمكن استخدام نهاية الحديقة في الاحتفاظ بنسخ الأفلام الملونة وغير الملونة مع ضرورة الفصل بينهم. وأكدت باستر أيضا أن الأرشيف لن يكون مقصورا على الأفلام القديمة بل الحديثة أيضا، مع ضرورة إنشاء جزء خاص بأرشفة كل ماهو يخص صناعة الفيلم المصري من حيث معدات التصوير والملابس والإكسسوارات وأدوات البث والتسجيل وغيرها. ريجيس روبرت منسق وموثق السينماتيك الفرنسي، عبر عن سعادته بالمشاركة في إنشاء سينماتيك للسينما المصرية، وقال: السينما الفرنسية استغرقت 70 عاما للحفاظ على تراثها، وهو مايعنى أن هذه الخطوة غير سهلة وستأخذ وقتا طويلا لدينا في مصر لأن السينما صناعة لا تهم القائمين عليها فقط بل الجمهور أيضا، وأنه سيتم إنشاؤه بقصر عمر طوسون من أجل الحفاظ على التراث الرقمي للأفلام. وبسؤال من المخرج يسري نصر الله، حول كيفية استعادة الأفلام القديمة بالنيجاتيف الأصلي الخاص بها دون أى حذف أو تحريف، أجاب د. كامل القليوبي قائلا: النسخة الأصلية للفيلم لايجوز الحذف من عليها حيث تقوم القنوات الفضائية بالحذف من على نسخة العرض ، وهناك قوانين حالية تجرم حدوث هذا الأمر. وفي ختام المؤتمر، أكد الدكتور خالد عبد الجليل، أنه سيتم اختيار مجموعة من الكوادر الشابة من طلبة معهد السينما، على أن يتم إرسالهم في بعثات إلى باريس، من أجل الوقوف على أرشفة السينما المصرية بشكل منظم.