يري المفكر المصري سلامة موسي في كتابه "الثورات" الصادر مؤخراً عن هيئة قصور الثقافة أن السمة العامة للثورات هي إيجاد حقوق جديدة للشعب وإلغاء قيود قديمة يتبعها الانحياز للفقراء ووضع حدود لمنع الثراء الفاحش وحماية الفقراء من الفقر الفاحش كذا. ولا تقتصر معاني الثورات لديه علي إقامة دستور وبرلمان فقط ولكن الثورات هي تأسيس لطرز تعليمية جديدة وحركة مساواة بين الرجل والمرأة ونظام العائلة ورؤي ونظريات اقتصادية جديدة تعيد توزيع الثروة وتعترف بحقوق العمال في تأليف نقاباتهم، ولا يبعث علي قيام تلك الثورات سوي ظهور طبقة جديدة تغير مركزها الاقتصادي فشعرت في الكفاح لتغيير مركزها الاجتماعي والسياسي. وسلامة موسي هو مصلح من طلائع النهضة المصرية وأحد أشد المؤمنين بالاشتراكية وأول المروجين لها، وله مؤلفات عدة منها "مقدمة السوبرمان" "الاشتراكية"، "الحرية وأبطالها في التاريخ"، وكتاب "الثورات" الذي صدرت طبعته الأولي عام 1954. ولد موسي في 1887 بالزقازيق لأسرة مسيحية وحصل علي شهادة الثانوية عام 1903 وسافر إلي فرنسا بعد ذلك وتعرف هناك علي الفلسفة الغربية وتأثر بروادها فولتير وروسو وقرأ كارل ماركس عاد إلي مصر وأصدر صحيفة أسبوعية هو والمفكر شبلي شميل وساهم في تأسيس الحزب الاشتراكي المصري وأسس المجمع المصري للثقافة العلمية، توفي موسي في 1958 بعد حياة مليئة بالجدل مع التيارات الفكرية التي سادت عصره وترك وراءه. ويري موسي في كتابه الذي كرسه لدراسة الثورات الغربية والمصرية بدءاً بالثورة الفرنسية وانتهاء بصراع المصريين مع الملك فاروق، أن كل الثورات كان يقف وراءها دوافع اقتصادية ففي تاريخ الثورات كانت توجد دائماً طبقة تسيطر علي المجتمع وتتسلط علي الحكم وتنهب ثروات الشعب، وتستهلك ولا تنتج فيقوم الشعب ضدها ليحل محلها طبقة منتجة. ويشدد موسي في كتابه علي أن عهد الثورات الدينية قد انقضي لأن الأمم العصرية لم تعد تجعل الأفكار الدينية وسيلة للتفوق الاجتماعي والسيطرة الحكومية. ويوضح موسي أن معني الديمقراطية هو أن يكون الحكم للشعب بمعني أن تكون مصالحه مقدمة علي كل مصلحة أخري. وللكتاب والأدباء دوراً مهماً بحسب موسي في تثبيت الطاغية في حكمه أو إعانة الناس علي خلعه ويقول لو أن كتابنا – في عصر الملك فاروق - كانوا يقولون "صاحب الجلالة الشعب" كما كانوا يقولون "صاحب الجلالة فاروق" لما طغي فاروق ولما تركه علي طغيانه، وكان موسي معادياً لفاروق وسياساته ومؤيداً لثورة يوليو التي رأي أن الجيش جاء فيها ليطهر البلاد من العار والنجاسة.