لم تثنهم مطاردات أجهزة الأحياء وشرطة المرافق بمحافظة القاهرة، عن افتراش الأرصفة والكباري، ولم يتسلل اليأس إليهم، خلال رحلة البحث عن أماكن أخرى يفترشونها للحصول على "لقمة العيش"، لتصبح كباري المشاة مأوىً جديدًا لهم، بعد إخلائهم من الميادين. ظن الباعة الجائلون، بتواجدهم على كباري المشاة التي لا تخلو من عملائهم المارين عليها ليلًا ونهارًا، أنها ستكون المأوى الأبدي لتجارتهم، والنهاية لرحلة البحث الشاقة عن أماكن جديدة ل"الاسترزاق"، إلا أن الرياح دائمًا تأتي بما لا تشتهي السفن، فقد كلف عاطف عبدالحميد، محافظ القاهرة، رؤساء الأحياء وشرطة المرافق، بمنع تواجد الباعة الجائلين على كباري المشاة، وألزمهم برفع إشغالاتهم التي تعوق حركة المارة، وتشوه أجسام هذه الكباري. رؤساء الأحياء التزموا بالتكليف، حيث أكد محمد أنيس، رئيس حى الزاوية الحمراء، فى تصريحات خاصة ل "بوابة الأهرام"، أن أجهزة الحى أعدت بالفعل حملة بالتعاون مع شرطة المرافق، لرفع الباعة الجائلين من كوبرى "عبود"، وكذلك الحال فى حى الزيتون، الذى أوضح رئيسه هشام عبدالحميد، أن حملات رفع "الجائلين" فى نطاق الحى بشكل عام لا تتوقف، موضحًا تنظيم حملة لرفعهم من أعلى كوبرى مشاة "نصوح". وقد يكون حى الساحل الأسعد حظًا بين أحياء القاهرة، حيث أكد محمد عبد الجليل، رئيس الحى، ل "بوابة الأهرام"، عدم وجود كباري للمشاة في نطاق الحى، بينما قال أحد رؤساء الأحياء ب"صوت المُعذب" ل "بوابة الأهرام": "والله حملات رفع إشغالاتهم مبتوقفش.. بس هما بيرجعوا تانى.. والظروف الاقتصادية اللى بتمر بها البلد بتخلينا أحيانا نسبهم يسترزقوا". منطق "المطاردة والعودة"، بين الباعة الجائلين وأجهزة الأحياء، أكده "جاد" -أحد الباعة الجائلين بكوبرى مشاة في حي الزيتون- قائلًا: "احنا بنلعب معاهم زى القط والفأر.. الحملة بتنزل واحنا وحظنا.. اللى بيلحق يلم بضاعته بيلمها ويجرى.. والتعيس اللى بيقع فى إيد الحكومة.. لأنها بتصادر البضاعة ومبترجعهاش لينا تانى". "هانعمل إيه.. ده أكل عيشنا ولازم نستحمل"، هكذا تحدث "شوقى" -أحد الباعة على كوبرى مشاة "الدمرداش" فى حى الوايلى- مؤكدًا أنه كان أحد الباعة بميدان "رمسيس"، واضطر للمجئ لهذا الكوبرى، بعد إخلاء محافظة القاهرة للميدان، وعدم حصوله على باكية بموقف "أحمد حلمى". وتابع "شوقى"، أن كوبرى مشاة "الدمرداش" نادرًا ما تُشن عليه حملات، موضحًا أن رواده من مرتادى محطة مترو "الدمرداش"، وكلية الطب بجامعة عين شمس، وهؤلاء ينعشون حركة البيع، حيث يتوافر على الكوبرى باعة "المناديل، والملابس والألعاب والخردوات"، حتى أن أجهزة محطة "المترو" لا تطاردهم. "والله مسمعناش بقرار المحافظ.. ولو اتنفذ فى ولاد حلال بيعرفونا بميعاد الحملات.. بنخبى البضاعة وبنرجع تانى.. لأن ده أكل عيشنا وملناش بديل"، بهذه الإريحية تحدث "حمدى" ل"بوابة الأهرام"، وهو من الباعة الدائمين بكوبرى مشاة "موقف العاشر" بحى السلام أول، مؤكدًا عدم علمه وغيره من الباعة المتواجدين بالكوبرى بقرار المحافظ بتطهير "كباري المشاة" من تواجد أى إشغالات وباعة عليها. من جانب آخر، سألت "بوابة الأهرام"، "أحمد" -أحد المواطنين العابرين لكوبرى مشاة "موقف العاشر"- عن تطبيق قرار المحافظ، فطالب بتنفيذه على الفور، موضحًا أنه يستخدم الكوبرى يوميًا للعبور من موقف "العاشر" إلى شارع "جسر السويس"، لافتًا إلى أن سلالم الكوبرى ليس بها مكان لعبور المشاة، بخلاف الفوضى التى تعم المكان، من وقوف ميكروباصات وسرفيس بشكل عشوائى، فضلًا عن عربات الأطعمة وبائعى الفاكهة، وزحام المنطقة المتكدسة بالمسافرين من وإلى "موقف العاشر". مطاردات "أكل العيش": "الجائلين" وأجهزة الحي "فأر يهرب من قط".. وكباري المشاة "المأوى الأخير"