وصف محللون صينيون زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والزيارة المماثلة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى ليبيا، واللتين فصل بينهما يوما واحدا وشملتا برنامجين متقاربين إلى حد بعيد بأنهما يفتحان المجال للتساؤل عن احتمال وجود صراع خفي على النفوذ بين فرنسا وتركيا وبعض الدول الغربية في هذا البلد الأفريقي الغني بالنفط، وفي منطقة الشرق الأوسط بوجه عام. وعن جولة أردوغان ، قال المحللون - في مقالات وتعليقات نشرت بصحيفة (الشعب) الصينية وشبكة الصين الدولية ، "إن تركيا كنموذج لدولة تجمع بين الديمقراطية والعلمانية والإسلام تعتمد على الشعبية الكبيرة لها في الدول العربية والتي زادت بعد كلمة أردوغان بالجامعة العربية والتي قال فيها، "إننا سنرى وضعا مختلفا تماما لفلسطين في الأممالمتحدة، وحان الوقت ليرفرف العلم الفلسطيني فوق المنظمة الدولية"، إضافة لمواقفه الحازمة تجاه تصرفات إسرائيل في عدة أحداث كان آخرها تعليق تركيا علاقاتها مع إسرائيل في المجالات التجارية والعسكرية وصناعة الدفاع، ما جعله يستقبل استقبال الأبطال أثناء زيارته للقاهرة وتونس. ويرى تيان ون لين الباحث في معهد الصين للدراسات الدولية، أن "توجه تركيا نحو الشرق ليس وليد اللحظة بل سبقته دلائل عدة، مشيرا إلى أن أنشطة تركيا المتزايدة في شئون الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة ومناصرتها العلنية للقضية الفلسطينية ومنتديات التقريب بينها وبين الدول العربية ودعمها لإيران في قضيتها النووية إضافة إلى تعزيز أواصر التعاون مع دول المنطقة في مجالات الطاقة والتجارة والاقتصاد، وكلها دلائل تصب في هذا الاتجاه". وعزا تيان، زيارة أردوغان وتركيز سياسة تركيا الخارجية نحو الشرق إلى عوامل عدة، من بينها كما قال "النمو الاقتصادي السريع الذي شهدته تركيا في الأعوام الأخيرة وعدم نجاح مساعيها بالانضمام إلى لاتحاد الأوروبي حتى الآن، إضافة إلى أن "الربيع العربي" أتاح لها فرصة نادرة لتعزيز مكانتها في المنطقة ويرى المحللون الصينيون أن القادة الأتراك خلال مساعيهم لتوثيق التعاون مع العرب ودعم القضية الفلسطينية عليهم أن ينظروا بعين الاعتبار إلى ردود فعل أمريكا وأوروبا على المدى البعيد"، لكنهم قالوا إن "مواقف تركيا تتناغم مع الحكومات القادمة في مصر وتونس وليبيا، كما أن النظام التركي الديمقراطي الذي يفصل بين الدين والدولة، يجعل منها نموذجا جذابا للحكومات الجديدة في البلدان الثلاثة". ومن جانبه ، قال تشنغ دونغ تشاو الباحث بمعهد الصين للدراسات الدولية، إن "التحرك التركي نحو الشرق في هذا التوقيت الحساس يمكن أن يفرض ضغطا على إسرائيل والغرب لإيجاد مخرج عادل للنزاع العربي - الإسرائيلي المستمر منذ عقود، لكنه قال إن "تركيا لم تدر وجهها من الغرب إلى الشرق كما أنها لم تغير استراتيجيتها الخارجية مع الاتحاد الأوروبي ولا حتى أمريكا ، إنما يمكن القول إنها صححت مسار استراتيجيتها الخارجية ب"الاتجاه إلى الشرق" بدلا من الميل المطلق نحو الغرب لحماية مصالحها الوطنية". ويعتقد تشنغ أن سياسات تركيا الخارجية المعدلة نحو الشرق الأوسط تتفق مع رغبتها في الانضمام للاتحاد الأوروبي وتساعدها في ترجيح كفتها في التفاوض مع الكتلة، فبالرغم من أن تركيا أصبحت حاليا عضوا فاعلا في عدد من المنظمات الإسلامية مثل منظمة المؤتمر الإسلامي وترتبط بعلاقات استراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها مازالت عضوا فاعلا في العديد من المنظمات الغربية مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنظمة الأمن والتعاون الاقتصادي الأوروبية وغيرها وعن تزامن زيارة رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون مع زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي .. قال المحللون الصينيون إن ساركوزي هو من تصدر المشهد باعتباره أول رئيس دولة يزور ليبيا بعد سيطرة الثوار على طرابلس واختفاء العقيد معمر القذافي عن الأنظار .. موضحين أن فرنسا كانت أولى الدول التي اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي، وهى أول من قاد الجهود الدولية لاستصدار قرار من مجلس الأمن ضد نظام القذافي. وأضافوا أنه رغم وجود علاقات بين تركيا وفرنسا إلا أن موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي يبقى موضوعا خلافيا، حيث تعارض فرنسا دائما انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ، لكنها تتحدث عن شراكة مميزة معها. من ناحية آخرى نقلت وكالة الأنباء الصينية في تقرير عن زيارة أردوغان وساركوزي وكاميرون عن المحلل السياسي الليبي عمر سليمان "إن الغرب يمتلك نظرية تختلف دائما عن نظريات العرب ودول العالم الثالث مفاداها أن الاقتصاد هو الذي يتحكم في السياسة، ولذلك عندما دخلنا في ربيع الثورات العربية كان الغرب يرسم في علاقات اقتصادية، ولذا حاول أن يضع قدما قبل أن تصل إحدى الدول الإسلامية الكبيرة إلى المنطقة". وأضاف المحلل الليبي بالقول أنه "بمنطق السياسة دخل ساركوزي التاريخ الليبي كشخصية محررة بالنسبة لنا"، وهو ما حاول أردغان تعويضه بمخاطبة الليبيين أمام ضريح شيخ الشهداء في ليبيا عمر المختار، وتعهده بدعم ليبيا دون النظر إلى أي مصالح .. محذرا من الألاعيب والأكاذيب الخارجية". من جانبه قال رئيس جامعة (قاريونس) السابق عطية الفيتوري إن "قيام فرنسا بإحراز السبق دائما في الملف الليبي لا يعني الحصول على أفضلية في التعامل في ليبيا، معربا عن اعتقاده أن ليبيا لن تعطي عقودا لفرنسا بتكاليف أعلى من شركات في دول آخرى، مستبعدا وجود صفقات خفية لأن المجلس الانتقالي هو مجلس مؤقت لن يستطيع أن يوقع عقود بمليارات الدولارات في هذه الفترة المؤقتة المحددة لإصلاح بعض الأوضاع