طالب الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، بتعجيل نقل السلطة من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية منتخبة من الشعب وفق الجدول الزمني الذي حدده الإعلان الدستوري، حتى تعود السلطة للشعب ويتحقق الاستقرار. كما دعا بديع إلى احترام إرادة الشعب وخياراته وعدم الالتفاف أو الافتئات عليها، والنزول على مبادئ وقواعد الديمقراطية في إدارة الاختلافات الفكرية والسياسية، بعيدا عن التعالي والانفراد أو التخوين والإقصاء". جاء ذلك فى كلمته التى ألقاها فى الإفطار السنوى الذى أقامته الجماعة اليوم وحضره رموز من القوى السياسية أبرزهم نائب رئيس الوزراء الدكتور على السلمى، ودعا إلى التعاون فى بناء دولة المؤسسات التى تحترم الدستور والقانون وتكفل كل الحقوق لكل أبناء هذا الشعب، وفي مقدمتها حق المواطنة وحرية الاعتقاد، وتعمل على تضافر كل الجهود والطاقات من أجل إعادة بناء ما أفسده النظام السابق على مدار عشرات السنين، بعيدا عن محاولات الإقصاء أو تصيُّد الأخطاء أو تبادل الاتهامات أو المزايدات والإغراق في جدالات لا يبنى عليها عمل، ومن شأنها أن توغر الصدور وتفرق الصفوف. وشدد فى هذا الصدد على ضرورة نبذ الخلافات الأيدلوجية والسياسية؛ وحشد طاقات الأمة بمختلف تياراتها حول المتفق عليه، والاشتغال بما يهم الشعب، والسعي المشترك لإيجاد حلول عملية للمشاكل اليومية للأمة من فقر وبطالة وعنوسة، وتدني مستوى التعليم، وضعف مستوى الخدمات العامة، وارتفاع نسبة الأمراض، والركود الاقتصادي والسياحى. وطالب بعدم إقصاء أي فصيل أو تيار أو اتجاه، أو التقليل من شأنه أو دوره في الثورة المصرية المباركة. وقال إن الإخوان شاركوا، سائر القوي الوطنية الحرة فى الثورة منذ بدايتها، وحتى الآن، تحت شعار "إننا مع شعبنا وأمتنا لا نتقدم عليه ولا نتأخر عنه"، مشيرًا إلى تحملهم بكل شجاعة وإيمان ما وقع عليهم من ظلم النظام المستبد البائد الذي قام باعتقال ما يزيد على أربعين ألفًا من الإخوان في الثلاثين سنة الماضية. وشدد بديع على أن الإخوان لا يمنون بهذا على أحد، ولا يطلبون عليه جزاء ولا شكورا، ولكنه واجبهم الشرعى والوطنى قدموه إرضاءً لله وحبًّا لوطنهم وشعبهم. ورأى أنه لا سبيل أمام المصريين، إلا التعاون في العبور بالوطن إلى المستقبل المستقر الزاهر الآمن، والتسابق في وضع البرامج والآليات التي تعينهم على الخروج من هذه المرحلة الانتقالية بسلام وأمان. وتوجه لله بالدعاء لشهداء الثورة، وقدم التحية لمصابيها، كما حيا الثوار الأحرار من رجال ونساء مصر، وجيش مصر العظيم، الذي ساند الشعب وأيَّد ثورته وانحاز لمطالبه ودعمه منذ اليوم الأول للثورة العظيمة وحتى الآن. وقال إن الاحتفال بشهر رمضان الكريم هذا العام له طعمًا متميزا ومذاقًا مختلفًا عن ذي قبل، مشيرا إلى أنه أول رمضان بعد سقوط الاستبداد الذي جثم على صدر الوطن لعشرات السنين، فحرم المصريين من أبسط حقوقهم، وتسبَّب بسياساته الخاطئة وعناده الدائم في إفقار البلاد وإفساد العباد. وأضاف "أن رمضان الحرية هذا العام يأتي ليبثَّ فينا روح الأمل لبناء نهضة وطننا وامتنا ، مغلِّبين صالح هذا الوطن على المصالح الحزبية والفئوية الخاصة، متحلين بروح ثورة يناير المباركة وقيمها، وعلى رأسها وحدتنا التي كانت وستبقي باذن الله سر قوتنا وانتصارنا، كأفراد وجماعات وأحزاب وهيئات، فجميعنا مصريون لنا ذات الحقوق وعلينا ذات الواجبات، ونعمل جميعًا علي احترام إرادة الشعب وخياراته وعدم الالتفاف أو الافتئات عليها، والنزول على مبادئ وقواعد الديمقراطية في إدارة الاختلافات الفكرية والسياسية، بعيدا عن التعالي والانفراد أو التخوين والإقصاء". ولفت إلى أن مصر عاشت على الدوام ملكا لكل المصريين بكل انتماءاتهم وتوجهاتهم- مسلمين ومسيحيين- في وحدة وطنية جامعة، كان الدين بما يحمل من الأخلاق ومبادئ الحق والعدل وقيم الإخاء الإنساني، الدافع الأكبر للتعايش السلمي، والحامي الأعظم من الفتن الطائفية أو المذهبية، وفشل كل المتآمرين على هذا الوطن في اللعب بالورقة الطائفية أو تمزيق هذا النسيج الوطني المحكم، وقدم المصريون جميعا في ميدان التحرير ملحمة إنسانية رائعة، تتابع فيها صوت القداس المسيحي بصلاة الجمعة الإسلامية، ولأول مرة في التاريخ يقول الخطيب في خطبة الجمعة: أيها المسلمون والمسيحيون. وقال إن هذا يوجب على الجميع الحفاظ على هذه الروح الوطنية الجامعة، والتعاون لبناء صف وطني متماسك عصي على مؤامرات التمزيق والفتنة، مجددا دعوة الإخوان إلى وحدة الصف الوطني والتعاون في كل المجالات للنهوض بالوطن، حتى تستعيد مصر مكانتها المستحقة التي أهدرها وقزّمها النظام السابق. ورأى أن مصر الثورة قد تغيرت عن ذي قبل، ولن تعود أبداً بإذن الله للعب الدور القديم الذي كان يقوم به النظام البائد الذي قزمها وقلص دورها الإقليمى والدولى، ولن تقبل تدخلاً خارجيًّا في شئونها ولا إملاءات لأي جهة أو لأية قوة مهما كانت، قائلا "ولعل العالم كله يدرك الآن أن مصر الثورة ماضية في استعادة مكانتها بإذن الله بغير عدوان علي أحد، ونمد أيدينا بالسلام لكل دول العالم". وأضاف أن تغييرًا كبيرًا قد حدث فى مصر على كل الأصعدة، وإن الأمة الأمة أصبحت صاحبة الكلمة العليا، ولن تسمح بأن تكون مصر تابعةً لأي قوة خارجية، وسيكون لمصر بإذن الله موقفها وقرارها الوطني الخالص في جميع قضايا أمتها العربية والإسلامية، وعلى رأسها قضية فلسطين أرض العروبة والإسلام ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، حتى يتم تحريرها، وحتى يرفرف علم فلسطين المستقلة في ربوع القدس الشريف عاصمة الدولة الفلسطينية الحرة.