الترابط الأسري والتجمع داخل بيت العائلة، والأطعمة البسيطة دون إسراف، وتبادل العزومات بين الشباب بالخروج إلي الزردات، هي عادات وتقاليد البادية في شهر رمضان تجمع ما بين ماضي المجتمع القبلي والجديد عند أهل البوادي في محافظة مطروح. يقول فرج مفتاح العوامي، في البادية قديمًا وحتى الآن تجتمع العائلة في أول أيام رمضان في بيت كبير العائلة، حيث أصبحت عادة يتوارثها أهل البادية عن الأجداد، وتقوم كل أسرة بإعداد الفطار في منزلها ومن ثم تأخذه إلى بيت كبير العائلة في مأدبة إفطار كبيرة تضم الرجال داخل "المربوعة" والنساء في المكان المخصص لهن والأطفال أيضا، مما يخلق جوًا أسريًا وترابطًا عائليصا قلما تجده في مجتمعات أخرى، ويعتبر هذا التجمع هو الوحيد طوال العام، كما يتم نصب خيمة لكي يتناول فيها الجميع الإفطار. لحم مجفف .. ويضيف العوامي، في البادية كان الطعام مما وجد في البيت ولا يكلف أهل البادية أنفسهم ويسرفون في المأكولات، حيث تكون أول وجبة إفطار في رمضان من الماشية أو الدجاج البلدي، حيث يقومون بتقسيم الشاه وإعداد "القديد" وهو تجفيف اللحم في أشعة الشمس مع إضافة الملح لها، ويقومون بالطهي منه على مدار الشهر حسب كمية اللحم، فالبادية لم تعرف الإسراف إلا بعد تعدد المأكولات وتنوع الأطعمة وطهي أكثر من نوع، مما جعل الكثير يسرف في تناول الطعام، ففى فصل الصيف لا يوجد استهلاك كبير في المأكولات لأن الاعتماد يتركز على المشروبات وتناول المياه. الزردة وقصص الأجداد .. أما الباحث التراثي إبراهيم رمضان الزوام، فيقول ظهرت عادة بين شباب البادية حديثا فبعد تناول أول إفطار في رمضان مع العائلة يقوم الشاب باستضافة أصدقائه، وقد يصل عددهم إلى 15 صديقًا وتكون الضيافة بالتناوب، حيث يكون الإفطار كل يوم من أيام رمضان عند أحد الأصدقاء، فبعد تناول وجبة الإفطار يقوم أحد الشباب بالإعلان عن أن الإفطار يوم غد عنده في منزله وهكذا، بالإضافة إلى خروج الشباب فى "زردة" فبعد منتصف النهار يتم التحضير للزردة والأدوات التى تستخدم في طهي الطعام والذي يقوم بالطهي معروف لدى الأصدقاء وفي الغالب يكون الطهي بالتناوب، والزردة غالبا ما تكون بعد منتصف رمضان ففي الزردة يكون إحياء التراث ورواية قصص الأجداد، فالزردة لها دور في التقريب بين شباب القبيلة أو شباب المناطق المجاورة وخلق صداقات جديد وتوسيع دائرة الصداقة عند شباب البادية. الإسراف .. ويضيف إبراهيم رمضان الزوام، أنه في السنوات الأخيرة بدأ الكثير من أهل مطروح بالتشكيل في المأكولات والإسراف في تقديم أكثر من وجبة على مائدة واحدة، وأغلب الطعام يتم التخلص منه بعد الانتهاء من تناول الإفطار، وهذا ما لم يعتاده أهل البادية في حياتهم، فهم لا يعرفون الإسراف طيلة حياتهم، إلا أن كثرة الأطعمة وتنوع طرق الطهي والتفنن في إعداد أكثر من نوع، جعل أغلب ما يتم وضعه على السفرة يتم إلقاءه كمخلفات، كما إن السنوات الأخيرة شهدت دخول شهر رمضان في فصل الصيف مما يضطر الكثير من تناول كميات كبيرة من المشروبات والمياه الممكنة مما يؤدي إلى عدم تناول نصف الطعام المقدم. ملامح رمضانية في البادية المطروحية ملامح رمضانية في البادية المطروحية .