أجمع عدد من المؤرخين علي أهمية المجمع العلمي الذي احترق بشارع قصر العيني نتيجة الاشتباكات الأخيرة بين قوات الأمن والمتظاهرين، وطالبوا بسرعة حصر الأضرار التي وقعت علي الوثائق والكتب الذي يضمها المجمع، كما أكدوا علي ضرورة التحقيق في مثل هذة الواقعة التي وصفوها "بالكارثة". وكان محمد الشرنوبي أمين عام المجمع العلمي المصري قد أكد في تصريحات تليفزيونية أن الحريق الذي شب في مبنى المجمع المجاور لمقر رئاسة الوزراء نتيجة إلقاء زجاجات المولوتوف أتلف كل محتوياته تماما التي تمثل تراث مصر القديم، وأن احتراق هذا المبنى العريق بهذا الشكل يعني أن جزءا كبيرا من تاريخ مصر انتهى"، مطالبا بضرورة الكشف عن المسئولين عن هذا الحريق. الجدير بالذكر أن المجمع العلمي المصري أنشأ في القاهرة 20 أغسطس عام 1798 بقرار من نابليون بونابرت وهو مبني أثري عتيق من معالم مصر، كان مقر المجمع فى دار واحد من بكوات المماليك فى القاهرة ثم تم نقله إلى الإسكندرية عام 1859 وأطلق عليه اسم "المجمع العلمي المصري" ثم عاد للقاهرة عام 1880، ويقدم المجمع أبحاث و دراسات عن أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية. وكان للمجمع المصري أربع شعب : الرياضيات ، و الفيزياء ، و الاقتصاد السياسي ، و الأدب و الفنون الجميلة و في عام 1918 أصبح مهتماً بالآداب و الفنون الجميلة و علم الآثار ، و العلوم الفلسفية و السياسة ، و الفيزياء و الرياضيات ، و الطب و الزراعة و التاريخ الطبيعي. وبالمجمع المصري مكتبه تضم نحو 40.000 كتاب من أمهات الكتب أهمها علي الإطلاق كتاب وصف مصر، و له مجلة سنوية و مطبوعات خاصة. وأكد د. عماد أبو غازي وزير الثقافة السابق وأستاذ الوثائق في قسم المكتبات والوثائق والمعلومات بجامعة القاهرة ل "بوابة الأهرام" أن المجمع قيمة علمية كبيرة ويضم مكتبة من أهم المكتبات المتخصصة في تاريخ مصر، وبها تراث لا يمكن تعويضه، فهو مجهود 200 عام ، لذا فهو خسارة لا تعوض وإحراقه جريمة لن تغتفر ولن يغفرها التاريخ لمن ارتكبها، وأضاف قائلا "أتعجب من أن النيران نشبت به منذ أمس ولم يتحرك أحد لإطفائها، فكان يمكن حماية المبني والوثائق". وقال د.محمد عفيفي رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة إن المبنى كان يمكن إنقاذه بوسائل متعددة مثل الطائرات التي يمكن أن تطفيء نيرانه، لأن هناك تاريخا وحضارة بلد تم تخريبها، مثلما حدث في الأيام الاولي من ثورة يناير للمتحف المصري والسرقة التي تعرض لها رغم إنكار زاهي حواس لتلك السرقة، والمشكلة الأكبر أن الإدارة في مصر لا تحترم الثقافة ولا الحضارة . وأوضح عفيفي أن معظم الوثائق ترجع إلي فرنسا ويمكن بعد الحريق أن تطالب بحقها، كما أن المشكلة لا تتمثل في المبني لأن يمكن ترميمه، والمشكلة الأكبر في الوثائق والنسخ النادرة من الكتب والدوريات، وكان علي الأمن بدلا أن يحرص مبني البرلمان أن يحرص مبني مثل المجمع العلمي، ولابد الآن من عمل جرد للوثائق ومعرفة المتبقي والمحترق كما أن من الممكن أن يكون تعرض للسرقة وقت الحريق. وأشار د.خالد عزب الباحث في الوثائق إلي أهمية المجمع مؤكدا أنه يضم في عضويته أهم 100 عالم مصري في مجالاتهم، وتعرضه للحريق في وقت مثل هذا له دلالة سيئة علي مصر، ومكتبته تضم نوادر المطبوعات الأوربية والتي يوجد منها نسخ نادرة علي مستوي العالم والتي لا تخص المصريين فقط، كما يضم كتب الرحالة الأجانب، ونسخ للدوريات العلمية النادرة منذ عام 1920، والتي يمكن ألا يكون لدينا في مصر نسخ أخرى منها، وهذا يفتح أمامنا موضوعا آخر حول تأمين مثل تلك المباني الأثرية والتي تضم وثائق نادرة. وأضاف عزب أن الخطورة تكمن في الجمعية الجغرافية المجاورة للمجمع والتي تحتوي علي كنوز تتعدى 6 مليارات جنيه، بخلاف المتحف الإفريقي، والتي تحتوي علي تراث يرجع إلي القرن السابع عشر من خرائط وكتب، وتعد الجمعية من أقدم 6 جمعيات جغرافية علي مستوي العالم وهي الوحيدة خارج أوروبا وأمريكا، وإذا تعرضت هي الأخرى للتلف فنحن أمام كارثة لا يمكن وصفها.