أكد فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، فى خطبة الجمعة اليوم، التي ألقاها في مسجد فاضل بمدينة السادس من أكتوبر، أن قضية التعليم قضية محورية لنهضة الأمة، مستشهدًا بما حدث في غزوة بدر من فداء عدد من الأسرى مقابل تعليم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، مشيرًا إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – بعث في أمة أمية، مؤكدا أن الأمية عائق للتواصل والفهم والقراءة والتعلم، وهذه الأمة بُدءت بوحي ربنا عز وجل لنبيه بكلمة "اقرأ"، وهذه الأمة جاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى النور والعلم نور والجهل ظلام، جاءت لتجعل العلم فارقاً بين النور والظلام "إنما يخشى الله من عباده العلماء" ، قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" ، جاءت من أجل لم الشمل، ولا يمكن في أمة أمية أن يظل الشمل على حاله في لمه إلا بإزالة تلك الأمية. وأضاف جمعة أن رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم – لم يملأ قلبه الانتقام من هؤلاء الأسرى في حين قال على القتلى " لو أن المطعم بن عدي كان حيًّا فكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له"، بل نظر إلى ماذا نفعل في إزالة الأمية، وكلف كل واحد من الأسرى الذين لا فداء لهم أن يعلموا عشرة من أبناء الأنصار، مشيرًا إلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : استعن بيمينك في تسجيل العلم وفي نقله من جيل إلى جيل". وأوضح المفتى أن الأمة الإسلامية قامت على مفاهيم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وعلمت الناس، وأن المسلمين ما دخلوا بلادًا إلا وبدأوا بالتعليم حتى انتشر التعليم من الأندلس إلى الهند، وأنهم لم يقهروا الناس على ترك لغاتهم، وأن يفرضوا عليهم العربية، ولكن فرضوا عليهم العلم، فتعلموا وأسرعوا في تعلم اللغة العربية. وأشار الى أن الأمية أصبحت مشكلة كبيرة ضاربة بأطنابها، وأن عدد الأميين في مصر يصل إلى نحو 30 مليون، وتساءل كيف وصل بنا الأمر إلى هذا المستوى من الأمية وهناك هيئة تقوم على تعليم الكبار منذ 60 عامًا؟. ولفت المفتى إلى أن سبب فشل هذه الهيئة هو التسرب من التعليم، وهو الذي أدى إلى ازدياد الأمية، وأضاف أن هناك عدة أسباب للتسرب من التعليم منها عدم الاهتمام واستغلال الطفولة في العمل ، إضافة إلى الفقر، أو عدم وجود مدرسة في الأصل في هذه القرية أو تلك خاصة بعد ما قضينا على الكتاب الذي كان يعلم القراءة والكتابة من خلال القرآن الكريم وحفظه، وأكد فضيلة المفتي أن كل هذه الأسباب وغيرها تمثل جريمة في حقنا وحق ديننا وفي حق مستقبلنا. أضاف جمعة أن هناك 4500 قرية في مصر، منها نحو 700 قرية لا يوجد بها مدرسة، وهو كلام لا يصدقه العقل، داعيا إلى إعتبار التسرب من التعليم جريمة في حق الدين والدنيا، وفي حق الوطن والمستقبل، في حق أبنائنا وأحفادنا، حتى أنه من الواجب شرعًا ضرورة التبليغ عن ولي أولياء أمور الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة باعتبار أنهم قد ارتكبوا جريمة في حقنا جميعًا، وأنهم يذبحون هذه الأمة. وأوضح المفتى أن الأمر عضال لا يجب أن نستهين به، ولأننا لا نستطيع أن، نعلم القرآن والحديث وأمور الدين مع أقوام لا يعرفون القراءة والكتابة، مضيفًا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – جاء بمعجزة في أنه كان أميًّا وجاءنا بكل هذا العلم، منوهًا إلى أن الأمية ليست فخرًا في هذا المقام بل هي معجزة تؤيد رسول الله، وأشار إلى أن الإمام السيوطي ألف كتابًا بعنوان "تنزيه الأنبياء عن تشبيه السفهاء" وأوضح فيه أنه إذا قال أحد الأميين : إن الرسول - صلى الله عليه وسلم – مكان أميًّا فقد سب رسول الله ويعاقب على ذلك لأن الأمية في حق رسول الله كانت معجزة، وفي حق غيره مسوءة ومنقصة، وأنه إذا أراد الانتقاص فيعاقب وكأنه يسب رسول الله، وإن كان يقصد الدفاع عن نفسه ولا يقصد المشابهة فإنه يؤدب ويعزر" حتى لا يعود الناس إلى رفعة شأن الأمية احتجاجًا بمعجزة رسول الله. ودعا الدكتور على جمعة إلى ضرورة سد باب التسريب من التعليم، وتعليم هؤلاء الأطفال المساكين، وإقترح على وزارة الداخلية أن تستغل المقبوض عليهم في الحق العام في تعليم المساجين، وفي إخراجهم من الأمية، كما أنه يجوز للقوات المسلحة عند تجنيد الأميين أن تزيل أميتهم، وقال إن تجربتنا في إزالة الأمية.