أكد الناقد والمعارض السوري المقيم بباريس صبحي حديدي ترحيبه بالمجلس الوطني السوري الذي أعلن عن تشكيله أمس من أسطنبول. وقال في بيان وصلت "بوابة الأهرام " نسخة منه " أعربُ عن تأييدي التامّ لبيان المجلس الوطني، وانضوائي في قرار الشعب السوري الذي دفع باتجاه وحدة المعارضة في الداخل والخارج، شاكراً الرفاق والأصدقاء الذين سبق لهم أن منحوني ثقة أن أشاركهم ما ينتظرهم من أعباء ثقيلة حين يستكمل المجلس هيئاته" وشدّد حديدي في بيانه مجدداً على ما كانُ قد بيّنه في مناسبة سابقة، من اعتذاره عن عدم عضوية أي من مجالس الخارج، ليس تهرّباً من العمل الوطني العام ولكن حسب تعبيره - أذكّر، بتواضع أقصى، أنني أعارض نظام آل الأسد منذ 30 سنة ونيف، من داخل تنظيم سياسي محظور وملاحَق، وليس من موقع المثقف والكاتب فحسب وتابع حديدي " لقد حافظتُ، ويهمّني أن أحافظ دائماً، على مسافة نقدية واضحة، ملموسة وميدانية، من فصائل المعارضة السورية، عموماً؛ ومن "حزب الشعب الديمقراطي"، الذي أنتمي إليه، بصفة خاصة؛ وسأسعى إلى أن تكون هذه حالي أيضاً، في العلاقة مع المجلس الوليد. وتلك، في يقيني، هي المسافة التي تسبغ المعنى، فضلاً عن الجدوى والشرف، على انتماء المثقف إلى قضايا شعبه، وانحيازه إلى الحقّ والحرّية والمساواة والديمقراطية، ودفاعه عن مجتمع مدني علماني وتعددي تنظّم علاقاته دولة القانون. وأشار حديدي الى أن العبارة /الأمّ التي كان ينتظره في بيان إعلان المجلس الوطني السوري، الذي صدر أمس من اسطنبول، هي التي تقول إنّ المجلس "يعمل على تعبئة جميع فئات الشعب السوري، وتوفير كل أنواع الدعم اللازم من أجل تقدم الثورة، وتحقيق آمال وتطلعات الشعب السوري لإسقاط النظام القائم بكل أركانه ورموزه، بما فيه رأس النظام، وبناء نظام ديمقراطي تعددي، في إطار دولة مدنية تساوي بين مواطنيها جميعاً دون تمييز على أساس القومية أو الجنس أو المعتقد الديني أو السياسي". واعتبر صبحي حديدي أن هذه عبارة ينبغي لها أن تجبّ مماحكات شتى، أدخلت أطراف المعارضة السورية الخارجية في متاهات مخجلة ومخزية، فضلاً عن كونها ألحقت الضرر واشاعت البلبلة، وكانت متخلفة أصلاً عن نبض الشارع الشعبي السوري وشعارات الانتفاضة المجيدة. وأكد البيان أن مثل هذه العبارة سقف أدنى، حتى إذا شاء البعض اعتباره الأعلى في حوارات الطرشان التي شهدتها أكثر من عاصمة عربية وإسلامية وغربية، يتوجب البناء عليه في كلّ ما سيتولاه المجلس من مهامّ مستقبلية. هي، أيضاً، مسبار ومعيار وبوصلة. وأوضح حديدي الى أنه سيفتح عينيهّ، على اتساعهما أثناء سيرورة مزدوجة تنطوي على تأييد المجلس الوطني، ومراقبة أدائه، في آن معاً، دون أن يخلّ الواجب الوطني العامّ بالحقّ الشخصي النقدي. وقال حديدي في بيانه لا بدّ، بادىء ذي بدء، من التذكير بأنّ المجلس لا يضم الغالبية الساحقة من قوى المعارضة السورية في الداخل، ولا غالبيتها في الخارج أيضاً، الأمر الذي ينبغي أن لا يمنحه صفة التفويض التامّ، حتى إشعار آخر. يطمئن، من جانب آخر، أنّ المجلس يزمع مواصلة التشاور والتحاور مع الجميع، أياً كانت تلاوين مواقفهم، وما دامت تندرج في خطّ الانتفاضة الجوهري، المطالب بإسقاط النظام ورموزه كافة. وسجل حديدي في بيانه أنّ المجلس العتيد يضمّ جماعات أو هيئات أو أفراداً سبق لهم أن هادنوا النظام، أو غازلوه، أو سكتوا عن جرائمه طيلة أربعة عقود، أو حضّوا على خفض سقوف معارضته أو قبلوا لرأس النظام الاستمرار في منصبه المورَّث حتى بعد إصداره شخصياً الأوامر باستخدام الذخيرة الحية وارتكاب المجازر والجرائم... غير أن بيان صبحي حديدي أكد أن الانتفاضة جبّت ما قبلها، بالفعل، وقال "كان قميناً بها أن تهدي البعض إلى سواء السبيل، بصرف النظر عن السوابق؛ وكذا فعل الشعب السوري، الذي تحلى بمقدار مدهش من التسامح إزاء بناته وأبنائه، ومنحهم الفرصة تلو الفرصة لكي يطووا صفحات الماضي ويلتحقوا بالركب النضالي الشريف، والمشرّف. ويبقى أن يبرهن أعضاء المجلس الوطني، لا سيما أولئك الذين أنسوا في أنفسهم إمكانية خدمة الانتفاضة دون تفويض مباشر من شارعها الشعبي والسياسي، أنهم ليسوا أهلاً بالثقة فحسب، بل أنهم ليسوا أقلّ تفانياً وإخلاصاً". وصبحي حديدي ناقد وباحث ومترجم سوري،ولد في القامشلي، سورية، عام 1951. تخرّج من جامعة دمشق – قسم اللغة الإنكليزية وآدابها، وتابع دراساته في فرنسا وبريطانيا.ونشر العديد من الأبحاث النقدية والترجمات في دوريات عربية وأجنبية مختلفة، وقدّم دراسات معمّقة في التعريف بالنظرية الأدبية والمدارس النقدية المعاصرة (الخطاب ما بعد الاستعماري، إعادة قراءة فرانتز فانون، القارىء والقراءة والاستجابة، الموضوعة الغنائية، الحديث وما بعد الحداثة، النقد التاريخاني الجديد، وسواها)ونقل إلى اللغة العربية العديد من الأعمال في الفلسفة والرواية والشعر والنظرية النقدية، بينها مونتغمري واط: "الفكر السياسي الاسلامي"، 1979؛ كين كيسي: "طيران فوق عشّ الوقواق"، رواية، 1981؛ ميشيل زيرافا: "الأسطورة والرواية"، 1983؛ ياسوناري كاواباتا: "ضجيج الجبل"، رواية، 1983، و"أستاذ ال غو"، رواية، 2007؛ صمويل هنري هوك: "منعطف المخيّلة البشرية"، 1984؛ كلود ليفي – ستروس: "الأسطورة والمعنى"، 1985؛ مجموعة مؤلفين: "عاصفة الصحراء، عاصفة الحداثة"، 1991؛ إدوارد سعيد: "تعقيبات على الاستشراق"، 1996. وهومقيم في باريس، ويكتب بصفة دورية في صحيفة "القدس العربي"،لندن؛ والشهرية الفرنسية Afrique Asie، باريس.