دعت دراسة حديثة أعدها الدكتور حسين حسين شحاتة، الأستاذ بجامعة الأزهر، والخبير الاستشاري فى المعاملات المالية الشرعية إلى الاستغناء عن المعونات والمساعدات الأمريكية لمصر، وذلك من أجل المحافظة على القيم والأخلاق والمبادئ الإسلامية التي يتم التفريط فيها مقابل الحصول علي هذه المعونات. وأشارت الدراسة إلى أنه ربما تحدث بعض الخسائر المادية فى الأمد القصير جراء التخلي عن تلك المعونات، ولكنها خسائر يمكن تحملها، وستنتهى فى الأمد القريب. وأشارت الدراسة إلي أن متوسط المعونات الاقتصادية والمساعدات فى حدود 2 مليار دولار تزيد أو تقل، تتلقاها مصر مقابل منافع شتى لأمريكا، منها: مساندة أمريكا دبلوماسياً فى سياساتها ضد الإرهاب، والدخول معها فى تحالفات علنية وسرية وعسكرية بسبب ذلك، بالإضافة إلى رعاية مصالح أمريكا فى منطقة الشرق الأوسط حسب المستجدات، وربط هذه المعونات والمساعدات بتنفيذ بعض السياسات الأمريكية، كتغيير مناهج التعليم وترسيخ الفكرالليبرالي التحرري وفصل الدين عن الحياة، والضغط على الدولة العربية لقبول بعض السياسات الأمريكية ولاسيما الصلح مع إسرائيل، فضلا عن استخدام الخبراء الأمريكان فى تنفيذ المعونات والمساعدات.. ومن الشروط أيضا ألا تستخدم المعونات والمساعدات الأمريكية ضد إسرائيل وحلفاء أمريكا وأصدقائها بصفة عامة. وطالبت الدراسة بإعادة النظر في العلاقات الاقتصادية بين مصر وأمريكا استنادا إلى رؤية بعض المحللين السياسيين والاقتصاديين، الذين اعتبروا أن هذه المعونات بما تكبله لمصر من شروط مجحفة هى فى الحقيقة معونات للولايات المتحدةالأمريكية وليست لمصر، واستندوا في ذلك إلى السلبيات التى برزت بسبب هذه المعونات والمساعدات، لاسيما فى مجال التعليم والمرأة والتجسس وجمع المعلومات الخطيرة وتوجيه الضربات المتتالية إلى الإسلاميين النشطين، والتدخل أحياناً فى اختيار الوزراء ومتخذى القرار فى بعض المواقع الحساسة فى مصر يؤكد أن شر هذه المعونات والمساعدات أكبر من خيرها -إن وجد- وتجب إعادة النظر فيها، كما اتضح بعد الثورة أن أصحاب النفوذ السياسي من المفسدين في مصر كانوا أكثر المنتفعين من هذه المعونات، وما يصل إلى الشعب إلا النذر اليسير، وبلغة أخرى أن أمريكا تقدم الدعم إلى أفراد النظام الحاكم وليس إلى الفقراء والمساكين والمعوزين ونحوهم. وأوضحت الدراسة أن قرارالإلغاء وعدم قبول المعونات والمساعدات الأمريكية سيكون فيهما بعض الخسائر لمصر من أهمها: 1- زيادة العجز فى ميزانية الدولة بمقدار هذه المعونات والمساعدات وتقدر بحوالى 20مليار جنيه مصرى. 2- انسحاب بعض الاستثمارات الأمريكية من مصر. 3- تحريض المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولى على عدم مساعدة مصر مالياً واقتصادياً. 4- انكماش التجارة الخارجية بين مصر وأمريكا وهذا سوف يوثر على الصادرات المصرية وعلى الميزان التجارى. 5- تجميد معظم مشروعات التعاون الاقتصادى بين مصر وأمريكا وهذا ربما يسبب بطالة أو يزيد من حدتها. 6- تجميد معظم مشروعات التعاون العسكرى وغيرها بين مصر وأمريكا. 7- مزيد من الدعم للكيان الصهيونى حيث سوف تحول هذه الإعانات إليه للضغط على مصر. 8- وضع مصر فى قائمة الدولة التى تأوى الإرهاب وتدعمه. 9- تهديد مصر بضربات عسكرية لأنها ترعى الإرهاب حدث مع العراق وأفغانستان. وطرحت الدراسة عددا من البدائل للاستغناءعن المعونات الأمريكية منها: أولاً: استبدال المعونات والمساعدات الأمريكية بغيرها من الدولة العربية الغنية فى إطار مقررات جامعة الدولة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى, ويكون خير العرب للعرب، وتطبيق قول الله تبارك وتعالى :" وتعاونوا على البر والتقوى". ثانياً: تنوع التجارة الخارجية والشروع فى إبرام اتفاقيات جديدة مع دول شرق آسيا و أوروبا، وتعتبر الشراكة الأوروبية الجديدة نموذجا يمكن دعمه . ثالثا: تشجيع الاستثمارات العربية إلى مصر مع زيادة الحوافز لها، وفى هذا حماية لأموال العرب والمسلمين وتقوية روابط التعاون الصادق بين الأشقاء العرب المسلمين، وتحفيز المصريين بالخارج لاستثمار أموالهم في مصر. رابعاً: التصدى للفساد المالى بكل صوره وأشكاله والذى استشرى فى مصر، وكذلك ضبط وترشيد الإنفاق الحكومى وحصره فى مجال الضروريات والحاجيات وتجنب الإنفاق فى الكماليات، واسترداد أموال مصر المنهوبة بواسطة نظام الحكم السابق. خامساً: إعادة النظر فى المشروعات العربية المشتركة مثل الهيئة العربية للتصنيع، فأموال العرب يجب أن تكون للعرب، ولقد آن الأوان لإقامة مشروعات استراتيجية كبيرة ذات فروع في جميع الأقطار العربية والإسلامية. سادساً: تفعيل التعاون والتضامن والتكافل بين الدولة العربية والإسلامية، وتطبيق القاعدة الشرعية: "يسعى بذمتهم أدناهم". سابعاً: تطبيق نظم المشاركة فى المشروعات الاستثمارية الممولة من الدولة الأجنبية بدلاً من القروض بفائدة. ثامناً: ترشيد الاستيراد وحصره فى مجال الضروريات والحاجيات. تاسعاً: دعم العمل والإنتاج من خلال السياسات المالية والاقتصادية. عاشراً: الاهتمام بالقيم الإيمانية وبالأخلاق الفاضلة لأنهما أساس البركة والخير والإيمان بأن المصالحة مع الله خير من استرضاء أعداء الله.